25 اغسطس 2020
+ الخط -

يخشى الفلسطينيون في قطاع غزة تدهور الأوضاع الإنسانية غداة إعلان اكتشاف إصابات محلية بفيروس كورونا، ما استدعى فرض حظر تجول لمدة 48 ساعة، وفاقم الوضع في البقعة التي تعاني أصلاً الحصار والقصف.

وكان القطاع قد سجل حتى مساء الإثنين، 109 إصابات بالفيروس المستجد، جميعها تخضع للحجر الصحي في المراكز التي أقيمت في القطاع. وسجل أول تفشٍ محلي للفيروس في مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع، لدى أربعة أفراد من عائلة واحدة.

وأعلن الثلاثاء عن إصابة جديدة داخل أحد مراكز الحجر الصحي، ليرتفع مجمل الإصابات إلى 114. وبدأ مئات من عناصر حركة "حماس" التي تدير القطاع، فجر الثلاثاء الانتشار في الشوارع مقيمين الحواجز لضمان تطبيق قرار حظر التجول. وهي المرة الأولى التي يفرض فيها حظر التجول في القطاع منذ تولي الحركة الإسلامية الحكم في العام 2007.

وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية إياد البزم في مؤتمر صحافي، أن حظر التجول يشمل "مقار العمل الرسمية والخاصة والمؤسّسات التعليمية، والمساجد وصالات الأفراح والنوادي، كما يقضي بمنع التجمّعات بدءاً من ليل الثلاثاء".

وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، إن قرار فرض حظر التجول يهدف إلى "ضمان سلامة المجتمع وعدم تفشي فيروس كورونا بسبب الاكتظاظ السكاني وسرعة انتقال العدوى". وطالب القدرة المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية بالعمل على "توفير الأدوات اللازمة للفحص وأجهزة التنفس والأدوية التي يحتاج إليها القطاع".

ويعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، تتجاوز نسبة الفقر بينهم وفق الخبراء، 53 في المائة. وشهد هذا العام ارتفاعا في محاولات الانتحار بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ووثق مركز الميزان لحقوق الإنسان 17 حالة انتحار خلال النصف الأول من العام الجاري.

وفي ساعة متأخرة من ليل الإثنين، اصطفّ آلاف المواطنين أمام المخابز لشراء الخبز، وفي محال السوبرماركت للتزود بالمواد الغذائية. وبين هؤلاء، كان أدهم فارس الذي ترك منزله بشكل "مفاجئ".

وقال فارس: "كنا في البيت وأصبحت هناك حالة من التوتر بشكل مفاجئ، انتظرنا التصريح الرسمي من وزارة الصحة"، مضيفاً: "وضعت كمامة وذهبت لشراء الخبز، يجب أخذ الاحتياطات لأن الحظر سيستمر 48 ساعة".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

والثلاثاء، خرج سعيد محمدين (30 عاما) لشراء الأدوية لطفلته ليجد جميع الصيدليات مغلقة وفق ما صرح به لوكالة "فرانس برس". لكنه بدا راضيا عن هذه الإجراءات إذ قال: "هذا مطمئن، تجب محاصرة المرض". وبدا أمين عوض (24 عاما) مقتنعا بأن عدم الالتزام يعني وقوع "كارثة". وقال: "سيؤدي عدم الالتزام بإجراءات الحظر إلى تفش سريع للمرض ووقوع كارثة حقيقية لا مثيل لها في العالم، وخصوصا أن القطاع أصلا يعاني أزمات عدة".

أما الشاب العشريني حمدان أبو عاصي، فتقطعت به السبل الثلاثاء بعد فشله في إيجاد سيارة أجرة تقله إلى المستشفى لإجراء الفحوص الطبية "الضرورية". وقال: "لا مياه ولا كهرباء، إذا جلسنا في البيت نختنق من الحر والرطوبة، والآن مع منع التجول تبدو الحياة معدومة" في القطاع.

من جهته، أمل ماهر العمصي، وهو صاحب شركة لبيع الأجهزة الإلكترونية، "ألا تطول فترة الحظر لأن البلد لا يحتمل مزيدا من المعاناة".

ويستطيع الفلسطينيون الخروج من قطاع غزة عبر معبرين، معبر إيريز نحو إسرائيل، ومعبر رفح عند الحدود مع مصر. وأغلقت المعابر الحدودية بشكل شبه كلي منذ آذار/مارس الماضي بسبب تفشي فيروس كورونا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، الأمر الذي فاقم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وسمح للفلسطينيين الراغبين في العودة من الخارج بدخول القطاع، مع التزامهم الحجر الصحي في مراكز محددة. وفاقم من الأوضاع في القطاع المحاصر، القصف المتبادل بين حركة حماس وإسرائيل، والمستمر منذ السادس من الشهر الجاري إثر إطلاق بالونات حارقة من القطاع نحو الدولة العبرية.

وأعلن جيش الاحتلال الثلاثاء، شن ضربات جديدة على مواقع لحركة "حماس" في قطاع غزة، رداً على إطلاق بالونات متفجرة وحارقة. وقال المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم، في بيان إن "القصف الصهيوني على القطاع (...) هو امتداد للعدوان والحصار وإجراءات الإغلاق المشددة، رغم حالة الطوارئ التي يعيشها القطاع لمواجهة جائحة كورونا ويعكس السلوك الهمجي للعدو".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وكانت إسرائيل قد فرضت عقوبات على القطاع بسبب استمرار إطلاق البالونات الحارقة والصواريخ باتجاه أراضيها. وأغلقت معبر كرم أبو سالم، كما أغلقت البحر أمام الصيادين، ومنعت إدخال إمدادات الوقود. وأعلنت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع توقف عملها، بسبب منع إسرائيل توريد الوقود. وفي وقت متأخر ليل الإثنين-الثلاثاء، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مقتل أربعة من عناصرها في انفجار "عرضي" وقع شرق مدينة غزة.

(فرانس برس)

المساهمون