شرح وزير المالية الفرنسي برونو لو مير الأحد، موقف بلاده من الأزمات الاقتصادية العالمية التي تحصل، وفي مقدمها الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، والاتفاق الأميركي الصيني بشأن تخفيض العجز التجاري، بالإضافة إلى موقف الحكومة الإيطالية الجديدة ومستقبل الاتحاد الأوروبي.
إيران والاتفاق النووي
وقال الوزير في حديث مشترك مع تلفزيون "سي نيوز" وإذاعة "أوروبا 1"، اليوم الأحد، إن بلاده تنظر فيما إذا كان بمقدور الاتحاد الأوروبي أن يعوّض الشركات الأوروبية التي قد تواجه عقوبات من الولايات المتحدة بسبب تعاملها مع إيران.
وأشار إلى قواعد الاتحاد الأوروبي التي يرجع تاريخها إلى عام 1996، والتي قال إنها قد تسمح للاتحاد بالتدخل بهذه الطريقة لحماية الشركات الأوروبية من أي عقوبات أميركية، مضيفا أن فرنسا تريد من الاتحاد أن يشدد موقفه في هذا الصدد.
وفي عام 1996، حين حاولت الولايات المتحدة فرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تجري معاملات تجارية مع كوبا، أجبر الاتحاد الأوروبي واشنطن على التراجع بالتهديد بعقوبات انتقامية.
وتواجه الشركات الأوروبية التي تجري أنشطة مع إيران عقوبات من الولايات المتحدة بعدما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015.
وتساءل لو مير "هل سنسمح للولايات المتحدة بأن تكون الشرطي الاقتصادي للعالم؟ الإجابة لا".
الاتفاق الصيني الأميركي
وفي إطار الاتفاق الذي توصلت إليه أميركا والصين، حذر لو مير من أن أوروبا قد تدفع الثمن في حال إبرام اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة، وذلك بعد حل خلافاتهما على ما يبدو.
وقال الوزير أثناء البرنامج، إنه "قد يحصل الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين على حساب أوروبا إذا لم تكن أوروبا قادرة على إظهار الحزم".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تريد أن تدفع أوروبا والبلدان الأوروبية ثمن سوء تصرفات الصين. وهذا مناف للمنطق وغير مفهوم إطلاقا بالنسبة لحلفاء".
وقبلت الصين بمبدأ خفض العجز التجاري الأميركي تجاهها. وأعلنت بكين وواشنطن، السبت، التوصل إلى تفاهم لاتخاذ تدابير من أجل خفض عجز الولايات المتحدة في مجال تبادل السلع مع الصين إلى حد كبير".
وفي السياق، قال وزير الخزانة الأميركي، ستيف منوشن، الأحد، إن بلاده قررت "تعليق الرسوم الجمركية على البضائع الصينية"، غداة إعلان "توافق" بين البلدين للحد من العجز التجاري الأميركي.
وأضاف لشبكة "فوكس نيوز" الإخبارية أن الولايات المتحدة والصين "وافقتا على إطار بهدف التوصل إلى اتفاق"، مؤكدا أن "الخطابات الحالية تعلق احتمال نشوب حرب تجارية".
ويسعى الاتحاد الأوروبي عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص إلى الحصول على إعفاء نهائي من الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على واردات الصلب والألمنيوم، وهدد في مناسبات عدة بفرض رسوم مقابلة في حال استمر فرض الرسوم الأميركية.
ولفت وزير المالية الفرنسي، إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون "كان واضحا جداً: لا يمكن القيام بأي شيء ما لم يحصل إعفاء نهائي وتام من الرسوم الأميركية".
وصدّر الاتحاد الأوروبي ما قيمته 5.3 مليارات يورو من الصلب، و1.1 مليار يورو من الألمنيوم إلى الولايات المتحدة في 2017.
إيطاليا ومستقبل الاتحاد
وفي سياق منفصل، اعتبر أن من المهم أن تلتزم إيطاليا بتعهداتها الخاصة بموازنة الاتحاد الأوروبي، في ضوء خطط الحكومة الائتلافية الجديدة في إيطاليا الرامية لزيادة الإنفاق، وهو ما قد يثير خلافا بين روما والاتحاد الأوروبي.
وحذّر من أن استقرار منطقة اليورو سيكون "مهدداً" إذا لم تحترم الحكومة الشعبوية الجديدة في إيطاليا التزاماتها المالية.
وأضاف أن "الجميع في إيطاليا عليهم تفّهم أن مستقبل إيطاليا في أوروبا وليس في مكان آخر، وإذا كان المستقبل في أوروبا، فإن هناك قواعد يجب أن تحترم".
وأوضح لو مير أن تعهدات الحكومات الإيطالية السابقة يجب أن يتم الوفاء بها "أيا كانت الحكومة" التي تدير البلاد.
وتحرص بروكسل على مواصلة إيطاليا جهود خفض دينها الكبير بالتوافق مع القواعد الأوروبية، لكنها تشعر بالقلق حيال سعي الحكومة الإيطالية الجديدة لزيادة الإنفاق العام.
ويتوقع الاتحاد الأوروبي أن يبقى الدين الإيطالي العام عند 130 % من إجمالي الناتج الداخلي هذا العام، وهو ما يمثل أكثر من ضعف الحد الأقصى الذي يحدده الاتحاد والبالغ 60%.
ودعت حركة "5 نجوم" الإيطالية المعارضة للمؤسسات والرابطة اليمينية المتطرفة، اللتين تستعدان لتشكيل حكومة ائتلافية، إلى إجراء تغييرات كبيرة في علاقة إيطاليا مع الاتحاد الأوروبي على ما جاء في برنامج مشترك لائتلافهما الحكومي نشر الجمعة.
ودخلت إيطاليا، إحدى الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي، في أزمة سياسية بعد الانتخابات التشريعية التي لم تسفر عن نتيجة حاسمة في 4 مارس/آذار الفائت.
ولم يعد "عقد الحكومة" الائتلافية يتحدث عن الخروج من منطقة اليورو، لكنه يرفض بحزم التقشف ويراهن على سياسة نمو لخفض الدين العام الإيطالي الهائل.
كما يتحدث عن إجراء "مراجعة مع الشركاء الأوروبيين، في إطار الحوكمة الاقتصادية"، بما في ذلك العملة الواحدة "للعودة إلى حالة الأصول التي كانت فيها الدول الأوروبية مدفوعة بنيّة صادقة من أجل السلام والأخوة والتعاون والتضامن".
(العربي الجديد)