كذبة القيم في الحرب

30 مايو 2015
+ الخط -
بعدما سطت الثورات المضادة وفصائل متشددة، تأخذ من "الإسلام السياسي" شعاراً لها، على ثورات الربيع العربي، هل بقي حقا من يدافع عن قيم الحرية والعدالة والكرامة والمواطنة والنزاهة، وعن أخلاقٍ من طبيعتها ومن طبيعة المستقبل لا الماضي السحيق؟ أم أن مجرد طرح السؤال حماقة في زمن الحرب؟ وهل تصلح أسلحة القتل من حيث المبدأ للدفاع عن القيم الإنسانية؟ أليس لكل هدف أدوات ما لم تكن مناسبة له توصل إلى نقيضه؟ ثم، أليست الأهداف من طبيعة الطريق؟ فالطريق هي التي تعبّر عن نفسها في النهاية وليس النوايا، أيا تكن، فكيف بالخبيث منها؟

وإذا كنا متفقين على أن قمع الحريات وتقييد العقل وإلغاء النقد لم يصلح طريقا لتحرير فلسطين، وإلّا لما قاد إلى الكوارث التي أورثنا إياها العسكر الدجّالون، وما زالوا يفعلون، فهل يصلح مثلها طريقا لتحرير الإنسان؟ أم أن الإنسان العربي الذي خرج على الظلم والقهر والاضطهاد والقمع والتهميش والتجهيل وعلى جميع موبقات حكم العسكر وأشباههم من المدنيين، نحو أن يصبح نقيضاً لكل ما خرج ضده لم يعد يعني أحدا، وربما لم يعد يعني نفسه بعدما تم تحويله إلى أداة تطلق النار على المستقبل؟

لا مكان للأسئلة في الحرب، فغرف العمليات هي من يقرر. ولكن، عن أي حرب يدور الحديث؟ أليست الحروب التي تدور على الأرض العربية، حربا ضد الحريات والحقوق ومفهوم المواطنة والدولة وقيم الاختلاف المؤسسة لفكرة الحياة؟ أليست حربا ضد المستقبل وضد فكرة الدولة من حيث المبدأ، ذلك أن الدولة التي تنشدها الرايات السوداء والخضراء والصفراء غير ممكنة من حيث المبدأ إلا كوسيط لتدمير الدولة كواقع وكفكرة؟ أم أنّ أوان النقد لم يحن، فلم يسقط آخر الأحرار بعد؟

لا مكان لعربي في خارطة المستقبل من دون نقد ولا مكانة له دون عقل جديد. وأما الحديث عن مصالح لأعداء خارجيين ومؤامرات فشيء مضحك، كالحديث عن طريق إلى الحرية عبر سلاح الطغيان العسكري والديني، أم كلاهما ليس مضحكاً؟
المساهمون