18 فبراير 2020
كردستان.. مهاباد وقبرص التركية
ربما اعتقدت معظم الدول أن الزعيم الكردي مسعود البارزاني لن يذهب حتى النهاية في خيار إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن الدولة العراقية، إذ كانت ترى الأمر مجرد مناورة سياسية منه، لتحسين شروط التفاوض مع بغداد على القضايا الخلافية، كالنفط والميزانية والمناطق المتنازع عليها. أما وأن الاستفتاء جرى، فإن القضية الأساسية لم تعد تتعلق بالاستفتاء بحد ذاته، بل بخيارات الإقليم، على نحو ما إذا كان سيتجه إلى إعلان دولة مستقلة، أم سيعود إلى العلاقة مع بغداد من خلال التفاوض؟ وفي حال التفاوض، ثمّة أسئلة كثيرة تطرح، كيف سيكون هذا التفاوض؟ وعلى ماذا يتم التفاوض؟ وبأي شروط؟ وأي سقف للمطالب؟ وإلى أن يجري مثل هذا التفاوض، كيف له أن يواجه الضغوط المتصاعدة من كل الاتجاهات؟ أسئلة كثيرة تطرح، وهي تحمل معها مخاوف من اندلاع حرب بين الحكومة المركزية والإقليم وسط مخاوف من انهيار الأخير، خصوصا وأنه يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية كبيرة، فكيف له أن يتحمل زحف الحصار من كل الاتجاهات؟
الحكومة العراقية المندفعة بقوة الدعم الإيراني، والرفض التركي لإقامة دولة كردية، تبدو حسمت قرارها لجهة عدم التعامل مع الاستفتاء ونتائجه، والسعي إلى فرض سلطتها على المفاصل الأساسية في الإقليم، من معابر ومطارات ومناطق متنازع عليها. ولعل ما يدفعها أكثر إلى هذا الأمر هو العامل الانتخابي، في ظل التنافس بين رئيسي الحكومة، الراهن حيدر العبادي والسابق نوري المالكي، على صدارة المشهد السياسي من جهة. ومن جهةٍ ثانية، بروز خريطة سياسية جديدة للقوى الشيعية على وقع تحول الحشد الشعبي إلى قوة أمر واقع على الأرض، وتطلعه إلى الحكم والسياسة. ولعل ما يصعب من موقف قيادة الإقليم هو الرفض الصارم لإيران وتركيا أي خطوة انفصالية عن العراق، وانتقال العاصمتين إلى سلسلة إجراءات تصعيدية ضد الإقليم، وصولا إلى التلويح بالخيار العسكري ضده، إذا ما مضى في خيار الانفصال. وينطلق هذا الرفض من عاملين، الأول: الخوف من تداعيات الاستقلال الكردي في العراق على القضية أو القضيتين الكرديتين في كل من تركيا وإيران، على شكل مطالبة باجراء استفتاء مماثل من جهة. ومن جهة ثانية، الخوف من أن تؤدي ولادة دولة كردية إلى واقع إقليمي جديد على حساب النفوذين، التركي والإيراني، في المنطقة، خصوصا في ظل مجاهرة إسرائيل بدعم إقامة دولة كردية مستقلة، وإمكانية التحالف معها في ظل الصراعات الإقليمية الجارية. وعليه، يمكن القول إن الهدف الأساسي من الإجراءات العراقية والتركية والإيرانية هو دفع إقليم كردستان إلى العودة إلى مرحلة ما قبل الاستفتاء.
من دون شك، وضع هذا الواقع قيادة الإقليم في امتحان صعب، فالبارزاني لم يعد يستطيع العودة إلى مرحلة ما قبل الاستفتاء، إذ ستنهار مصداقيته، كما أن مشروعه السياسي المستقبلي سيفقد عناصره، فيما الذهاب إلى خيار الانفصال والاستقلال سيضعه في مواجهة حتمية مع بغداد، وربما سيعرض الإقليم إلى تدخل عسكري إيراني وتركي.
في ظل هذه المعادلة الصعبة، يبقى عامل الوقت مهما، إذ يبدو أن الإقليم يراهن على عامل الوقت، لتغيير المواقف الإقليمية والدولية تدريجيا. وهو في تطلعه هذا يمزج بين استراتيجية التفاوض والصمود في مواجهة الضغوط، كما أن القوى الرافضة لانفصال الإقليم ترى أن الوقت ليس لصالح البارزاني، وأن الإقليم لن يتحمل الحصار والإجراءات التصاعدية إلى ما لا نهاية.
