كرة القدم بدون قضاة الملاعب لا يمكنها أن تقام أو تستمر ولو دقيقة واحدة، وفي الوقت ذاته، لو قدر لجميع مباريات كرة القدم أن تشهد تحكيماً صحيحاً للمجريات، لما شعر أحد بالظلم، وربما لتغيرت ملامح تاريخ كرة القدم في كثير من المشاهد؛ ذلك أن الخطأ التحكيمي كان مؤثراً للغاية في بعض الأحيان، وفي بعضه الآخر يكون قد حرم فريقٌ من الانتصار أو غير اسم البطل المنتظر والمتوقع في وقت سابق.
وامتلأت صفحات اللعبة الشعبية الأولى في العالم بالعديد من سلسة الأخطاء التحكيمية، وسنكتب في هذه السلسلة من الحلقات التي تتعلق بـ "كوارث التحكيم" على مر التاريخ في عالم الساحرة المستديرة.
العارضة و"الهدف الشبح"
لم يدر في خلد لاعبي فريقي واتفورد وريدينج في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، أن الكرة لو ارتطمت بالعارضة سيتم اعتبارها هدفاً حقيقاً، ذلك ما حدث بالفعل حين سدد أحد لاعبي فريق ريدينج كرة قوية ارتطمت بالعارضة العليا لحارس مرمى واتفورد ثم تابعت طريقها إلى الملعب، وليس إلى الشباك ليحتسبها الحكم هدفاً!
أطلق الحكم الإنجليزي ستيوارت اتويل صافرته بعدما ارتطمت الكرة بالعارضة، مشيراً بيده الى منتصف الملعب، ظن لاعبو الفريقين أن الصافرة جاءت بسبب وجود خطأ معين أو حالة تسلل، وهذا ما حدث ليباشر الحارس بوضع الكرة وتنفيذها، لكن صافرة أتويل تكررت من جديد!
لم يدرك لاعبو الفريقين لماذا أطلق الحكم صافرته مجدداً، قبل أن يكتشفوا أنه احتسب هدفاً "وهمياً" لفريق ريدينج، جن جنون لاعبي واتفورد، وتوجهوا لحكم الساحة ثم ركضوا صوب الحكم المساعد، نايجل بانيستر، فما الذي حدث؟ ليحتسب الحكم هدفاً؟ كان ذلك من أسوأ أخطاء الحكام الإنجليز على الإطلاق في موسم 2008.
ليفركوزن يسحر الحكم والشبكة!
كان الهدف الذي سجله مهاجم باير ليفركوزن الألماني، ستيفان كيسلينج، في شباك فريق هوفنهايم في الجولة التاسعة من مسابقة الدوري الألماني موسم 2013، ليشكل حالة غير متوقفة للجدل بعدما دخلت الكرة في الشباك لكنها لم تدخل فعليا.
هذا ليس من ضرب السحر أو الخيال، فقد سدد كيسلينج كرة برأسه دخلت المرمى عبر ثقب في الشباك الجانبية بطريقة خدعت الحكم وكانت بمثابة هدف وهمي أو "الهدف الشبح" كما أطلق عليه في الأوساط الكروية الألمانية.
ومن سوء حظ الحكم الألماني، فليكس بريش، أنه أدار المباراة واحتسب الهدف الغريب، لكنه ربما شاهده عبر الإعادة من شاشة الملعب فأصابه الشك، لم يلغه، بل خطى على رأيه بصحة الهدف الذي أشعل نار الجدل في "البوندسليجا" بعدما تبين أن الكرة دخلت المرمى عبر ثقب في الشباك الجانبية.
وكان بإمكان الحكم، أيضاً، التراجع عن قراره، خصوصاً أن الإعادة التلفزيونية أظهرت كيسلينج يضع يديه على رأسه حزناً على إهدار الفرصة وبدا عليه الارتباك عندما احتسب الحكم فليكس بريش الكرة هدفاً.
وبدا الارتباك واضحاً على محيا الحكم الذي خرج وسط صفارات استهجان من الجماهير واحتجاجات من لاعبي هوفنهايم، فيما طلب هوفنهايم إعادة المباراة بسبب الهدف الذي ساهم في انتصار ليفركوزن 2-1، فيما لم يستجب الاتحاد الألماني لطلبات هوفنهايم.
