بعد رفض المحكمة طلب البيت الأبيض بوقف صدوره، تحول كتاب ماري ترامب عن عمها الرئيس، إلى موضوع يزاحم أخبار كورونا. أمس، وفي يومه الأول، ضربت مبيعاته المسبقة الرقم القياسي: حوالي مليون نسخة. إقبال نادر تقزّم إلى جانبه الطلب على كتاب جون بولتون قبل أسبوعين، برغم أهميته والضجة التي أثارها.
ويعود الاهتمام غير الاعتيادي بها الكتاب لكونه صادراً عن "شاهد من أهله"، ويعرض معلومات مثيرة من داخل البيت، تعزز الصورة السائدة بسردياتها ومعلوماتها المحرجة، إن لم تكن المؤذية أكثر من غيرها للرئيس، وخاصة أن المؤلفة التي تؤكد وتشدد على صحة رواياتها، هي طبيبة نفسية لا تتعاطى السياسة، ولم يسبق لها طوال رئاسة عمها أن أدلت بموقف أو تصريح مناوئ للرئيس.
الكتاب يبدأ بعنوان مزلزل: "أكثر مما ينبغي وغير كافٍ أبداً: كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم؟". أن يصدر عن ابنة شقيق الرئيس كلام من هذا النوع وبهذه الخطورة، فهو بحد ذاته لافت ويدعو للتوقف عنده، مع ما لذلك من آثار سعى الرئيس لتجنبها بمحاولته منع نشر الكتاب.
الكتاب يبدأ بعنوان مزلزل: "أكثر مما ينبغي وغير كافٍ أبداً: كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم؟"
في المقابلات التي أجرتها خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، كشفت ابنة شقيق الرئيس عن جوانب وممارسات أرادتها أن تكون بمثابة إنذار مسبق لأنها متخوفة "من أن ولاية ثانية للرئيس ستكون بمثابة النهاية للتجربة الأميركية". فهو في اعتقادها "غير مؤهل ليكون رئيساً"، والدليل أنه خلال سنوات رئاسته "ألحق الضرر بالمؤسسات وتجاوز الأنماط المعمول بها".
ووصفت الرئيس بأنه "عنصري"، وأن من ثقافة العائلة "عدم الاعتراف بالخطأ، لأن ذلك دليل ضعف". وكشفت أنه كان يتلفظ بعبارات "عنصرية تجاه الأميركيين السود"، وكذلك بكلمات "معادية للسامية" ضد اليهود. ومن أخطر ما رددته أن الرئيس "يعمل على زرع التفرقة بين الأميركيين". وتقول إنها بادرت لنشر هذه المعلومات التي يحتويها الكتاب، من باب "الواجب" والحرص على المصلحة الوطنية التي يحيط بها "الخطر"، كما تقول، إذا ما جدد عمها رئاسته.
"كتاب ماري ترامب يأتي كلطمة غير محسوبة من داخل العائلة وفي أسوأ لحظات رئاسة ترامب"
تجدر الإشارة إلى أن العلاقة العائلية لم تكن صحية بينهما، وشابتها خلافات ودعاوى عن ورثة الجدّ، والد الرئيس، لكنها لم تكن عدائية. ويبدو أن لرواسب هذه العلاقة دوراً في فتح النار على الرئيس في هذه اللحظة الحساسة. حزمة التحفيز والعون المالي ينتهي مفعولهما في 13 الجاري، والبطالة تهدد بالمزيد من الارتفاع، فيما يتردد البيت الأبيض والجمهوريون في الكونغرس، حتى الآن، في الإقدام على حزمة جديدة من هذا النوع.
في الوقت ذاته يتزايد التعثر في حملته الانتخابية التي أقال الرئيس، قبل يومين، مديرها العام في ضوء تدهور رصيده، قبل مئة يوم ونيف فقط من الانتخابات الرئاسية. منافسه جو بايدن يتقدم عليه بأكثر من عشر نقاط، وفق استطلاع "وول ستريت جورنال" وشبكة "أن بي سي". 60% من الأميركيين ضد تعامله مع أزمة كورونا. 2 من 3 منهم ينتابهم الخوف.
في أواخر الأسبوع، ارتفع عدد الإصابات إلى ما فوق 70 ألفاً يومياً، وهو يتجه نحو المئة ألف، وفق تحذيرات الطبيب الخبير أنتوني فاوتشي. ومع ذلك، لم يتزحزح الرئيس عن خطابه التهويني للجائحة وإلحاحه على ضرورة فتح المدارس في أوقاتها (بعد شهر ونصف ) حسب المعتاد، بالرغم ما ينطوي عليه ذلك من مجازفة في وقت عاد فيه الفيروس إلى التفشي وبنسبة عالية في أكثر من أربعين ولاية.
كتاب ماري ترامب يأتي كلطمة غير محسوبة من داخل العائلة، وفي أسوأ لحظات رئاسة ترامب. وإذا كان تأثيره مستبعداً في أوساط القاعدة المحافظة الصلبة للرئيس، فإنه قد يؤثر على شرائح من المستقلين البيض الذين يتوقف مصير الانتخابات على أصواتهم، وخاصة أن وسائل الإعلام تعمل بقوة على الترويج لهذا الكتاب من زاوية اعتباره شهادة "غير منحازة " بحكم القرابة.