كلاسيكو فرنسا.. مخاوف من انتقال عدوى السترات الصفراء إلى "حديقة الأمراء"

17 مارس 2019
جماهير مارسيليا غائبة عن الكلاسيكو(Getty)
+ الخط -
يترقب الجميع انطلاق صافرة الكلاسيكو المرتقب بين باريس سان جيرمان ومارسيليا الذي سيجري اليوم الأحد، والذي سيحرص على حضوره وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانيار، الذي سيكون في مقدمة الحاضرين في المقصورة الرسمية والرئيسية بملعب "حديقة الأمراء".

ويعتبر حضور وزير الداخلية رسالة واضحة المعالم، فهي تعني أهمية هذه المباراة التي تصنف منذ التسعينيات بأنها ذات حساسية عالية، بين فريق العاصمة ومارسيليا الذي يمثل جنوب فرنسا.

وتشكل أحداث العنف التي شهدتها العاصمة، يوم السبت، في جادّة "الشانزليزية" من "أصحاب السترات الصفراء" صداعاً لوزارة الداخلية الفرنسية، خوفاً من انتقال عدوى الاحتجاجات إلى ملعب "حديقة الأمراء" مسرح الكلاسيكو.

وجندت الداخلية الفرنسية كل ما لديها من إمكانيات لوجستية، وطلبت من إدارة باريس سان جيرمان عقد اجتماع مع زعماء وقيادات ما تسمى "مجموعات الأولتراس"، لوضعها أمام مسؤولياتها في ضوء أجواء الاحتقان السائدة، ومع هذا فإن وزارة الداخلية لم تخف مخاوفها من حدوث مشاحنات بين هذه المجموعات، وخاصة أن باريس سان جيرمان، ما زال يعاني صدمة الخروج من دوري أبطال أوروبا.


احتجاجات سلمية لمجموعات "الأولتراس" الباريسية
تتميز مجموعات "الأولتراس" الباريسية بالشراسة، وهي تعتبر رأس حربة آفة العنف في مباريات باريس سان جيرمان إن صح التعبير، كما تعد مجموعة boulogne الأكثر شراسة لأن أعضاءها ينتمون إلى اليمين المتطرف، وتعتبر هذه المجموعة رديفتها الأخرى المنتمية إلى اليسار عدوتها اللدودة، وهناك اختلاف بينهما نتجت عنه أحداث عنف.

ومن حسن حظ الشرطة الفرنسية وقوات الأمن التي تم تجنيدها لهذه المباراة، أن جماهير مارسيليا لن يسمح لها بحضور المباراة، إذ عامل باريس سان جيرمان منافسه بالمثل، وهذا يخفف من حدة الاحتقان المتوقع.

وأكد قائد "الأولتراس" بولوني بأنه سيتم الاحتجاج سلمياً على الفريق من خلال رفع شعارات معادية للاعبين المقصرين، كما سيغيب أفراد المجموعة في نصف الساعة الأولى من المباراة كحركة احتجاج.

وتكتم المنظمون من باب الحذر والاحتياط على اسم الفندق الذي يقيم فيه أعضاء نادي مارسيليا، وهو يقع بالقرب من ملعب "حديقة الأمراء" تحسباً لأي طارئ.



العداوة.. شرارة اشتعلت منذ نهاية الثمانينيات
لم تكن هناك عداوة بين الفريقين الكبيرين حتى نهاية حقبة الثمانينيات، التي شهدت ظهور ما تسمى روابط المشجعين "الأولتراس".

وطفت على السطح منذ التسعينيات عداوة كبيرة بين جماهير وعشاق الفريقين، وانطلقت الشرارة الأولى في الخامس من مايو/ أيار عام 1989، وشكلت مباراة بي أس جي ومارسيليا منعطف الدوري الحاسم، وكان كل فريق يحتاج إلى الفوز لتحقيق اللقب.

