لأي عصر تجهز ابنك؟ لعصره أم لعصرك أم لقرن مضى؟
لماذا يرى الخبراء أنك تجهز ابنك لعصر الثورة الصناعية بينما سيعيش هو عصر الابتكار...
إذا كان ابنك أو ابنتك ممن ولدوا حول بداية هذه الألفية أو بعدها فإنهم ينتمون إلى جيل جديد يُختلف حول تسميته وتعد التسمية الأشهر والأكثر شيوعا هي الجيل Z.
يعرف أيضاً هذا الجيل بجيل وي Wii (في إشارة إلى الاسم التجاري في عالم الألعاب) وباسم المواطنين الرقميين وiGeneration إضافة إلى أسماء أخرى. وأياً كان الاسم فإن هناك العديد من الدراسات والتوقعات حول حياة هذا الجيل كما يجري الاستعداد لاستقبالهم في عالم الأعمال في وقت قريب.
اقرأ أيضا:تعليم العقل... اليد... والروح
ابنك وسوق العمل
تشير العديد من الكتابات إلى طبيعة حياة الأعمال التي سيتعامل معها هذا الجيل وما تمثله من انعكاس على المهارات المطلوبة بالنسبة لهم ليتمكنوا من إيجاد فرصتهم في سوق العمل. فبينما سيتعرض هذا الجيل لأشكال أكثر مرونة وشبكية من المؤسسات والمنظمات وكذلك لعلاقات عمل أكثر تفتتاً وأعلى ديناميكية ربما تختفي معها علاقة صاحب العمل والموظف المعروفة، سيحتاج هذا الجيل إلى مهارات الإبداع والابتكار أكثر من أي جيل مضى.
ويطرح العديد من خبراء الأعمال أن انتشار المعرفة وسهولة الوصول إليها ستقلل من أهمية تحصيل المعرفة وسنوات الخبرة كعوامل أساسية للاختيار والتقييم، بينما ستصبح القدرة على الوصول إلى حلول إبداعية واحدة من أهم مقومات العمل والتقييم في هذا السوق. كيف يمكنك الوصول إلى حلول إبداعية؟ وأي من هذه الحلول يمكن تكراره والاستفادة منه وما هو مستوى مراعاتها للترشيد في استهلاك الموارد. ستصبح هذه هي المعايير الأهم.
كل هذا سيمثل تحدياً أمام هذا الجيل الصاعد. لماذا؟
يجيبنا عن هذا التساؤل، توني واغنر، المدرس السابق والخبير في معمل هارفارد للابتكار والذي قام بعمل دراسة تضمنت لقاءات مع مبتكرين في العشرين من عمرهم، تلتها لقاءات مع والديهم والمدرسين والموجهين الأكثر تأثيراً في حياتهم للوقوف على تأثير أنماط التعليم والتربية على تنشئة المبتكرين، وكان مما خلص إليه أن نظام التعليم المعروف في الولايات المتحدة الآن يتعارض بشكل جذري مع ثقافة التعلم التي من شأنها المساعدة على توليد المزيد من المبتكرين.
وقد أجمل واغنر أسباب هذا التعارض في 5 أساليب أساسية يعارض بها التعليم حالياً (في أمريكا حيث كانت الدراسة) النمط المرغوب لتشجيع ثقافة الابتكار.
وكان أول هذه الأسباب هو أن "التعليم يعلي من قيمة الإنجاز الفردي" بينما الابتكار يركز على العمل الجماعي حيث مشاكل اليوم من التعقيد بمكان أن تبتكر لها حلولاً بمفردك.
وأضاف واغنر أن التركيز على التخصص وتشجيعه هو ثاني أهم هذه المشكلات، إذ أن الابتكار يتضمن الانتقال بحرية بين العديد من المجالات والجمع بينها لإيجاد الحل المطلوب، وذكر في هذا الإطار تعليقاً لمدير التوظيف في غوغل والذي قال له "إن كان هناك ما يتحتم على المسؤولين في مجال التعليم استيعابه فهو أنه لن يمكنك أبداً فهم أية مشكلة ولا بالطبع حلها في إطار الحواجز القاطعة بين الفروع المختلفة للعلوم".
اقرأ أيضا:تعليم ابني.. هكذا اتخذت قراري
الابتعاد عن المخاطرة
ثم يأتي واغنر لأحد أهم الأسباب وأكثرها أهمية وهو "ترسيخ ثقافة الابتعاد عن المخاطرة"، فبينما يقوم الابتكار على التعود على المخاطرة والتعلم بالتجربة والخطأ وأنه عليك أن تفشل مبكراً وتفشل أسرع حتى تصل إلى الحل، في المقابل تقوم منظومة التعليم على الانصياع وأنه على الطالب أن يتماشى مع ما يريده المدرس ويتماشى المدرس مع ما يريده الموجه والموجه مع اتجاهات المنظومة.
