انتشرت في الأسابيع الأخيرة ظاهرة العنف في الملاعب العربية، وأصبحت الخسارة في مباراة رياضية بمثل حجم كارثة لا يمكن تقبلها وتكررت المشاهد بشكل جعلني أشعر بالمرارة بسبب ما آل إليه واقع الرياضة العربية.
لا تكاد تخلو أية مباراة من مظاهر لتبادل العنف خارج الملعب وحتى بداخله أحيانًا، مثل الاحتجاج على القرارات التحكيمية، والتدخلات العنيفة على المنافس، وعدم تقبل للهزيمة ومطالبة الجماهير أحيانًا بالاحتجاج.
فحتى مباريات كرة اليد وكرة السلة التي تلعب داخل الصالات أصابتها عدوى هذه التجاوزات وأصبحت المباراة تستغرق أكثر من وقتها بكثير بسبب توقف اللعب جراء الاحتجاجات المتواصلة والغضب الجماهيري الذي يصل إلى رمي القوارير وتهشيم الكراسي وإلقاء القطع النقدية بالإضافة إلى الشتائم والألفاظ البذيئة التي تدخل إلى بيوتنا من خلال التلفزيون الذي ينقل تلك المنافسات.
وتزداد الحسرة لدينا عندما نشاهد البطولات الأوروبية الكبرى، التي تعيش منافسة مالية كبرى بين كبار الأندية ولكن لا شيء يمنع من تبادل القمصان بين اللاعبين إثر نهاية المباريات وتبادل التحية بين الخاسر والرابح إلى درجة تجعلك تنسى القيمة المالية لهؤلاء النجوم.
تشعر أحيانًا وأنت تتابع مباراة بين فريقين أوروبيين كأنك تشاهد عرضًا مسرحيًا أو تتابع حفلًا موسيقيًا؛ فترى مشاهدَ يثلج لها الصدر وتنشرح لها الأنفس وتتمنى لو أن اللقاء يدوم ساعات وساعات حتى تنعم بمتعة مشاهدة عروض رياضة عالية المستوى.
ما حدث في مباراة دورتموند الألماني وموناكو الفرنسي عندما قررت العائلات الألمانية استضافة الجماهير الفرنسية بمنازلها بسبب تأجيل موعد المباراة، يكفي أن يكون درسًا للمفهوم الحقيقي للرياضة، لن أتحدث عن خسارة بايرن مونيخ بسبب أخطاء تحكيمية فاضحة أمام ريال مدريد ولن أعلق على نهائي كلاسيكو الأرض بين أكبر فريقين في العالم برشلونة وريال مدريد رغم قيم الرهان لماذا لا نشاهد مثل هذه الصور الرائعة في ملاعبنا؟ لماذا أصبحنا جماهير لا تتقبل الهزيمة؟ أين اللجان الساهرة على تنظيم الجماهير داخل الملاعب؟ لن تتحسن رياضتنا ولن تتقدم كرتنا إلا إذا وجدنا الإجابات الشافية والكافية لهذه الأسئلة.