وابتسم الحظ لمارسيليا الذي فاز بهدف نظيف، وأشعل المدرجات ووقعت على إثرها اشتباكات بين الجمهورين في ملعب "فيلودروم". وساهمت تصريحات رئيسي الناديين برنار تابي وفرانسيس بوريللي حينها في إشعال شرارة الإثارة بين الطرفين قبل انطلاق الموقعة، فكانت الجماهير مشحونة وجاهزة للعنف.

وتكرر السيناريو في العام الذي يليه، لكن هذه المرة في باريس إذ حدثت اشتباكات دامية بين المجموعات، بسبب رفع بعض مشجعي سان جيرمان شعار النازية.

وعام 1992، تجددت الاشتباكات بعد مباراة مشحونة مليئة بالاحتقان، شهدت حالة تعدد الأخطاء المتعمدة بين اللاعبين بشكل لافت، وفاز مارسيليا في المباراة وحسم اللقب.

وعام 1993 تكرر السيناريو مجدداً بعد أيام من تحقيق مارسيليا لدوري أبطال أوروبا، وفاز على باريس سان جيرمان، وبدأت المناوشات بين الجماهير لتتواصل خارج الملعب، ولم تتوقف الصدامات بين الفريقين طوال تلك المدّة، إلا أن الأشهر كانت في فبراير/ شباط من عام 2017 حين تحولت شوارع مدينة مارسيليا إلى ساحة حرب!

وحققت هذه المباراة أرقاماً قياسية في كل شيء، بدءاً من الحضور الجماهيري، حيث شهدت وجود 65 ألف متفرج، وفاز باريس سان جيرمان فيها 5-1.

وتدخلت قوات الأمن لفك الاشتباكات في الشوارع بعد المباراة، وقامت باعتقال عدد كبير من المشاغبين، ووصفت صحيفة "ليكيب" الفرنسية تلك المباراة بمباراة "العار".

وتشير أرقام وزارة الداخلية الفرنسية، إلى أن عدد المعتقلين من صفوف الفريقين والمتورطين في أحداث الشغب تعدى 3000 مشجع منذ التسعينيات، مع عدد كبير من الجرحى، ما جعل الداخلية الفرنسية تصنف هذه المباراة في خانة المباريات "ذات الحساسية العالية" والتي تستوجب استعداداً أمنياً كبيراً.

تراجع أجواء الاحتقان بفضل حكمة القيادات
وقالت صحيفة "ليكيب" الفرنسية في تقرير موسع نشر قبل المباراة اليوم، بأن أجواء الاحتقان بين الناديين الكبيرين تراجعت كثيراً، ولم تعد تشبه تلك الأجواء القاتمة في حقبة التسعينيات والسنوات العشر الأولى من الألفية الجديدة.

ومن بين تلك الأحداث الصحّية التي ظهرت مؤخراً، اختفاء التصريحات النارية التي كان يطلقها الرئيسان لتأجيج الجماهير، مثل ما كان يحدث لسنوات طويلة مضت إبان رئاسة برنار تابي وفرانسيس بوريللي لكلا الناديين.

وأكبر دليل على تطور العلاقة بين إدارة الناديين في الوقت الراهن، هو تبادل القطري ناصر الخليفي رئيس باريس سان جيرمان ونظيره رئيس مارسيليا الودّ والاحترام والمحبة من وقت لآخر، بل سيكون الرئيسان جالسين جنباً إلى جنب لمشاهدة المباراة، وستكون تهنئة من الخاسر للفائز وهذه روح كرة القدم بعيداً عن التناحر والصدامات والضغينة.

ويأمل الشارع الرياضي الفرنسي أن تطوى صفحة الخلافات بين الناديين الكبيرين، وأن تفتح صفحة جديدة أساسها الحب والاحترام ونبذ العنف، والتآخي قبل وبعد مباريات القمة التي تجمع الفريقين.
المساهمون