كأن نواف الموسوي هو الضحية!

21 يوليو 2019
تقدم الموسوي باستقالته من البرلمان (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
في مقابل ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة على حادثة غدير الموسوي، التي طالبت بإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية، وهي كثيرة، ارتفعت بموازاتها ردود فعل لتحييد النائب نواف الموسوي من "الذكورية والأبوية" وتصويره بصورة الضحية، وهي كثيرة أيضاً.

احتفت بعض وسائل الإعلام في لبنان باستطاعة الرأي العام الفصل بين القبعة السياسية للنائب وبين قبعته الشخصية، وتعاطفت بعض الآراء معه انطلاقاً من "أبوّته الحانية"، وبررت أخرى له حمله سلاحه "الفردي" للاقتصاص من المعتدي.

نواف الموسوي ليس الضحية، وهو بالتأكيد ليس بحاجة إلى حملة تضامن. غدير هي الضحية التي تقف على عتبة أتون ذكوري قمعي، تتقاطع فيه عوامل السياسة والدين والقانون وانتشار التسلح والذكورية السامّة، وتلك النفعية والأبوية، والبنى الاجتماعية وهيكليات القوى غير المتكافئة. معاقر الخلل والظلم الذي يواجه النساء في لبنان هو في تقاطع المنظومة السياسية - التشريعية مع النظرة الأبوية - الحامية، والسلطة الذكورية - السامّة، وتلك الدينية - الإقصائية التي تنظر للنساء نظرة دونية. غدير هي ضحية ما أفرزته هذه العوامل من بنى اجتماعية تعزز التفوق الذكوري، وهيكليات ومركبات القوى غير المتكافئة. النائب الموسوي كان (وربما لا يزال) جزءاً من هذه المنظومة، ولا يمكن، ولا حتى لاستقالته، أن تجرّد عنه أي مسؤوليات في تحمّل نتائجها.

وقبل حاجتهن إلى قانون ومؤسسات ترعى تنفيذ قانون حمائي من العنف ومن الاضطهاد والقمع، النساء بحاجة إلى بنى اجتماعية واقتصادية تعزز التكافؤ في مركبات القوى، وترعى حرية الاختيار؛ حينها يكون القانون مساراً ضامناً للحقوق وليس أداةً لتطويع المنظومة لحسابه.

مفهوم العدالة الأهلية أو الاقتصاص من المجرم من دون سلطة قانونية لن يزيد الأمور إلا تعقيداً، ولن يساهم سوى بتحويل البلد إلى مزرعة. النساء لسن بحاجة إلى من يلبس العباءة الذكورية المتعاطفة ليقضي على الذكورية السامّة. النساء لسن بحاجة إلى منقذ ينصفهن في وجه التمييز القانوني - الذكوري - الديني - الأيديولوجي. أيّ نموذج أعطى الجدّ لأولاد أو بنات غدير بـ"القضاء" على المشكلة عبر "محوها"؟ السلاح الذكوري، مهما كان المبرر، ليس حلاً، وهو بالتأكيد ليس نموذجاً للرجولة.




معالجة المشاكل الفردية أو المجتمعية بردود أفعال انفعالية عشوائية ليست حلاً. وانتظار أن يُطاول شخص ما ذا "نفوذ" من عنف المنظومة لكي يتصدى لها بشكل فردي، هو أيضاً ليس حلاً. هي حلقة من العنف والعنف المضادّ التي ستبقى تتفجر بشكل فردي، إلى أن يأتي وقت تخرج فيه الأمور عن السيطرة.

*ناشطة نسوية
المساهمون