قوّة عراقية خاصة تتدرب لتتسلّم أمن بغداد من المليشيات

17 اغسطس 2015
الفرقة الأميركية تدرب 3 آلاف جندي عراقي (كارولين كاستر/getty)
+ الخط -
باشرت أربعة أفواج عسكرية عراقية يبلغ قوامها نحو 3 آلاف مقاتل، يوم أمس الأحد، تدريباتها بإحدى القواعد العسكرية شمالي العاصمة على يد فريق عسكري أميركي، ضمن خطة مسبقة بين رئيس الحكومة حيدر العبادي وواشنطن، لسحب الملف الأمني من يد المليشيات في العاصمة بغداد.


اقرأ أيضاً: إشراك المليشيات بإدارة الملف الأمني يثير مخاوف البغداديين

وجاءت الخطة بعد موجة من الجرائم الطائفية نفذتها هذه المليشيات، وسلسلة اعتداءات طاولت نوادي ليلية ومسارح ومحلات بيع الخمور، وعمليات سطو على متاجر ومحال لبيع العملات الصعبة ومكاتب صرافة.

وقال العقيد الركن حسين ماجد الأسدي، العامل بمعسكر التاجي الذي يبعد 20 كيلومترا شمالي بغداد، لـ "العربي الجديد" إن "الجنود العراقيين باشروا تدريبهم على يد القوات الأميركية في معسكر التاجي، ولديهم برنامج يستمر ثلاثة أشهر قبل تخرجهم منه".

اقرأ أيضاً: العراق: خطة لزيادة القوات الأميركيّة واستحداث قاعدتين 

وأضاف الأسدي أن "المتدربين ليسوا متطوعين جددا، بل هم جنود من وحدات عسكرية بالجيش تعرضت للانكسار عقب سقوط الموصل، وتم حلها وجرى جمعهم مجدداً"، وأن "البرنامج الأميركي يقضي بإعادة تأهيلهم وتدريبهم، ليكونوا قوة خاصة تمسك بملف بغداد الأمني من الداخل، خصوصاً المواقع الحساسة والسيادية".

وفي الإطار نفسه، قال مسؤول حكومي عراقي إن "القوة الحالية البالغ تعدادها 2750 جندياً وضابطاً؛ والتي باشرت التدريب الأحد (أمس) لن تشارك بأي معارك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لكنها ستمسك ملف بغداد لسحب البساط من تحت المليشيات".

وأوضح المسؤول، والذي رفض نشر اسمه، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "القوة التي اختيرت من قبل الأميركيين لإعادة تأهيلها وتدريبها ثم تجهيزها بالسلاح، جميعهم من سكان بغداد وينتمون لألوان دينية مختلفة".

وأكّد أنّ "الغاية سحب يد المليشيات من ملف بغداد الأمني، بعدما استخدمته أخيراً كورقة ضغط على العبادي في قضايا سياسية، أبرزها الإصلاحات الأخيرة". وبيّن أنّ الأميركيين مهتمون بتدريب المزيد من القوات، وإنفاق مبالغ كبيرة عليها، بهدف عدم ترك الساحة للمليشيات التي تستفيد من عدم وجود جيش قوي نظامي أمامها.

وتأتي الخطوة بعد أيام قليلة من برنامج مماثل في محافظتي صلاح الدين والأنبار، للإمساك بملف المدن المحررة من قبل أهلها، وانسحاب مليشيات "الحشد" منها.

وفي هذا السياق، كشف الشيخ سعدون الدليمي، أحد زعماء قبيلة الدليم بالأنبار، لـ "العربي الجديد"، أنّ "العبادي والأميركيين متفقون على تسليم المناطق لأهلها؛ وهذا ما يحدث بعد اكتمال تدريب آلاف العناصر من أبناء العشائر".

وأضاف أن الجانب الأردني أبلغ العبادي إمكانية المساهمة في تسليح أولئك الجنود الجدد. وأكّد أنّ "عملية الإعداد تنتهي في غضون ثلاثة أسابيع كي يتسلم أبناء المدن المحررة من (داعش) ملف أمن مناطقهم". وأكّد أنّ ذلك ينهي الاحتكاك بين المليشيات والعشائر من جهة، ويقطع دابر السرقات والجرائم من جهة ثانية.

من جهته، أكّد عضو تحالف القوى العراقية، أحمد السلمان، أنّ "الخطة الأميركيّة التي بحثها وزير الخارجية آشتون كارتر مع المسؤولين العراقيين، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، اشترطت إقصاء وتحجيم المليشيات".

وقال السلمان لـ "العربي الجديد"، إنّ "الولايات المتحدة رفضت الخطط العراقية التي استندت على دور المليشيات في المعارك، ووجّهت بتحجيم دورها"، مبينا أنّ "المليشيات ما تزال مرابطة عند حدود الفلوجة، ولم تتحرك منها طوال تلك الفترة".

وأشار إلى أنّ "نتيجة إقصاء المليشيات بدت واضحة من خلال التقدّم الذي تم إحرازه أخيراً في الأنبار، وأنّه في حال طبّق العبادي الخطة الأميركية، وسحب يد المليشيات عن المعارك فإنّ القوات العراقية والعشائر ستحرز تقدماً كبيراً".

واعتبر عضو مجلس عشائر صلاح الدين، الشيخ عبد الخالق الجبوري، توجّه العبادي نحو إقصاء المليشيات عن المناطق المحرّرة "خطوة بالاتجاه الصحيح، رغم أنّها متأخّرة".

وقال الجبوري، لـ "العربي الجديد"، إنّ "محافظة صلاح الدين، وديالى والأنبار دفعت الكثير من أبنائها وممتلكاتها ضحيّة لسياسة فرض مليشيات الحشد الشعبي عليها"، مبيناً أنّ "تلك المليشيات أحرقت الحرث والنسل، وأبادت ما تبقى من تلك المناطق بعدما نهبت ممتلكات المواطنين فيها". وأشار إلى أنّ "العبادي تأخّر بهذا الإجراء، لكنّه يعدّ إجراء مهماً رغم تأخره".

وفي الإطار نفسه، أكّد الخبير الأمني واثق العبيدي، أنّ "هذا الإجراء يصب بصالح العمليات العسكريّة ضدّ (داعش)".

وأوضح، العبيدي لـ "العربي الجديد"، أنّ "العبادي يعلم كل خروق وانتهاكات مليشيات الحشد الشعبي، كما يعلم أهمية ودور العشائر في قتال (داعش) والدفاع عن مناطقهم، لكنّه لم يستطع أن يزيح المليشيات ويأتي بالعشائر بدلاً عنها، لأنّه يخشى من تمرّدها".

وأضاف أنّ "التوجّه هو بداية كي يأخذ كل طرف دوره في العمليات القتالية، وأنّ "الحشد الشعبي" أثبت فشلاً كبيراً في عجزه عن اقتحام الفلوجة أو إحراز أيّ تقدّم فيها، فيما نجحت القوات الأمنيّة والعشائر بالتقدم في باقي مدن الأنبار، الأمر الذي أعطى مسوّغاً للعبادي يضاف إلى انتهاكات الحشد الشعبي، كي يبدأ أولى إجراءات إقصاء الحشد وتحجيم دوره".

المساهمون