يضيف واغنر في دراسته سبباً رابعاً يحول بين تطوير جيل المبتكرين وهو حول "تركيز نظام التعليم على التلقي" ففي حين تركز عملية الابتكار على الإنشاء والتكوين والبناء، يتعلم الطفل طيلة سنين حياته أن عليه استهلاك المعرفة وتلقيها بدلاً من إنشائها.
ويأتي السبب الأخير في هذا التعارض بقيام منظومة التعليم بإعلاء شأن الحوافز المادية كأسس للتعليم بينما المبتكرون دوماً ما تحركهم حوافزهم ودوافعهم الداخلية. فنظم الدرجات والتقييم ليست هي المحفز الأمثل للمبتكرين في حين لا تتم تنمية الفضول والرغبة في الاستكشاف وإحداث التأثير والتغيير في العالم والتي تتوفر لدى كل مبتكر حاوره واغنر.
والحقيقة أن هناك عوامل أخرى تمثل بها نظم التعليم الحالي تعارضاً واضحاً مع ما يحتاجه السوق من ثقافة تدعم بناء المزيد من رواد الأعمال والمبتكرين. فبينما يعتاد الطالب على وجود إجابة صحيحة يعرفها غيره ويحاول الوصول إليها، يواجهه الواقع لاحقاً بالعديد من الأسئلة التي لا يعرف الإجابة الصحيحة عليها، بل وربما لا يمكنه التثبت من صحة إجابته إلا بعد سنوات من تجربة ما يطرحه من ابتكار.
هذا كله يعني أن نظم التعليم والتنشئة المجتمعية لا تقف عند حدود عدم الإسهام في تنشئة المبتكرين ولكنها تعارض ما يمكن أن يتم من جهود في دوائر موازية مما يعني أن هذه المنظومات تزيد من حدة التحدي الذي سيواجه هذا الجيل وتزيد من حجم الفجوة التي أمامه. وقد كتب سث جودن كتاباً رائعاً يتعرض فيه لهذا الأمر بتفصيل أكثر واختار له العنوان "توقفوا عن سرقة الأحلام: لماذا المدرسة؟".
اقرأ في الملف:
28 فكرة لخلق بيئة ابتكار في المنزل
عبد المؤمن... كيف جعلته أمه عالماً صغيراً؟
إذا كان ابنك أو ابنتك ممن ولدوا حول بداية هذه الألفية أو بعدها فإنهم ينتمون إلى جيل جديد يُختلف حول تسميته وتعد التسمية الأشهر والأكثر شيوعا هي الجيل Z.
يعرف أيضاً هذا الجيل بجيل وي Wii (في إشارة إلى الاسم التجاري في عالم الألعاب) وباسم المواطنين الرقميين وiGeneration إضافة إلى أسماء أخرى. وأياً كان الاسم فإن هناك العديد من الدراسات والتوقعات حول حياة هذا الجيل كما يجري الاستعداد لاستقبالهم في عالم الأعمال في وقت قريب.
اقرأ أيضا:تعليم العقل... اليد... والروح
ابنك وسوق العمل
تشير العديد من الكتابات إلى طبيعة حياة الأعمال التي سيتعامل معها هذا الجيل وما تمثله من انعكاس على المهارات المطلوبة بالنسبة لهم ليتمكنوا من إيجاد فرصتهم في سوق العمل. فبينما سيتعرض هذا الجيل لأشكال أكثر مرونة وشبكية من المؤسسات والمنظمات وكذلك لعلاقات عمل أكثر تفتتاً وأعلى ديناميكية ربما تختفي معها علاقة صاحب العمل والموظف المعروفة، سيحتاج هذا الجيل إلى مهارات الإبداع والابتكار أكثر من أي جيل مضى.
ويطرح العديد من خبراء الأعمال أن انتشار المعرفة وسهولة الوصول إليها ستقلل من أهمية تحصيل المعرفة وسنوات الخبرة كعوامل أساسية للاختيار والتقييم، بينما ستصبح القدرة على الوصول إلى حلول إبداعية واحدة من أهم مقومات العمل والتقييم في هذا السوق. كيف يمكنك الوصول إلى حلول إبداعية؟ وأي من هذه الحلول يمكن تكراره والاستفادة منه وما هو مستوى مراعاتها للترشيد في استهلاك الموارد. ستصبح هذه هي المعايير الأهم.
