تتزايد في الدنمارك أعداد مرضى كورونا بشكل مقلق للسلطات، وخصوصا بعد تسجيلها أكبر الإصابات خلال الأيام الماضية مقارنة بالأرقام التي أعقبت إغلاق البلد في 11 مارس/آذار الماضي، ما يفتح سجالا عن الاضطرار إلى الإغلاق مجددا، وعن تسجيل النسبة العظمى للإصابات غرب العاصمة كوبنهاغن في صفوف الجالية الباكستانية.
وبحسب أرقام المعهد الوطني للأمراض المعدية، ففي الأيام الماضية سجلت الدنمارك إصابات يومية متزايدة وصلت قبل أيام إلى نحو 300 شخص في المتوسط، وهو ما يعيد البلاد إلى الوضع الذي عاشته في أسوأ انتشار للجائحة في إبريل/ نيسان الماضي. ونتيجة لتزايد العدوى فرضت الدنمارك على راكبي المواصلات العامة ارتداء الكمامات بداية من الشهر الماضي، ومع انتظام الدراسة في الجامعات، وفتح النوادي الليلية بشكل جزئي، بدأت الحالات في التزايد، ما يثير مخاوف جدية من فقدان السيطرة على الوباء، بعد أن سجل الصيف سيطرة عليه. وتتدارس السلطات الطبية والسياسية في كوبنهاغن، الإجراءات التي اضطرت وستضطر لاتخاذها في حال بقاء المنحنى في ارتفاع مستمر. ووصل عدد مصابي الدنمارك إلى نحو 20.571 وتوفي 633 شخصا وحوالي 2950 أدخلوا المشافي، وتعافى نحو 16 ألف مصاب منذ انتشار الوباء في البلد في بداية مارس/آذار الماضي، وفقا لأرقام المعهد الوطني للأمراض السارية والمعدية.
وذكر وزير الصحة الدنماركي، مانوس هيونكه، في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، أن إجراءات طارئة جرى اتخاذها لفرض قيود في العاصمة كوبنهاغن ومدينة أودنسه، وسط جنوب، والبلديات التابعة للمدينتين، بعد فشل خفض انتشار العدوى فيهما. وتقضي الإجراءات المستجدة بإغلاق المطاعم والمقاهي عند العاشرة مساء كحد أقصى، وضرورة ارتداء الكمامات من قبل الزبائن الواقفين، ويسري وقف النشاطات والاحتفالات الخاصة عند العاشرة مساء أيضا حتى الأول من الشهر القادم.
تدرس السلطات الدنماركية إمكانية فرض ارتداء الكمامات في المحال التجارية والمتاجر بمختلف أنواعها
وتدرس السلطات الدنماركية إمكانية فرض ارتداء الكمامات في المحال التجارية والمتاجر بمختلف أنواعها (السوبرماركت)، أسوة بما تفرضه سلطات أوروبية أخرى، كفرنسا. وناشد وزير الصحة، هيونكه، مواطني بلده بضرورة "خفض مستوى التقارب الاجتماعي طوال فترة الخريف، وإذا لم نقم بذلك فسنكون أمام مخاطر حقيقية من خلال انتشار موجة ثانية من الوباء".
وأجرت كوبنهاغن، منذ مارس/آذار الماضي، وحتى أمس الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول أكثر من مليوني فحص كورونا لمواطنيها البالغ عددهم 5.5 ملايين نسمة. ويربط أستاذ علوم الكيمياء في الجامعة التقنية الدنماركية، كاسبر كيب، بين زيادة تسجيل حالات الإصابة وأعداد الفحوصات المتزايدة في البلد "فالبلد أصبح أفضل وأسرع من السابق في عملية الفحص، وليس أمرا مفاجئا لي أن ذلك يعني كشف المزيد من المصابين بالعدوى".
وتتبع الدنمارك سياسة تقييد السفر إلى بلدان أظهرت فيها الفحوصات إصابة 5 في المائة ممن يجري فحصهم، أو إذا كان هناك أكثر من 20 إصابة لكل 100 ألف نسمة، وتلك الحسابات تسري أيضا على مناطق داخل الدنمارك، لكن لا يجري منع السفر بين مدنها الأكثر إصابة، وبينها آرهوس، وسط غرب، وأودنسه، والعاصمة كوبنهاغن، التي سجل غربها انتشار العدوى بنسبة كبيرة بين قاطنيها من أصول باكستانية، وفقا لما تناقلته الصحافة والتلفزيون الدنماركي أمس الثلاثاء وصباح اليوم الأربعاء، نقلا عن المعهد الوطني للأمراض المعدية.
وجدير ذكره أن الشرطة الدنماركية، بصلاحية منحها لها وزير العدل، نيك هيكروب، تستطيع التدخل لفض تقارب اجتماعي في الفضاء العام والخاص، كاحتفالات شبابية ببدء الدراسة الجامعية أو حفلات زواج وما شابه، إذا رأت الشرطة عدم التزام الناس بقواعد التباعد الاجتماعي. وسيكون من صلاحية الشرطة الدنماركية بدءا من اليوم التدخل في المطاعم والحانات والمقاهي إذا لم يجر الالتزام بساعة الإغلاق أو ارتداء المرتادين لها الكمامات في 17 بلدية تابعة لكوبنهاغن، وكذا الأمر في مدينة أودنسه.
وأعادت دائرة الصحة الدنماركية، في المؤتمر الصحافي المشترك مساء أمس الثلاثاء، تذكير مواطني البلد بضرورة "التزام قواعد التباعد الاجتماعي بمسافة متر على الأقل وتذكر النظافة وغسل اليدين واستخدام المعقمات"، بحسب ما ذكرت مسؤولة الإدارة، هيلين بروبست، مؤكدة على أنه من الآن فصاعدا "سيتعين على المطاعم وغيرها تأمين المسافات بين الناس وخصوصا عند المداخل حيث تجب مراقبة ارتداء الزبائن للكمامات أثناء الوقوف، ونطالب الشبيبة بضرورة التقيد بما يصدر عن السلطات في البلد". وتوفر سلطات الصحة الدنماركية، على موقعها الرسمي معلومات وإرشادات حول كورونا بلغات مختلفة خاصة بالأقليات المهاجرة، بينها العربية. وتعرض فيديوهات إرشادية حول مختلف الإجراءات الواجب التزامها، بما فيها استخدام الكمامات.