وتمسك ترامب بالرسوم الجمركية على الرغم من مقاومة زملائه الجمهوريين ودول أخرى كانت قد تعهدت بالردّ عبر فرض رسوم من جانبها.
ومضى ترامب يوم الخميس، قدماً في فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب و10% على الألمنيوم، لكنه استثنى كندا والمكسيك على نحو يمثل تراجعاً عن تعهداته السابقة بفرض الرسوم على جميع الدول، في وقت يمكن لدول أخرى أن تتقدم بطلبات للحصول على استثناءات.
وينظر المستثمرون للإعلان على أنه نسخة مخففة من الخطط الأولى. لكن المستثمرين قلقون من أن تكون هذه الخطوة الشرارة الأولى لنزاع تجاري أوسع نطاقاً قد يثير ردود أفعال انتقامية.
وقال ديفيد كوتوك رئيس مجلس إدارة "كمبرلاند أدفيسورز" في ساراسوتا بولاية فلوريدا، ورئيس إدارة الاستثمار بها إن "من الجيد أن نرى استثناء لكندا والمكسيك. ومن الجيد أيضاً أن ترى بعض المرونة مع الآخرين، مسألة الرسوم والحصص والحدود بأكملها لا تزال مقلقة. لا أحد يربح في حرب تجارية".
وكان من شأن احتمال امتداد آثار إجراءات ترامب وتحولها إلى حرب تجارية أوسع نطاقاً إحداث ضبابية لدى مستثمري الأسهم، في وقت يشعرون بالقلق بعد تصحيح سريع بلغت نسبته 10% الشهر الماضي أدى إلى زيادة التقلبات في بيئة التداول.
وقد يكون من شأن اتساع دائرة التصعيد إلى حرب تجارية أن يؤدي إلى تقلص توقعات النمو وتقييمات الأسهم وفقاً لما يراه خبراء في "يو.بي.إس".
وقال مايكل أورورك رئيس استراتيجية السوق لدى "جونز تريدينج" في "غرينتش" بولاية كونيتيكت: "لقد عدلها قليلاً، لكنها تظل رسوماً جمركية. وما زلنا نسير في الاتجاه الخاطئ من ناحية السياسات إذا كنت مؤمناً بالعولمة وينصب تركيزك على الأسواق".
وبالنظر إلى الرسوم الجمركية في حد ذاتها بعيداً عن أي عوامل أخرى، فإن خبراء الأسواق يرون أن أثرها محدود في المجمل. لكن الاحتمالات التي تثيرها الرسوم الجمركية ضغطت على الأسهم في قطاعات بعينها، مثل الشركات العاملة في تصنيع الآلات وصناعة السيارات بسبب احتمال أن تتسبب في زيادة تكاليف إنتاج تلك الشركات.
أحد ردود أفعال المستثمرين كان التحول إلى أسهم الشركات الأميركية الصغيرة التي تركز أكثر على السوق المحلية. ومنذ 28 فبراير/ شباط، وهو اليوم الذي سبق إعلان ترامب للمرة الأولى بشأن الرسوم الجمركية، ارتفع المؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة نحو 4% مقارنة بصعود بنسبة 1% تقريباً للمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"؛ وهو مؤشر رئيسي للشركات الكبيرة ويحفل بالشركات المتعددة الجنسيات.
وكانت تسببت مساع للحماية التجارية من جانب الولايات المتحدة في تراجع الدولار.
وأدت رسوم جمركية فرضها الرئيسان جورج دبليو بوش وبيل كلينتون في عامي 2002 و1995 إلى انخفاض الدولار 15%، وفقاً لتقديرات "تي.دي سيكوريتيز"، على رغم أن هناك عوامل أخرى أثرت سلباً على العملة الأميركية خلال الفترتين.
وكان محللون قالوا إن الخطر الأكبر على الدولار يأتي من احتمال خروج تدفقات رأسمالية. ويقول محللون إنه إذا تراجع الإقبال على المخاطرة بشكل كبير، قد يفوق هذا أي ميزة قصيرة الأجل للدولار في الأسواق الناشئة كرهان ملاذ آمن.
وانخفض الدولار مقابل معظم العملات بعد الإعلان الأول بشأن الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، وتراجع مقابل الين لأدنى مستوى في أكثر من عامين. وارتفع الدولار 0.5% مقابل سلة عملات أمس الخميس بفعل مشاعر الارتياح الناتجة عن كون الرسوم أقل مما كان يخشاه المتعاملون من قبل.
أما بالنسبة لسوق السندات الأميركية، فإن التأثير المحتمل أقل وضوحاً مقارنة مع بقية فئات الأصول، ومن المرجح أن يتوقف على الكيفية التي تؤثر بها القيود التجارية على الاقتصاد.
ومن الممكن أن يعزز فرض رسوم جمركية واسعة النطاق الضغوط التضخمية، ما قد يزيد احتمال إجراء زيادات أخرى في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) والتأثير سلباً على السندات.
كما قد تُغضب القيود التجارية شركاء تجاريين مثل الصين، وهي من كبار حائزي أدوات الخزانة الأميركية. وقد يقود هذا بدوره الصين إلى تقليص مشترياتها من سندات الخزانة أو حتى التخلي عن حيازتها كإجراء انتقامي، على رغم أن محللين يرون أن احتمال حدوث هذا الأمر ضعيف.
وكان تحرك السندات بعد أحدث أنباء بشأن الرسوم الجمركية انعكاساً لكونها ملاذاً آمناً بشكل كبير للمستثمرين القلقين من تقلبات الأسهم مع ارتفاع في العائدات قابله بالتزامن انخفاض في أسعار الأسهم.
(رويترز)