21 فبراير 2018
قوس الربيع في المغرب
وضعت الحكومة المغربية الجديدة التي يقودها الرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية نقطة نهاية لثاني تجربة للانتقال الديمقراطي عرفها المغرب، بعد تجربة عبد الرحمن اليوسفي سنة 1998، والتي فشلت لأن الزعيم التاريخي لليسار لم يسعفه الوقت والظرف لترجمة آماله وآمال قطاع واسع من المغاربة. التجربة الجديدة التي كان يقودها زعيم "العدالة والتنمية"، عبد الإله بنكيران، رافعاً شعار "الإصلاح في ظل الاستقرار"، في أعقاب الربيع العربي، لم تنجح بدورها، على الرغم من أن مهندسها حاول أن يشقّ طريقاً ثالثاً للعبور إلى نظام سياسي تتلاءم فيه الملكية مع قواعد الديمقراطية بدون ثورة ولا انبطاح، لكن بنكيران فشل وجرى إبعاده عن قيادة المرحلة المقبلة، بعد أن رفض تشكيل حكومة جديدة مفصولة عن نتائج اقتراع 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 التي أعطت تقدماً كبيراً لحزب الإسلاميين المعتدلين، فما كان من الدولة العميقة إلا أن أغرقت التحالف الحكومي الجديد بستة أحزاب لا رابط بينها، علاوة على كتيبة تكنوقراط سيطروا على النواة الصلبة للسلطة (الداخلية والخارجية والأوقاف والشؤون الإسلامية والتعليم والدفاع)، وسلبوا جوهر السياسة من الحكومة.
لم تكن حكومة بنكيران مثالية، ولا كانت قويةً كما يفترض العرف الديمقراطي، ولا كانت تُمارس كل اختصاصاتها، لكن بنكيران، مع ذلك، كان يحاول أن يتدارك هذا الضعف وذاك الاختراق بإشراك الناس في القرار، بعيداً عن لغةٍ خشبٍ. كما حاول مراكمة إصلاحات صغيرة للوصول إلى تغييراتٍ كبيرة تنقل البلد من حال إلى حال أخرى، وقد جرب بنكيران، بوصفه زعيماً سياسياً، إعطاء معنىً للسياسة، وتوسيع سلطة صندوق الاقتراع، وطمأنة الدولة إلى أن الإصلاح هو السبيل لتجنب العاصفة.. ولهذا، نجح في تكوين رصيد شعبي كبير، كان ينوي توظيفه في تدشين جيل جديد من الإصلاحات التي علقت الآن إلى إشعار آخر.
ستكون المرحلة المقبلة صعبة للغاية على بلاد تعج بالمشكلات، من نزاع الصحراء الذي جرب أكثر من حل من دون فائدة، إلى البطالة، إلى الفساد، إلى انهيار الوسطاء السياسيين والاجتماعيين، والمقصود النقابات والأحزاب.. كما أن المرحلة ستكون صعبة، على حزب العدالة والتنمية الذي حاول بناء مؤسسة حزبية مستقلة، وشعبية نال بها ثقة كبيرة وسط المجتمع، لكنه اليوم أمام امتحان الحفاظ على هذه الثقة وتلك الوحدة، بعد أن قبل الرجل الثاني في الحزب، سعد الدين العثماني الرئيس الجديد للحكومة، لعب أدوار هامشية لم يقبل بها رئيس الحزب الذي صار مثل "الشهيد الحي".
لم يعرف حزب العدالة والتنمية كيف يحافظ على الأصوات الكثيرة التي حصل عليها انتخابات بعد أخرى، فتصرف كأنه جماعة هدفها حماية الذات، وليس بأنه حزب هدفه حماية المجتمع من مخاطر الرجوع إلى الوراء…، فخصوم التحول الديمقراطي أخذوا بالمفاوضات ما لم يستطيعوا أن يأخذوه بصناديق الاقتراع، وكم كان بنكيران حالماً عندما خاطب الناس في الحملة الانتخابية، أخيراً، وقال لهم: "أنتم فقط أعطوني أصواتكم واتركوني بيني وبينهم".. وكذلك فعل الناس، أعطوا صاحب شعار المصباح جل المدن، الكبيرة والصغيرة، في سابقة من نوعها سنة 2015، وأعطوه نصراً لم يكن قادة الحزب يتوقعونه في 2016، والآن يرون أمامهم حكومةً لا تمثلهم، ومرحلة طُويت وأخرى فُتحت.
لم تكن حكومة بنكيران مثالية، ولا كانت قويةً كما يفترض العرف الديمقراطي، ولا كانت تُمارس كل اختصاصاتها، لكن بنكيران، مع ذلك، كان يحاول أن يتدارك هذا الضعف وذاك الاختراق بإشراك الناس في القرار، بعيداً عن لغةٍ خشبٍ. كما حاول مراكمة إصلاحات صغيرة للوصول إلى تغييراتٍ كبيرة تنقل البلد من حال إلى حال أخرى، وقد جرب بنكيران، بوصفه زعيماً سياسياً، إعطاء معنىً للسياسة، وتوسيع سلطة صندوق الاقتراع، وطمأنة الدولة إلى أن الإصلاح هو السبيل لتجنب العاصفة.. ولهذا، نجح في تكوين رصيد شعبي كبير، كان ينوي توظيفه في تدشين جيل جديد من الإصلاحات التي علقت الآن إلى إشعار آخر.
ستكون المرحلة المقبلة صعبة للغاية على بلاد تعج بالمشكلات، من نزاع الصحراء الذي جرب أكثر من حل من دون فائدة، إلى البطالة، إلى الفساد، إلى انهيار الوسطاء السياسيين والاجتماعيين، والمقصود النقابات والأحزاب.. كما أن المرحلة ستكون صعبة، على حزب العدالة والتنمية الذي حاول بناء مؤسسة حزبية مستقلة، وشعبية نال بها ثقة كبيرة وسط المجتمع، لكنه اليوم أمام امتحان الحفاظ على هذه الثقة وتلك الوحدة، بعد أن قبل الرجل الثاني في الحزب، سعد الدين العثماني الرئيس الجديد للحكومة، لعب أدوار هامشية لم يقبل بها رئيس الحزب الذي صار مثل "الشهيد الحي".
لم يعرف حزب العدالة والتنمية كيف يحافظ على الأصوات الكثيرة التي حصل عليها انتخابات بعد أخرى، فتصرف كأنه جماعة هدفها حماية الذات، وليس بأنه حزب هدفه حماية المجتمع من مخاطر الرجوع إلى الوراء…، فخصوم التحول الديمقراطي أخذوا بالمفاوضات ما لم يستطيعوا أن يأخذوه بصناديق الاقتراع، وكم كان بنكيران حالماً عندما خاطب الناس في الحملة الانتخابية، أخيراً، وقال لهم: "أنتم فقط أعطوني أصواتكم واتركوني بيني وبينهم".. وكذلك فعل الناس، أعطوا صاحب شعار المصباح جل المدن، الكبيرة والصغيرة، في سابقة من نوعها سنة 2015، وأعطوه نصراً لم يكن قادة الحزب يتوقعونه في 2016، والآن يرون أمامهم حكومةً لا تمثلهم، ومرحلة طُويت وأخرى فُتحت.