ولو قدر إعادة المباراة فلن تكون الواقعة الأولى من نوعها بعدما شهدت المباراة التي فاز فيها بايرن ميونيخ 2-1 على نورنبرج في عام 1994 "الهدف الشبح" أيضاً لتوماس هيلمر، ولكن المباراة أعيدت وانتهت بفوز بايرن 5-0 ليتوج الفريق بطلاً للبوندسليجا.
الأرجنتين تقصي المكسيك بهدف تسلل
سجل المهاجم الأرجنتيني، كارلوس تيفيز، هدفاً غير شرعي لصالح منتخب بلاده في شباك المكسيك في مباراة الدور ثمن النهائي من مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، جاء من حالة تسلل واضحة وصريحة وسهلة، ولكن احتسب حكم المباراة الهدف وسط اعتراضات كبيرة من جانب لاعبي المكسيك.
الحكم الإيطالي روبرتو روسيتي احتسب الهدف غير الشرعي بعد استشارة من مساعده حكم الراية الذي خانه التوفيق لأن الإعادة أثبتت بأن تيفيز كان متسللاً فعلاً.
ساهم الهدف في هزيمة المكسيك وخروجها من المسابقة على الرغم من الأداء القوي الذي قدمته في ذلك المونديال، كما أن الهدف فتح الباب أمام هزيمة كبيرة بلغت 3-1 لتودع المسابقة بسبب هذا الهدف.
صافرة ظالمة تقصي تونس
ودع المنتخب التونسي منافسات كأس الأمم الأفريقية الأخيرة بطريقة لا تصدق وبعد أحداث دراماتيكية كان بطلها حكم عجوز، وذلك بعد الهزيمة الظالمة التي تعرض لها "نسور قرطاج"على يد منتخب غينيا الاستوائية التي استضافت العرس الأفريقي أخيراً.
المنتخب التونسي كان الأفضل في المباراة وكان قاب قوسين أو أدنى من الفوز بهدف نظيف قبل أن تقلب الأمور رأساً على عقب في الدقيقة الأخيرة التي شهدت هدف التعادل لصاحب الأرض ثم تبعه بهدف آخر في الوقت الإضافي ساهم في إبعاد التونسي عن المسابقة!
الحكم راجيندرابارساد سيتشورن من موريشيوس، لن ينساه العرب والتونسيون أبداً، ذلك أن قراراته المثيرة للجدل ساعدت البلد المضيف على التأهل للدور قبل النهائي في كأس الأمم على حساب تونس، إذ انقلبت المباراة رأساً على عقب بعد قرار سيتشورن في الوقت المحتسب بدل الضائع باحتساب ركلة جزاء وهمية مثيرة للجدل لصالح غينيا الاستوائية سمحت لها بإدراك التعادل والوصول لوقت إضافي.
ولم يكتف الحكم بذلك؛ بل أكمل سيتشورن المهمّة في الوقت الإضافي بمنحه مخالفة لأصحاب الأرض على بعد 26 متراً على الرغم من أنّ المدافع التونسي، أيمن عبد النور، هو من تعرّض إلى خطأ من لاعب غينيا بالبوا ليسجل الفريق الغيني هدف الفوز، وسط غضب عارم من التونسيين.
واعترف الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بعدما عاقب الحكم "العجوز" بالإيقاف ستة أشهر لأخطائه. وقال الاتحاد الأفريقي "لاحظت لجنة الحكام الأداء السيء للحكم خلال المباراة وهو ما تضمن إخفاقاً غير مقبول في الحفاظ على الهدوء وضمان السيطرة على اللاعبين أثناء المباراة".
وبدا الحكم الذي أعلن تقاعده بعد المباراة، أنه يحابي أصحاب الأرض بطريقة لا تصدق ليتهم بتلقي أموال من جهة معينة من أجل الحفاظ على المنتخب الغيني في البطولة وعدم خروجه، في مشهد أثار جدلاً واسعاً في الكرة العربية والأفريقية ووجه سهام النقد والاتهام للاتحاد الأفريقي برئاسة الكاميروني عيسى حياتو.