وطبقاً للباحثين، فإنّ الدراسات العميقة التي أجريت على البنية الوراثية للفيروس، أظهرت في ما يبدو أنّ الفيروس قضى فترة زمنية ليست ببسيطة لدى الخفافيش والبنغولين قبل أن يصل إلى البشر.
وقال الباحثون في دورية "كوفيد 19 ساينس أدفانسز" إنّ فحصاً أقرب للفيروس وجد أنّه منتشر بين الخفافيش، لكنّه يفتقر للبروتين اللازم لانتقاله إلى الخلايا البشرية مباشرة، وبالتالي فإنّ اكتساب الفيروس ذلك البروتين يمكن أن يكون قد تم عبر فيروس آخر موجود في حيوان البنغول، بحسب ما أشارت إليه صحيفة "ذا غارديان" البريطانية. والبنغول - وهو من الحيوانات الثديية - من أكثر الحيوانات التي يجري الاتجار بها بشكل غير قانوني في العالم.
وقالت الدكتورة إيلينا جيورجي، من مختبر "لوس ألاموس الوطني" في الولايات المتحدة الأميركية، وإحدى المشاركات في الدراسة إنّ "البحث يظهر بالفعل انتقال كورونا من الخفافيش إلى البنغول". وأضافت: "أثبتنا أنّ سلالة فيروسات كورونا لها بالفعل تاريخ غني في التطور، يشمل إعادة خلط المواد الوراثية بين الخفافيش والبنغول قبل أن يكتسب الفيروس الجديد قدرته على الانتقال إلى البشر".
وبحسب الدراسة، فإنّ النتائج الأخيرة لا تُلقي اللوم على البنغول كمسبب رئيس للفيروس، إذ من غير المستبعد أن يكون هناك حيوان ثالث استضاف الفيروس قبل أن ينتقل إلى البشر. ووفق الخبراء، فالدراسة أضافت حيزاً مهماً إلى دراسات سابقة أشارت خلالها إلى أنّ حيوان البنغول ناقل للفيروس. وخلص الباحثون إلى أنّ الأمر الواضح أيضاً هو أنّ الناس بحاجة إلى تقليل الاتصال بالحيوانات البرية التي يمكن أن تنقل العدوى الجديدة.
وطبقاً لشبكة "سي أن أن" الأميركية فإنّ الخبراء قاموا بتحليل 43 جينوماً كاملاً من ثلاث سلالات من فيروسات كورونا التي تصيب الخفافيش والبنغولين، وتبين أنّها تشبه إلى حد كبير فيروس كورونا الجديد. وحذر الباحثون من الوجود في الأسواق الرطبة، لأنّها تشكل مصدراً للإصابة بفيروسات جديدة، إذ تباع أنواع مختلفة من الحيوانات الحية.
وبحسب إدوارد هولمز، عالم الأحياء التطوري في جامعة "سيدني" بأستراليا، فإنّنا "غير قادرين على تبني نتائج هذه الدراسة، فنحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكد من صلة الخفافيش وآكل النمل بانتقال فيروس كورونا الجديد إلى البشر". وقال: "هناك فجوة تطورية واضحة بين الفيروس الجديد والفيروسات المقاربة له، والتي وجدت حتى الآن في الخفافيش والبنغول، والطريقة الوحيدة لسدّ تلك الفجوة تكمن في أخذ مزيد من العينات من البيئة البرية لتلك الحيوانات".
وكانت دراسة سابقة نشرت في شهر إبريل/ نيسان الماضي قد أشارت إلى أنّ آكل النمل الحرشفي ربما كان نقطة انطلاق الفيروس قبل أن يصل الى البشر. ورأى البروفيسور ستيفن تورنر، رئيس قسم علم الأحياء الدقيقة بجامعة "موناش" بأستراليا في تقرير سابق لصحيفة "ذا غارديان" أنّ كورونا لم ينتقل من الخفافيش إلى البشر من دون وسيط، مرجحاً أن يكون الوسيط هو آكل النمل الحرشفي، أو حيوان مماثل له.