كسر روح القدس

13 اغسطس 2016
نتنياهو وإردان خلال اجتماعٍ بالقدس المحتلة (غالي تيبون/فرانس برس)
+ الخط -
مرّ إعلان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد إردان، منتصف هذا الأسبوع عن بدء تطبيق خطة إقامة خمسة مراكز لشرطة الاحتلال في قرى وأحياء القدس المحتلة، مرور الكرام من دون رد فلسطيني. وترمي الخطوة الإسرائيلية على المدى القصير، إلى كسر روح المقاومة في القدس، وإبقاء أهلها تحت عدسات كاميرات المراقبة وفي متناول عناصر الشرطة الإسرائيلية، أما على المدى البعيد فهي جزء من مخطط لتعميق السيادة الإسرائيلية في القدس وفي القرى والأحياء التي ضمها الاحتلال لنفوذ مدينة القدس، غداة الاحتلال عام 1967.

من الواضح أن ادّعاءات إردان، بأنه يحق للسكان العرب في شرقي القدس الحصول على خدمات شرطية، هي ادعاءات كاذبة هدفها تغليف خطوة احتلالية جديدة لفرض سيادة الاحتلال على القدس، للتباهي لاحقاً بأن "السكان العرب" في القدس الشرقية، ينعمون بخدمات شرطية مدنية. وكأنه يمكن لشرطة الاحتلال أن تُغيّر طبيعتها الأصلية كأداة احتلال قمعية لضرب بذور المقاومة الفلسطينية في القدس للاحتلال، وتسهيل كسر الانتفاضة ومظاهرها وأشكالها المختلفة.

هذه الخطوة الإسرائيلية تتم بموازاة تعزيز مخططات تهويد القدس، وتكثيف الاستيطان فيها وفي "أحيائها" التي هي في واقعها التاريخي، قرى تمتد وتقوم على أطراف القدس، كجبل المكبر وبيت صفافا وأبو طير ومختلف القرى الأحياء على الطريق إلى بيت لحم والخليل جنوباً، وقرى العيساوية وراس العامود شرقاً، وشعفاط وبيت حنينا شمالاً.

في المقابل، لا نرى رد فعل فلسطينياً أو عربياً، ولا أي تحرك ولو على مستوى التنديد الإعلامي بهذه الممارسات والسياسات، سوى دعوات متفرقة لا تغني ولا تسمن. إمعان الاحتلال في سياساته واتجاهه لتكريس وجوده المادي وحضوره في قلب هذه الأحياء، القرى، يعكس أيضاً ثقة إسرائيلية بالنفس، واستخفافاً تاماً بالشريك الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) وبمواقف، إذا توفّرت أصلاً، الدول والأنظمة التي يفضّل بنيامين نتنياهو تسميتها بمحور "الدول السنية المعتدلة"، وعلى رأسها السعودية ونظام الانقلاب في مصر، التي يعتمد عليها نتنياهو في كل تحرك دولي جدي، كالمبادرة الفرنسية، لتقييد خطوات الاحتلال وجر دولته إلى مؤتمر دولي، للوصول لتسوية تضمن إقامة دولة فلسطينية حقيقية تحل محل المسخ الفلسطيني القائم اليوم. ​
المساهمون