كأنهم نيام
كأنهم نيام وبأذرع مفتوحة للحلم وللحياة التي خذلتهم وضحكت لأبناء البزات الأنيقة والمحللين الذين يتساءلون عن التوقيت والهدف، عن عدد الضحايا ومكان موتهم.
كأنهم نيام على فراش بلدي في سهرة عائلية أصر الطفل أن ينام عند جيرانه كي يكمل الحلم معهم، وينهي الحياة بجانبهم.
كأنهم نيام والمحلل الممانع يشكك في وجودهم وفي طفولتهم ويصرخ كالقذافي في وجه المشاهدين من أنتم؟!
كأنهم نيام واليساري المقاوم لا يقيم وزنا لقيامة الطفل في الصراع مع القوى الإمبريالية.
كأنهم نيام ويكمل الجميع سهرتهم ضاحكين على حركات ترامب وعباراته متسمرين أمام الشاشات خلف التاريخ وتحت الالتزام الأخلاقي وفوق أي تضامن إنساني.
كأنهم نيام، يلتحفون السارين، حتى يلتصق بياضه بأجسامهم ويتلعثمون بحروف اسمه فيحملونها معهم إلى النهاية.
كأنهم نيام وفي صورهم ما يتكرر ويعاد ويوجع ولا يذكر الأسماء وينسى عند بداية الأسبوع.
كأنهم نيام فيعبر الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه ليلا كجملة أخيرة ينهي بها يوم عمل طويلا وشاقا خلف مكتب مزخرف.
كأنهم نيام ويصمت العالم كي لا يوقظهم ويهطل عليهم من الكلام المنمق كي يدفنوا في مرثيات نتثاءب عليها نحن في مهرجانات إعادة الإعمار.
كانهم نيام ويشارك أقرانهم بمسابقات المواهب على الشاشات الممتلئة بالجمهور والأضواء وصراخ الفنانين.
كأنهم نيام ويتهمون هم بخنق الهواء وقتل الأحلام وسرقة الحقيقة... وهم نيام.
كأنهم نيام وتقفز بنت الرئيس بفرسها في مسابقة طهران فوق جثثهم، وتدق حوافر فرسها في أفئدتهم ويصفق لها النظام العالمي الجديد.
كأنهم نيام على سيارة معدة لنقل البضائع يقودها معارض من على منصة عاصمة إقليمية يصرخ بوجه منصة في عاصمة غربية وجميعهم يسيرون باتجاه المقبرة بكل الطرق.
كأنهم نيام ولكن ليسوا في مغارة المسيح ولا في رواية أهل الكهف ولكنهم في حضن الوطن وتحت سقفه للحياة وفي عين بنك أهداف طائراته.
كأنهم نيام ولكن بأعين تطاردنا نحن الضحايا الذين لم تطاولهم يد القاتل وهزمتنا شعاراته ولغته وقلة حيلتنا.
كأنهم نيام ولكن عين الوطن الساهرة لا تنام إلا على رائحة شوائهم بدون دماء.
كأنهم نيام وهل في هذا ما يثير الدهشة ويستصرخ الضمير؟ إنه مجرد نوم.
كأنهم نيام وكأننا موتى.