كتالونيا وخبّازوها يحتفون بجوان فنيولي

20 يوليو 2014
الشاعر وطفلاه
+ الخط -

في الذكرى المئوية لميلاده، أعلنت كتالونيا احتفاءَها بشاعرها جوان فنيولي (1914-1984)، بتسمية هذا العام على اسمه، وتكريس أيامه ولياليه للتذكير به عبر ندوات وعروض وقراءات، تغطي أيام العام. برنامج غني ومتنوع يكرّس للشاعر، بمشاركة مئات الفاعلين الثقافيين، شعراء وكتّاب وفنانين وممثلي مسرح.

فنيولي الذي ينظر إليه الكتلان كشاعر قومي، ويُعدّ واحداً من أعظم شعرائهم في القرن العشرين، ترك وراءه ثروة غزيرة من الإنتاج: مجاميع شعر وكتب نثر وترجمات. شاعر عصامي، فقد والده في سن مبكرة، وواجه الحياة بصعوباتها الجمّة، وعاش تجارب قاسية وفريدة، انعكست على موشوره الشعري في ما بعد.

هو أيضاً من ترجم راينر ماريا ريلكه إلى لغته الأم، وتأثّر به كشاعر في مرحلته الأولى التي استمرّت طويلاً. إضافة إلى تأثره البالغ في تلك المرحلة (1937ـ 1963) بغوته وهولدرلين وبقية أركان المدرسة الألمانية. لكنه بمرور الوقت استطاع الخروج من عباءة هؤلاء الرومانسيين والرمزيين، ونحا نحو الواقعية التي تخصّه: واقعية التفاصيل الصغيرة، "واقعية الفقدان والزوال"، القادرة "على استخدام اللغة اليومية لتقديم رؤية مميزة لحالة الإنسان"، كما قال في أحد حواراته.

تتكرر في شعر فنيولي موضوعات الحب والموت والذاكرة، وهي ثيمات أخذته إلى التأمل، وهذا بدوره أخذه إلى الموت، يقول: "عندما تنظر إلى الطريقة التي يزول عبرها كلُّ شيء، سترى أنها أمرٌ آخر مختلف عن الفقدان. سترى أنها، بطريقة تحوّلية، تغدو جزءاً من الذاكرة".

صاحب ديوان" الصمت"، والنبرة الخفيضة المثقلة بالأسى الوجودي، سيحتفي به حتى الخبّازون ونُدُل المقاهي والمطاعم وباعة النبيذ في برشلونة وباقي مقاطعة كتالونيا. وقد كرّس الإعلام المرئي والمسموع وقتاً قصيراً يومياً، للحديث عن الشاعر وقراءة مقاطع من شعره. أما الخبّازون فطبعوا صوره ونصوصه على مظاريف الخبز الورقية. حيث كتبوا على الغلاف الأول معلومات عنه، وعلى الغلاف الثاني أوردوا قصيدة صغيرة أو مقطعاً.

وعليه، لو مررت ببرشلونة هذه الأيام، فلن تفلت من فنيولي في كل شيء تصادفه تقريباً: صوره مطبوعة على الكأس في الحانة، على كيس الفاكهة في السوبر ماركت، على محطات الباص والمترو في الشوارع والساحات.

أما للمثقفين فثمة أجندة ممتلئة بالندوات والأمسيات والقراءات الشعرية، يتشاركونها مع الجمهور، في تلك المكتبات الكبيرة والصغيرة الموجودة في كل حيّ (أكثر من 40 مكتبة). ويذكر أن عيد سان جوردي للكتاب (وهو أهم معرض كتاب في كتالونيا) كان أيضاً، يوماً من أيام فنيولي. حيث انتشرت صوره وأُعيدت طباعة كتبه، مع فعاليّات عنه.

وضمن هذا التقليد، والحرص على تطويره كل سنة، احتفلت كتالونيا العام الماضي بالشاعر سلفادور إسبريو، وستحتفل في العام القادم بالشاعرة جوانا راسباي.

المساهمون