كل هذا سيمثل تحدياً أمام هذا الجيل الصاعد. لماذا؟
يجيبنا عن هذا التساؤل، توني واغنر، المدرس السابق والخبير في معمل هارفارد للابتكار والذي قام بعمل دراسة تضمنت لقاءات مع مبتكرين في العشرين من عمرهم، تلتها لقاءات مع والديهم والمدرسين والموجهين الأكثر تأثيراً في حياتهم للوقوف على تأثير أنماط التعليم والتربية على تنشئة المبتكرين، وكان مما خلص إليه أن نظام التعليم المعروف في الولايات المتحدة الآن يتعارض بشكل جذري مع ثقافة التعلم التي من شأنها المساعدة على توليد المزيد من المبتكرين.
وقد أجمل واغنر أسباب هذا التعارض في 5 أساليب أساسية يعارض بها التعليم حالياً (في أمريكا حيث كانت الدراسة) النمط المرغوب لتشجيع ثقافة الابتكار.
وكان أول هذه الأسباب هو أن "التعليم يعلي من قيمة الإنجاز الفردي" بينما الابتكار يركز على العمل الجماعي حيث مشاكل اليوم من التعقيد بمكان أن تبتكر لها حلولاً بمفردك.
وأضاف واغنر أن التركيز على التخصص وتشجيعه هو ثاني أهم هذه المشكلات، إذ أن الابتكار يتضمن الانتقال بحرية بين العديد من المجالات والجمع بينها لإيجاد الحل المطلوب، وذكر في هذا الإطار تعليقاً لمدير التوظيف في غوغل والذي قال له "إن كان هناك ما يتحتم على المسؤولين في مجال التعليم استيعابه فهو أنه لن يمكنك أبداً فهم أية مشكلة ولا بالطبع حلها في إطار الحواجز القاطعة بين الفروع المختلفة للعلوم".
اقرأ أيضا:تعليم ابني.. هكذا اتخذت قراري
الابتعاد عن المخاطرة
ثم يأتي واغنر لأحد أهم الأسباب وأكثرها أهمية وهو "ترسيخ ثقافة الابتعاد عن المخاطرة"، فبينما يقوم الابتكار على التعود على المخاطرة والتعلم بالتجربة والخطأ وأنه عليك أن تفشل مبكراً وتفشل أسرع حتى تصل إلى الحل، في المقابل تقوم منظومة التعليم على الانصياع وأنه على الطالب أن يتماشى مع ما يريده المدرس ويتماشى المدرس مع ما يريده الموجه والموجه مع اتجاهات المنظومة.
يضيف واغنر في دراسته سبباً رابعاً يحول بين تطوير جيل المبتكرين وهو حول "تركيز نظام التعليم على التلقي" ففي حين تركز عملية الابتكار على الإنشاء والتكوين والبناء، يتعلم الطفل طيلة سنين حياته أن عليه استهلاك المعرفة وتلقيها بدلاً من إنشائها.
ويأتي السبب الأخير في هذا التعارض بقيام منظومة التعليم بإعلاء شأن الحوافز المادية كأسس للتعليم بينما المبتكرون دوماً ما تحركهم حوافزهم ودوافعهم الداخلية. فنظم الدرجات والتقييم ليست هي المحفز الأمثل للمبتكرين في حين لا تتم تنمية الفضول والرغبة في الاستكشاف وإحداث التأثير والتغيير في العالم والتي تتوفر لدى كل مبتكر حاوره واغنر.
والحقيقة أن هناك عوامل أخرى تمثل بها نظم التعليم الحالي تعارضاً واضحاً مع ما يحتاجه السوق من ثقافة تدعم بناء المزيد من رواد الأعمال والمبتكرين. فبينما يعتاد الطالب على وجود إجابة صحيحة يعرفها غيره ويحاول الوصول إليها، يواجهه الواقع لاحقاً بالعديد من الأسئلة التي لا يعرف الإجابة الصحيحة عليها، بل وربما لا يمكنه التثبت من صحة إجابته إلا بعد سنوات من تجربة ما يطرحه من ابتكار.
هذا كله يعني أن نظم التعليم والتنشئة المجتمعية لا تقف عند حدود عدم الإسهام في تنشئة المبتكرين ولكنها تعارض ما يمكن أن يتم من جهود في دوائر موازية مما يعني أن هذه المنظومات تزيد من حدة التحدي الذي سيواجه هذا الجيل وتزيد من حجم الفجوة التي أمامه. وقد كتب سث جودن كتاباً رائعاً يتعرض فيه لهذا الأمر بتفصيل أكثر واختار له العنوان "توقفوا عن سرقة الأحلام: لماذا المدرسة؟".
اقرأ في الملف:
28 فكرة لخلق بيئة ابتكار في المنزل
عبد المؤمن... كيف جعلته أمه عالماً صغيراً؟