كمال الصدى

06 ابريل 2018
أفيجيت سينغ/ الهند
+ الخط -

إنه تأثير المدن العظيمة، التي تحوّل سُكانها إلى طيور أبدية للمرور، ولكن في الوقت نفسه، تقبلهم كما هم، دون شكوك أخلاقية أو أمنية. أتكلّم في هذا المقام عن برشلونة، المدينة الأكثر تحرّراً في إسبانيا، بعراقتها المتوسطية، حداثتها الموارة، وتشريع أبوابها ونوافذها على العالم.

إنها مدينة حقيقية، كتلك التي نحلم بها، نحن فاقدو المدن، منذ صرخة الميلاد، والمبتلون بمدن كبيرة، أخذت أسوأ ما في الريف وما في المدينة معاً، فشوّهت الاثنين.

زمان كان التنويريون منّا يتكلّمون عن ترييف العواصم العربية، وكنت أصدّقهم. اليوم، بعد الإقامة هنا، لا أفعل. وهذا ليس ردّ فعل شخصي على ما كتبوا، بل نتاج معايشة ومقارنة، قد يُوصلنا، كلاهما، للاستخلاص أن لا مدن ولا ريف في العالم العربي، إلا قليلاً في ما يخص الريف.

لقد محا الجراد "الوطني"، بتبعيته للغرب، وإخلاصه في وظيفته تلك، مقابل البقاء فوق كرسي السلطة، كما بغبائه المتأصّل، كلَّ أصالة الريف السابقة على عهده، وبالطبع: كل إرهاصات المدينة الحديثة، التي كانت تتكوّن كالجنين، ثم أُجهض الحَمْل.

إنها القوة الخلاقة لما بعد النسيان، تقول إن لا شيء في غاية البساطة، باستثناء الموت. يشمل هذا المقول مدننا وأريافنا، وما يتأرجح بينهما من عشوائيات. حتى أن وعي ولاوعي مواطنينا، يُجمعان: إن كان من كمال، ففي الأصداء!

المساهمون