يبدو إقليم كردستان في مرحلة ما بعد الاستفتاء، وكأنه أمام تجربة جمهورية مهاباد الكردية عام 1946، ما لم يحصل على الدعم الإقليمي والدولي، وهو غير متوفر إلى الآن. وإن لم يكن ذلك، فإن تجربة جمهورية قبرص التركية تبدو حاضرة في الأذهان، تلك الجمهورية التي لم تعترف بها سوى تركيا، على الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على إعلانها، مع فارق أن هذه الجمهورية بقيت كل هذه السنوات بفضل الدعم التركي.
الحكومة العراقية المندفعة بقوة الدعم الإيراني، والرفض التركي لإقامة دولة كردية، تبدو حسمت قرارها لجهة عدم التعامل مع الاستفتاء ونتائجه، والسعي إلى فرض سلطتها على المفاصل الأساسية في الإقليم، من معابر ومطارات ومناطق متنازع عليها. ولعل ما يدفعها أكثر إلى هذا الأمر هو العامل الانتخابي، في ظل التنافس بين رئيسي الحكومة، الراهن حيدر العبادي والسابق نوري المالكي، على صدارة المشهد السياسي من جهة. ومن جهةٍ ثانية، بروز خريطة سياسية جديدة للقوى الشيعية على وقع تحول الحشد الشعبي إلى قوة أمر واقع على الأرض، وتطلعه إلى الحكم والسياسة. ولعل ما يصعب من موقف قيادة الإقليم هو الرفض الصارم لإيران وتركيا أي خطوة انفصالية عن العراق، وانتقال العاصمتين إلى سلسلة إجراءات تصعيدية ضد الإقليم، وصولا إلى التلويح بالخيار العسكري ضده، إذا ما مضى في خيار الانفصال. وينطلق هذا الرفض من عاملين، الأول: الخوف من تداعيات الاستقلال الكردي في العراق على القضية أو القضيتين الكرديتين في كل من تركيا وإيران، على شكل مطالبة باجراء استفتاء مماثل من جهة. ومن جهة ثانية، الخوف من أن تؤدي ولادة دولة كردية إلى واقع إقليمي جديد على حساب النفوذين، التركي والإيراني، في المنطقة، خصوصا في ظل مجاهرة إسرائيل بدعم إقامة دولة كردية مستقلة، وإمكانية التحالف معها في ظل الصراعات الإقليمية الجارية. وعليه، يمكن القول إن الهدف الأساسي من الإجراءات العراقية والتركية والإيرانية هو دفع إقليم كردستان إلى العودة إلى مرحلة ما قبل الاستفتاء.
من دون شك، وضع هذا الواقع قيادة الإقليم في امتحان صعب، فالبارزاني لم يعد يستطيع العودة إلى مرحلة ما قبل الاستفتاء، إذ ستنهار مصداقيته، كما أن مشروعه السياسي المستقبلي سيفقد عناصره، فيما الذهاب إلى خيار الانفصال والاستقلال سيضعه في مواجهة حتمية مع بغداد، وربما سيعرض الإقليم إلى تدخل عسكري إيراني وتركي.
في ظل هذه المعادلة الصعبة، يبقى عامل الوقت مهما، إذ يبدو أن الإقليم يراهن على عامل الوقت، لتغيير المواقف الإقليمية والدولية تدريجيا. وهو في تطلعه هذا يمزج بين استراتيجية التفاوض والصمود في مواجهة الضغوط، كما أن القوى الرافضة لانفصال الإقليم ترى أن الوقت ليس لصالح البارزاني، وأن الإقليم لن يتحمل الحصار والإجراءات التصاعدية إلى ما لا نهاية.
يبدو إقليم كردستان في مرحلة ما بعد الاستفتاء، وكأنه أمام تجربة جمهورية مهاباد الكردية عام 1946، ما لم يحصل على الدعم الإقليمي والدولي، وهو غير متوفر إلى الآن. وإن لم يكن ذلك، فإن تجربة جمهورية قبرص التركية تبدو حاضرة في الأذهان، تلك الجمهورية التي لم تعترف بها سوى تركيا، على الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على إعلانها، مع فارق أن هذه الجمهورية بقيت كل هذه السنوات بفضل الدعم التركي.