كورونا يمنع العمالة الموسمية في روسيا

13 سبتمبر 2020
لا يستطيعون العودة إلى أذيربيجان في الوقت الحالي (موسى سالغيرييف/ Getty)
+ الخط -

ما كان لاستمرار جائحة كورونا وإغلاق الحدود الروسية مع غالبية الدول المجاورة أن يمرا دون تعطيل حركة العمالة الموسمية من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى إلى روسيا، ما يؤدي إلى ارتفاع أجور العمال الأجانب في البلاد ويهدّد اقتصاديات الدول التي تعتمد على تحويلات رعاياها من مختلف المدن الروسية.
في الداخل الروسي، أثيرت تساؤلات كثيرة حول أوضاع العمالة الوافدة في ظل تراجع الوظائف المتاحة أثناء فترة الحجر الصحي وصعوبة العودة إلى أوطانهم، وسط مخاوف من تزايد معدلات الجريمة. ووصل الأمر إلى حد تقدم الرئيس ورئيس الوزراء السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، باقتراح استنساخ تجربة الدول الخليجية في نظام الكفالة، وتحميل رب العمل المسؤولية عن أعمال موظفيه.
في هذا الإطار، توضح المحامية المعنية بالدفاع عن حقوق الأجانب، فالينتينا تشوبيك، أن جائحة كورونا شكلت ضربة موجعة للمهاجرين في بدايتها، وأدت إلى ارتفاع معدلات الأجور في مرحلة لاحقة بعد تعثر قدوم العمالة الموسمية، مقللة في الوقت نفسه من واقعية استحداث نظام الكفيل في روسيا. وتقول تشوبيك لـ "العربي الجديد": "في بداية جائحة كورونا، فقد نحو 40 في المائة من الأجانب وظائفهم. لكن استمرار إغلاق الحدود أدى إلى تعطيل حركة العمالة الموسمية وارتفاع الأجور بمقدار الضعف تقريباً. صحيح أن الروبل الروسي فقد جزءاً من قيمته أمام الدولار أثناء الجائحة، لكن ليس بنفس نسبة زيادة الأجور".

وتعطي أمثلة على ارتفاع أجور الأجانب: "ارتفع الأجر اليومي لعامل الجص من 1500 روبل إلى ما لا يقل عن 3 آلاف روبل (حوالي 40 دولاراً وفقاً لسعر الصرف الحالي)، والطباخ من 800 - 1000 روبل إلى 1500 - 2500 روبل (ما بين 20 ونحو 35 دولاراً). والسبب هو عدم قدوم نحو 2.5 ملايين من العمال الموسميين الذين كانوا سيأتون إلى روسيا في الظروف الطبيعية".
ولما كان مدفيديف قد سبق له أن اقترح خلال اجتماع حول إجراءات الأمن في فترة تجاوز تداعيات الجائحة عُقد في بداية أغسطس/ آب الماضي، الاسترشاد بتجارب الدول الأخرى في منح تصاريح العمل للمهاجرين، مستشهداً بنظام الكفيل في دول الخليج، تعلق تشوبيك على مبادرته قائلة: "هذا عبث، ومحاولة لفرض نظام العبودية، وشعبوية يتم الترويج لها بواسطة مدفيديف الذي لا محل له من الإعراب، مثلما يتم ترويجها على لسان زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي".  
ويُعرف جيرينوفسكي بمواقفه المناهضة لحركة الهجرة إلى روسيا. وسبق أن دعا في مايو/ أيار الماضي إلى فرض قيود على عودة العمال الأجانب الذين غادروا البلاد بسبب جائحة كورونا، معللاً موقفه بارتفاع نسبة البطالة و"حاجة المواطنين الروس لفرص العمل قبل غيرهم". وتدعو إلى التفرقة بين حركتي هجرة الأجانب والمجرمين، مضيفة: "يختلف الأجانب بهدف العمل اختلافاً كاملاً عن أولئك الذين حضروا أصلاً بهدف ارتكاب أعمال غير مشروعة. في المقابل، تزايدت أثناء جائحة كورونا حوادث تعرض العمال الأجانب أنفسهم للاحتيال من خلال استخراج بطاقات سفر لهم، عندما تم إغلاق الحدود في مارس/ آذار الماضي، وظل العديد من الأجانب عالقين في روسيا".
وعند إعلان إغلاق الحدود الروسية في مارس/ آذار الماضي، وجد ملايين العمال الأجانب أو الأجانب الذين قدموا إلى روسيا بحثاً عن الرزق، أنفسهم وقد فقدوا وظائفهم في ظل إجراءات الإغلاق الكلي، وتعذر عودتهم إلى أوطانهم. ووصل الأمر إلى حد بقاء الآلاف منهم عالقين في مناطق الترانزيت في المطارات الروسية لفترات طويلة. 

وعلاوة على ذلك، يزيد تعطل قدوم الأجانب إلى روسيا من متاعب الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى التي تشكل التحويلات من الخارج جزءاً أساسياً من ناتجها المحلي الإجمالي. وتشير أرقام المصرف المركزي لجمهورية أوزبكستان، مثلاً، إلى تراجع التحويلات من الخارج بنسبة 7 في المائة، لتبلغ نحو 3 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري.  
وسجلت قرغيزستان، التي تعد واحدة من أفقر الجمهوريات السوفييتية السابقة، هي الأخرى تراجع التحويلات من الخارج إلى أدنى مستوى منذ خمس سنوات، لتبلغ نحو 700 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، بحسب أرقام لجنة الإحصاء الوطنية، و97 في المائة منها تحويلات الأجانب من روسيا. وبلغ انهيار التحويلات من روسيا ذروته في إبريل/نيسان الماضي، حين لم يتم تحويل سوى 76.3 مليون دولار إلى قرغيزستان، في مقابل نحو 200 مليون دولار في الشهر ذاته من عام 2019.  

المساهمون