كنكوش

23 فبراير 2016
بجواز سفر أوروبيّ غادر "دياس" جزيرة ليسبوس (Reunite Dias)
+ الخط -

من جزيرة ليسبوس اليونانيّة، ابتدأت الحكاية.. أو ربما كانت الموصل التي تركتها عائلة كنكوش مرغمة، نقطة البداية.

قبل أكثر من ثلاثة أشهر، هربت العائلة في قارب مطاطيّ مع عائلات عراقيّة أخرى لم تجد خياراً أمامها للخلاص من إرهاب داعش، سوى البحر الذي سبق وابتلع كثيرين. كان البحر هائجاً في تلك الرحلة، إلا أن العائلة نجحت في بلوغ اليونان محطّتها الثانية بعد تركيا في طريق هجرتها. وكُتِبت لأفرادها أعمار جديدة.

وسط زحام المهاجرين وفوضاهم، انفصل كنكوش عن أفراد عائلته الستّة. هؤلاء أكملوا طريقهم في اتجاه النرويج، أما هو فبقي في تلك الجزيرة بين غرباء لا يفهم لغتهم. حسن الحظّ الذي لازم الصغير وعائلته في الخروج من الموصل، ظلّ رفيقه، فعثر عليه صيّاد محليّ احتضنه وأطعمه بعدما سمّاه "دياس".. الإله زيوس باليونانيّة.

شاعت حكاية الصغير البالغ من العمر ثلاثة أعوام في الجزيرة التي تحوّلت محطّة عبور الهاربين من موت أوطانهم. وسريعاً، انهمك الناشطون الذين تبنّوا قضايا المهاجرين، في مأساة دياس. أنشأ اثنان منهم صفحة خاصة على موقع "فيسبوك" لعلّهما يتواصلان من خلالها مع من يدلّهما على مكان إقامة عائلة الصغير، فيما نُشِر إعلان بلغات مختلفة - بما فيها العربيّة - جاء فيه: "ساعدوني! لقد أضعت عائلتي (...) عندما وصلنا إلى الشاطئ، خفت كثيراً وهربت بعيداً. لكنني أريد حقاً أن أكون معهم مجدداً (...) عائلتي ضحّت كثيراً لأجلي، لأهرب معهم. لذلك أنا أعرف أنهم يحبونني كثيراً. نحن بحاجة إلى أن نبقى معاً. لقد مررنا بما فيه الكفاية وأنا حقاً مشتاق إليهم".

كثيرون تعاطفوا مع مأساة دياس الذي نُقِل إلى ألمانيا، فراحت تتّسع دائرة المهتمّين بلمّ شمل الصغير وعائلته. وفي الثاني عشر من فبراير/شباط الجاري، حُدّد مكان إقامة العائلة. النرويج. بعد التأكّد من أنها بالفعل عائلته من خلال صور قديمة واتصال فيديو مباشر عبر "سكايب"، كانت حملة جديدة لجمع المال الكافي لتغطية كلفة سفر كنكوش إلى النرويج. بعد اتصال "سكايب"، اكتشف الناشطون أنه يُدعى كذلك.

خلال أقلّ من أسبوع، تأمّن المبلغ وحُمِل الصغير إلى النرويج، حيث كان لقاء مؤثّر بينه وبين أفراد عائلته، في الثامن عشر من فبراير/شباط. سُجّل اللقاء الذي تخلّلته دموع كثيرة، فرحاً، لينتشر مع حكاية كنكوش/دياس في وسائل إعلام أجنبيّة كثيرة تحت عناوين "مؤثّرة".

خلال الأسبوع نفسه الذي كان الناشطون فيه يجمعون المال لكنكوش، كانت دول أوروبيّة تتّخذ إجراءات صارمة بحقّ المهاجرين، ومنها حرمان الحاصلين على إقامة مؤقّتة من حقّ لمّ شمل عائلاتهم. القطّ الأبيض، مهما كان اسمه، كان أوفر حظاً من كثيرين. يا ليت كلّ هؤلاء الهاربين من جحيم أوطانهم، كانوا قططاً.

اقرأ أيضاً: أبت أن يرحل من دونها 
المساهمون