وشدد رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، أمس الأربعاء، في مجلس النواب، أن "حكومته مُصرة على استكمال طريق الإصلاحات التي باشرتها بعد تنصيبها قبل أزيد من سنتين ونصف". ودعا أحزاب الغالبية في البرلمان إلى دعم الحكومة في تطبيق الإصلاحات على الأرض.
واعتبر بنكيران، أن "الحكومة لن تتراجع أبداً عن إصلاح نظام التقاعد، ولا عن صندوق المقاصة، المكلف بدعم المواد الغذائية الأساسية للمواطنين، باعتبار الاختلالات المالية التي يعانيان منه، وتجعلهما يعيشان وضعية كارثية، تُؤثر سلباً على النمو الاقتصادي للبلاد".
وقال إنه "لا يهمه أن تتأثر شعبية حزبه (العدالة والتنمية) لدى الناس، ما دام يتبع طريق الإصلاحات التي قد تأتي بإجراءات مؤلمة لبعض الفئات، لكنها مجدية لمستقبل البلاد". واعتبر أن "الهدف من تلك الإصلاحات هو تعزيز الثقة بين الدولة والمواطن".
وتابع أن "الحكومة ستستمر في فتح الملفات الساخنة، التي لم تجرؤ الحكومات السابقة على فتحها ولا على الاقتراب منها، بسبب تكلفتها السياسية على من يحاول إصلاحها". وأبرز أن "هذه الإصلاحات ستتم في النهاية حتى لو سقطت حكومته".
ومن جهته، أكد وزير الدولة، عبد الإله باها، أن "الحكومة عندما فتحت ملف إصلاح صناديق التقاعد التي أشرفت على الإفلاس المالي، كانت تدرك ماذا ينتظرها من صعوبات وتأثيرات مستقبلية". وأضاف أنه "لا حاجة للمغاربة بحكومة تعجز عن إصلاح نظم التقاعد المنهار".
وتواجه الحكومة المغربية معارضة شديدة من طرف أحزاب المعارضة والنقابات العمالية، التي نددت بما تعتبره الحكومة تدابير لإصلاح أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة. واعتبرتها إجراءات ستمسّ حقوق المتقاعدين من جهة، وستضرب القدرة الشرائية للمواطنين من جهة ثانية.
ويعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاس، أحمد مفيد، على موضوع الإصلاحات وتكلفتها السياسية التي تهدد مستقبل الحكومة، بالقول إن "جميع الإصلاحات السياسية يكون لها أثر ووقع على المواطنين، بالنظر لطبيعة العمل السياسي، الذي غالباً ما يرتبط بالسياسات العمومية".
وتابع مفيد، أن "هذا الواقع قد يكون ذا طبيعة إيجابية، خصوصاً حينما يتعلق الأمر بتحسين الأوضاع الاجتماعية ورفع القدرة الشرائية، وضمان الحقوق والحريات، وقد يكون للإصلاح أثر ووقع سيء إذا كان من شأنه المساس بالحقوق المكتسبة، أو تعقيد الأوضاع الاجتماعية".
واستطرد أن "الإصلاحات التي تعتزم حكومة بنكيران تطبيقها، والتي تهم أساساً إصلاح نظام التقاعد وإصلاح نظام المقاصة، سيكون لها بكل تأكيد أثر صعب على المواطن المغربي، وستكون لها كلفة وثمن باهظان".
ويشرح بأن "رفع سن التقاعد مع الزيادة في نسبة الاقتطاع من الراتب، سيترتب عنه إفراز طبقة اجتماعية واسعة مناهضة للسياسة الحكومية، لأن الإصلاح وإن كان ضرورياً، لا ينبغي أن يتم فقط على حساب المواطن، كونه يتعين البحث عن خيارات أخرى".
واعتبر أن "الأمر عينه بالنسبة إلى صندوق المقاصة، والذي وإن كان يكلف خزينة الدولة الملايين إلا أن لإصلاحه كلفة كبيرة، بالنظر للآثار المتوقعة التي ستمس بشكل مباشر بالقدرة الشرائية للمواطنين، والغلاء المرتقب في حالة رفع الدعم عن عدد من المواد الاستهلاكية".
وخلص مفيد إلى أن هذه الإصلاحات، وإن كانت ضرورية، فهي لا تخلو من العديد من المخاطر التي قد تهدد السلم الاجتماعي، وترفع من وتيرة الاحتجاجات، وهذا ما تؤشر عليه البلاغات الصادرة عن العديد من المركزيات النقابية في هذا الخصوص".