كتاب حول سيرة بيريز يكشف تفاصيل بناء الترسانة النووية الإسرائيلية

08 سبتمبر 2017
يعتبر بيريز من أبرز الشخصيات العسكرية الإسرائيلية (فرانس برس)
+ الخط -
"لا مكان للأحلام الصغيرة" هو اسم كتاب السيرة التاريخية لحياة الرئيس الإسرائيلي الأسبق، شمعون بيريز الذي سيصدر الأسبوع المقبل. ويتناول حياة السياسي الإسرائيلي، الذي كان أحد أكثر الشخصيات الإسرائيلية، بعد بن غوريون، أثرا في بناء القوة العسكرية لدولة الاحتلال منذ النكبة، وحتى وفاته العام الماضي.

وبما أن اسم شمعون بيريز يقترن بالأساس في المخيلة الإسرائيلية والعربية والعالمية بمفاعل الذرة الإسرائيلي في ديمونا، فقد نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في ملحقها الأسبوعي، فصلا من الكتاب حول دور بيريز في بناء المفاعل الذري، بفضل التحالف الإسرائيلي الفرنسي، في الخمسينيات من القرن الماضي، ودور بيريز في تحديد سياسة الضبابية أو "الغموض" في كل ما يتعلق بالترسانة النووية الإسرائيلية وحجمها.

وبحسب ما نشرته الصحيفة، فقد وافق بيريز على وضع مذكراته، أو سيرة حياته، في العام الماضي، قبل شهر من موته، حيث تم الاتفاق مع دار النشر الأميركية هاربر كولينس، على نشر الكتاب، وقام بيريز مع طاقمه الخاص ومندوب عن الدار الأميركية على مدار شهر كامل بوضع الكتاب.

وبالرغم من محاولات الترويج للكتاب، بأنه يشمل معلومات جديدة، إلا أن ما نشرته "يديعوت أحرونوت" لا يلقي الضوء على جوانب مجهولة، بقدر ما يشير إلى إصرار بيريز، بعد موافقة ودعم بن غورويون له، على المضي قدما في المشروع رغم اعتراض جهات في الجيش الإسرائيلي ورغم اعتراض وزارة المالية، التي اعتقدت أن المشروع قد يؤدي لإفلاس الدولة الإسرائيلية، حيث أبلغ وزير المالية آنذاك، أشكول ليفي، بيريز أنه لن يحصل على قرش واحد من موازنة الدولة، وهو ما دفع عام 1953، إلى إطلاق حملة تبرعات سرية بين الجاليات اليهودية ورجال الأعمال اليهود في مختلف أنحاء العالم، أسفرت عن توفير المبلغ المطلوب للبدء في بناء المفاعل الذري في ديمونا.

ووفقا لبيريز، فإن العالم الرئيسي في المشروع، كان يسرائيل دوستروبسكي، وهو عالم كان ابتكر طريقة لإنتاج الماء الثقيل وقام ببيعها للحكومة الفرنسية، ومعه العالم آرنست بيرغمان الذي كان عالم الفيزياء المعروف، ألبرت إينشتاين، رشحه لرئاسة معهد العلوم الإسرائيلي، وايزمان" في العام 1934.

ويكرر الكتاب الجديد، حكاية ابتكار بيريز للرد الذي تحول لاحقا للسياسة الإسرائيلية المعلنة في كل ما يتعلق بما يدور في ديمونا. إذ يعيد الكتاب سرد قصة توجه بيريز إلى الولايات المتحدة، للرد على استفسارات الولايات المتحدة بشأن ما يتم بناؤه في ديمونا، بعد أن التقطت طائرات تجسس روسية صورا لموقع البناء، وبحسب رواية بيريز في الكتاب، وهي رواية سبق له أن سردها في مناسبات أخرى، فإنه قال للرئيس الأميركي وقتها، جون كيندي، خلال اللقاء بينهما في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1959، (حيث كان بيرسيز في مهمة رسمية معلنة هي شراء صواريخ توماهوك أميركية، وتم ترتيب لقاء غير رسمي مع كيندي في المكتب البيضاوي): "أستطيع أن أقول لك بوضوح إننا لن نكون أول من يدخل السلاح الذري للمنطقة"، وهي العبارة التي تحولت بحسب اعتراف بيريز إلى الموقف الرسمي الذي عادت الحكومات الإسرائيلية وكررته باستمرار، حتى بعد كشف الخبير الإسرائيلي، مردخاي فاعنونو، عن أسرار الترسانة الذرية الإسرائيلية في أواخر الثمانينيات للصحف البريطانية، وهو ما قاد إلى تنظيم الموساد عملية شائكة لاختطافه من على متن باخرة إيطالية وتقديمه للمحاكمة في إسرائيل والحكم عليه بالسجن لأكثر من عشرين عاما.

ويكشف بيريز في الفصل الذي نشرته "يديعوت أحرونوت" اليوم، أن هذا الموقف ساهم كثيرا في تعزيز وبناء قوة ردع إسرائيلية، وخاصة أن الغموض الذي لف حقيقة المفاعل الذري في ديمونا كان سببا باعتقاده في عدم شن الدول العربية حرب إبادة على إسرائيل، حتى خلال حرب عام 1973، حيث امتنعت القوات المصرية، وأيضا القوات السورية عن التقدم باتجاه العمق الإسرائيلي، واكتفت بالقتال في سيناء وفي هضبة الجولان.

كما تكشف المذكرات، عن محاولة وزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى، حسب ذمة بيريز، طلب زيارة ديمونا متعللا بعمق الصداقة المصرية الإسرائيلية، فكان رد بيريز عليه: "هل جننت، وماذا أذا اكتشفت أنه لا شيء هناك، ثم توقفت عن القلق، سيكون ذلك بمثابة كارثة لإسرائيل، إنني أفضل أن تواصل الشك، فهذه قوة الردع لدينا".

إلى ذلك يكشف الكتاب عن توجه بيريز، متخفيا، إلى زيارة لعمان للقاء مع الملك حسين في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 1993، قبل التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والأردن، وهناك التقى العاهل الأردني الراحل الملك حسين، حيث يقول بيريز، إنه منذ بدء اللقاء بأجواء طيبة كان ذلك بمثابة مواصلة طبيعية للقاء الأخير بيننا في لندن عام 1987، عندما توصل بيريز والملك حسين إلى اتفاق لندن الذي أفشله في حينه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، يتسحاق شامير.
 

دلالات