كركوك تمنع الأزياء التقليدية للقوميات الثلاث تحاشياً للفتنة

12 مارس 2018
المنع خشية تكرار اشتباكات حصلت في الأعوام الماضية (فيسبوك)
+ الخط -
أثار قرار عدد من المؤسسات الحكومية العامة في مدينة كركوك بحظر ارتداء الزي الشعبي للقوميات الثلاث في المدينة، وهي العربية والكردية والتركمانية، في حفلات عيد نوروز واحتفالات التخرج في الجامعات والمعاهد، جدلاً واسعاً في المدينة.
وانقسمت الآراء حيال القرار بين مؤيد له، تحاشياً للمشاكل ذات الطابع القومي التي تشهدها كركوك منذ الاحتلال الأميركي للبلاد، وتتسبب في سقوط جرحى وقتلى في بعض الأحيان، وبين معارض يرى أنه يندرج في إطار مصادرة الحريات والاضطهاد الذي لا مبرر له.

وتحتفل مكونات كركوك القومية الثلاث، في شهر مارس/آذار من كل عام، بيوم الزي القومي للعرب والأكراد والتركمان، بالتزامن مع عيد نوروز (رأس السنة الفارسية). وينحصر اللباس العربي بالدشداشة والعقال والعباءة العربية المعروفة، في حين يتألف الزي التركماني من ثلاث قطع وهي "الجراوية" (شماغ يلف على الرأس) وقميص أبيض بكمين، والصاية (ثوب طويل بلا أكمام). أما الزي الكردي فيتألف من طاقية للرأس من الصوف أو القطن، وسروال يسمى "عريض"، وقميص يلبس فوقه جاكيت بلا أكمام، ثم قطعة قماش تلف وسط الجسم تُعرف بالحزام.

ومنع محافظ كركوك، وكالة راكان الجبوري، عدداً من المؤسسات من إقامة حفلات ذات طابع قومي. ونقل مسؤولون محليون في المدينة عن المحافظ قوله إن "السبب ينبع من مخاوف حدوث فتنة واقتتال قومي مثل كل عام، خصوصاً أن الوضع في المدينة متشنج أساساً".

واستعادت القوات العراقية، في أكتوبر/تشرين الثاني 2017، السيطرة على مدينة كركوك، وأعادتها لسيطرة بغداد، بعد عملية عسكرية جاءت عقب قرار أربيل ضم المدينة لحدود كردستان، وإجراء استفتاء شعبي للانفصال عن العراق.

وفي هذا الإطار، دعا رئيس جامعة كركوك التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عباس حسن تقي، الكليات، إلى منع إقامة الاحتفالات بالزي الشعبي، ومنع دخول مكبرات الصوت، تجنباً لبث الأغاني القومية التي تتسبب في نزاعات مثل السنوات الماضية بين الطلاب.

من فعاليات الاحتفال بالزي القومي السابقة(فيسبوك) 
وقال رئيس الجامعة، في بيان له، إنه "لمقتضيات المصلحة العامة ومنع حدوث أي خرق أمني، تقرر منع دخول أي طالب بغير الزي الموحد إلى الكليات، خلال الدوام الرسمي، وعدم تنظيم أي احتفال أو مناسبة للزي القومي والشعبي في الجامعات والكليات". كذلك أوصى "بمنع دخول أي جهاز مكبر للصوت إلى الجامعة، إلا بموافقة رئيس الجامعة شخصياً"، مشيراً إلى أن "المنع يطاول أصحاب الكافتيريا والنوادي في الجامعة أيضاً".

يذكر أن غالبية احتفالات التخرج التي ينظمها طلاب جامعة كركوك في مارس من كل عام كانت تنتهي باشتباكات بين الطلبة. وشهد حفل العام الماضي اشتباكات أوقعت إصابات، استدعت تدخّل قوات أمنية لفضّها.

القرار قسم الآراء بين مؤيد ومعارض(فيسبوك) 

وقال عضو التيار العربي في كركوك، محمد الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إن "المنع قد يكون قراراً صائباً هذا العام، خوفاً من مشاكل مراهقين وشباب من القوميات الثلاث"، مبيناً أن كبار السن والعقلاء يعلمون أن هناك مندفعين وعاطفيين ومغرضين، ربما يستغلون الاحتفالات للإساءة إلى إحدى القوميات ويتسببون في وقوع مشاكل نحن في غنى عنها".

وفي السياق ذاته، قال المستشار السياسي لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، هيمن هورامي، أن السلطات الأمنية في جامعة كركوك منعوا الطلبة الكرد من ارتداء الزي الكردي، لافتاً إلى أن "السلطات الأمنية لجامعة كركوك أقدمت على منع دخول أو ارتداء الطلاب الكرد الزي الكردي". وأضاف "حتى نظام صدام (حسين) لم يمنع أبداً ارتداء الزي الكردي".

وقال أحد الطلبة في جامعة كركوك، أحمد جليل، لـ"العربي الجديد"، إن "إلغاء الاحتفال خطوة مهمة، لأن الجميع يتذكر ما فعله الأكراد بالطلبة العرب عندما اقتحموا الأقسام الداخلية برفقة الأمن الكردي وعشرات المسلحين، وأطلقوا النار على الطلبة، وقُتل منهم شخص وأصيب آخرون، والسبب كان رفع العلم العراقي الذي أثار حفيظة الأكراد، فأحرقوا العلم وقتلوا الطالب الذي رفعه".

الاعتبارات الأمنية تتغلب على المناسبات التقليدية(فيسبوك) 


وأضاف أن "الأكراد يتحدثون عن الديمقراطية، وارتداء الزي الكردي، لكن الجامعة ليست مكاناً لعرض الأزياء. وأفضل قرار يتخذ هو منع ارتداء الأزياء جميعها، والقرار ليس موجهاً ضد الأكراد كما يدّعون، بل فرض على الجميع".


وقال الأستاذ في جامعة كركوك، محمد الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار يأتي للحفاظ على الجانب العلمي، ومنع حدوث أي مشاحنات بين الطلبة العرب والكرد والتركمان، ولا ينطوي على اضطهاد كما يقول الأكراد".
دلالات
المساهمون