23 أكتوبر 2019
كأن شيئا لم يكن
يقال في الألم إنه كموج البحر يرخي سدوله على من يأسره ليبتلى، وإنه ريح لا يهدأ عصفها، تبقى تواصل الجهاد فيه باحثا عن نفسك ولا تجد لها سبيلاً.
لكن هناك نوع من الألم لم يأخذ حقه في الكلام لن يستطع أن يفهمك فيه إلا من أصابه، نوع يجعلك كمن شاب في الشباب، ويصبح بعدها قدرك تحيا وتنظر قائلاً: "هنالك حيثما كنت أنا أنتمي". هناك في القريب البعيد حيث كان كل شيء عائدًا لك، وما زالت اللوحة فيه متكاملة بكل تفاصيلها وألوانها لكن مكانك لم يعد بداخلها.
قد تحمل أيامك الكثير من الأمنيات والأحلام ترافقك حتى في نومك وتسعى جاهداً خلف تحقيقها لربما قد تصل إلى بعض منها وتؤمن أن بعضها الآخر لم يكتب لك في قدرك. لكن ماذا لو وصلت أو اقتربت وباتت نشوة الفرح تتدفق في عروقك، ثم فجأة ومن دون أي سابق إنذار يباغتك القدر بأن كل شيء كان أصبح هباء منثورا وكأن شيئاً لم يكن.
تجد نفسك خارج المعادلة بأكملها كأنك رقم صفر تم ركنه في الطرف الأيسر بعد احتلاله للصدارة في الطرف الأيمن. كأنك قدسي يحمل في عروقه رائحة للوطن تكاد تسمعها، ولكنه حرّم عليه أن يجوب في شوارعها، وحين أطل من نافذة بيته وجد المستوطنون يلعبون الكرة في ساحات مسجده.
أو ككتاب اعتلته الأتربة وهو يجلس على رف مهترئ، يثقله القلم الذي نام يبكي بين أحضانه وهو ينتظر من صاحبه أن يأتي ويكمل ما تبقى من صفحاته، وبعدها تجد نفسك كمن بقي عالقاً في أزمة سير بعد ما فاته موعده ولم يعد بإمكانه أن يعود أدراجه ولا تبصر عينه سبيل ليتقدم من خلاله.
ولكنك تحاول المواصلة في السير وأنت تلملم قليل ما تبقى من كثيرك المتبعثر، تسير وأنت مشتت الأفكار متزعزع المعايير، كمن أفاق من نوم كهفي ووجد أن كل ما كان يحمله بات ظلالا، وأن ما كان يسميه بالصلاة لم يزده إلا نيراناً، وأنهم خرجوا بعده بدين جديد وجعلونا من ذلك كفارا.
ثم تعود وتختبئ في قوقعتك وحيداً مع خيباتك، تخوض معارك الفوز فيها أصبح خسارة، إلا أن تقرر إتمام دربك مسالماً صابراً على ما أصابك، ومتخلياً عن كل ما يحيط بك وموحداً لقلبك، غريباً عن نفسك مغترباً في وطنك باحثاً عن مسالك النجاة، موقناً أنه لو كان خيراً لبقى.
لكن هناك نوع من الألم لم يأخذ حقه في الكلام لن يستطع أن يفهمك فيه إلا من أصابه، نوع يجعلك كمن شاب في الشباب، ويصبح بعدها قدرك تحيا وتنظر قائلاً: "هنالك حيثما كنت أنا أنتمي". هناك في القريب البعيد حيث كان كل شيء عائدًا لك، وما زالت اللوحة فيه متكاملة بكل تفاصيلها وألوانها لكن مكانك لم يعد بداخلها.
قد تحمل أيامك الكثير من الأمنيات والأحلام ترافقك حتى في نومك وتسعى جاهداً خلف تحقيقها لربما قد تصل إلى بعض منها وتؤمن أن بعضها الآخر لم يكتب لك في قدرك. لكن ماذا لو وصلت أو اقتربت وباتت نشوة الفرح تتدفق في عروقك، ثم فجأة ومن دون أي سابق إنذار يباغتك القدر بأن كل شيء كان أصبح هباء منثورا وكأن شيئاً لم يكن.
تجد نفسك خارج المعادلة بأكملها كأنك رقم صفر تم ركنه في الطرف الأيسر بعد احتلاله للصدارة في الطرف الأيمن. كأنك قدسي يحمل في عروقه رائحة للوطن تكاد تسمعها، ولكنه حرّم عليه أن يجوب في شوارعها، وحين أطل من نافذة بيته وجد المستوطنون يلعبون الكرة في ساحات مسجده.
أو ككتاب اعتلته الأتربة وهو يجلس على رف مهترئ، يثقله القلم الذي نام يبكي بين أحضانه وهو ينتظر من صاحبه أن يأتي ويكمل ما تبقى من صفحاته، وبعدها تجد نفسك كمن بقي عالقاً في أزمة سير بعد ما فاته موعده ولم يعد بإمكانه أن يعود أدراجه ولا تبصر عينه سبيل ليتقدم من خلاله.
ولكنك تحاول المواصلة في السير وأنت تلملم قليل ما تبقى من كثيرك المتبعثر، تسير وأنت مشتت الأفكار متزعزع المعايير، كمن أفاق من نوم كهفي ووجد أن كل ما كان يحمله بات ظلالا، وأن ما كان يسميه بالصلاة لم يزده إلا نيراناً، وأنهم خرجوا بعده بدين جديد وجعلونا من ذلك كفارا.
ثم تعود وتختبئ في قوقعتك وحيداً مع خيباتك، تخوض معارك الفوز فيها أصبح خسارة، إلا أن تقرر إتمام دربك مسالماً صابراً على ما أصابك، ومتخلياً عن كل ما يحيط بك وموحداً لقلبك، غريباً عن نفسك مغترباً في وطنك باحثاً عن مسالك النجاة، موقناً أنه لو كان خيراً لبقى.