قوانين السيسي: تخصص في انتهاك الدستور

17 نوفمبر 2014
لا سلطة للرئيس غير "قانون العفو" (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

يواصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إصدار حزمة من القوانين غير الدستورية، منذ توليه السلطة في 8 يونيو/حزيران الماضي، وذلك في غياب البرلمان المنتخب، واستحواذه على السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وخالف السيسي التعديلات الدستورية الأخيرة، التي تنصّ على إجراء انتخابات مجلس النواب خلال ستة أشهر من تاريخ إقرارها (أُقرّت في 18 يناير/كانون الثاني الماضي)، ولم يدعُ للانتخابات في الموعد المحدد (18 يوليو/تموز الماضي)، وسط مماطلة مستمرة، وعدم تحديد مواعيدها حتى الآن.

كما أجاز السيسي، قانوناً يسمح لرئيس الجمهورية، تسليم المتهمين الأجانب إلى بلدانهم لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة في حقهم، ما أثار جدلاً واسعاً حول دستوريته، ونال اتهامات بمخالفته للدستور. ولم تكن تلك المرة الأولى، التي يحصل هذا في ظلّ الإجراءات الاستثنائية والقوانين غير الدستورية، التي يصدرها قائد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013.

وأكد الباحث القانوني، أحمد الجدامي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "هناك العديد من الإجراءات والقوانين الصادرة في الفترة الأخيرة، تحمل شبهة عدم الدستورية، بخلاف قانون تسليم المتهمين الأجانب، مثل تهجير أهالي مدينة رفح بشمال سيناء، المخالف للمادة 63 من الدستور، والتي تنصّ على حظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله".

كما أشار الجدامي، إلى أن "تعديل قانون الجامعات، واختيار رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالتعيين بقرار من رئيس الجمهورية، بدلاً من الانتخاب، هو اعتداء مباشر على مبدأ استقلال الجامعات الذي جاء في نصّ المادة 21 من الدستور".

وبدوره لفت رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار محمد حامد الجمل، إلى أنه "سيطعن بعدم دستورية قانون تسليم المتهمين الأجانب، لأن تدخل رئيس الجمهورية لوقف التحقيقات أو المحاكمات، بقرار منه، مخالف لأحكام الدستور".

وأوضح الجمل أن "ترحيل المتهمين إلى بلادهم في مرحلة التحقيق أو قبل انتهاء درجات التقاضي، هو عمل غير دستوري وتدخّل في أعمال القضاء وفقاً للمادة 184 من الدستور، التي تنصّ على أن السلطة القضائية مستقلة، وتتولّاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون".

وكان أستاذ فلسفة القانون، والقيادي بـ "الحزب المصري الديمقراطي" محمد نور فرحات، قد انتقد قانون تسليم الأجانب، على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، واعتبر أن "هذا القانون مخالف لكل مبادئ القوانين، لأن قانون العقوبات إقليمي، يُطبّق على كل ما يقع بإقليم الدولة من جرائم، أيا كان مرتكبوها".

وأشار فرحات إلى أن "سلطة رئيس الجمهورية، بالنسبة للمجرمين، لا تبدأ دستورياً إلا بعد صدور حكم نهائي، وتتمثل في حق العفو، وأي تدخل منه قبلها، يُعدّ تدخلاً في عمل القضاء، ومجرّم دستورياً وفقاً للمادة 184 من دستور 2014".

وحول عدم دستورية بعض القوانين التي صدرت في عهد السيسي، انتقل فرحات إلى قانون مشاركة قوات الجيش لقوات الشرطة في تأمين المنشآت العامة والحيوية، لمدة عامين. كما أكد فرحات في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "هذا القانون مخالف بدوره للدستور، لأنه شمل المرافق العامة التي تقدم خدمات عادية للمواطنين، ولا تعد من المنشآت العسكرية".

وأضاف فرحات، أن "المنشآت العسكرية هي فقط التي تستخدمها القوات المسلحة في ممارسة مهامها، وواجب الدفاع عن الوطن". وانتقد المادة الثانية من القانون التي جعلت القضاء العسكري مختصاً بأي اعتداء على الممتلكات العامة أو منشآت الدولة، لما تتضمنه من شبهة مخالفة للمادة 204 من الدستور.

وتابع "هذه المادة حددت مناطق اختصاص القضاء العسكري بالاعتداء المباشر على القوات المسلّحة، ولا يكفي أن ينص في القانون الأخير على حمايتها للمنشآت العامة، كي ينعقد القضاء العسكري بالجرائم التي تقع عليها، ما لم تكن تلك الجرائم موجهة مباشرة للقوات المسلحة القائمة على التأمين".

من جانبه، اعتبر وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، أنه لم يُجرِ احترام الدستور من قبل السلطة الحاكمة، خصوصاً في ظلّ تحويل 56 قاضياً للصلاحية (إيقافهم عن العمل، وتحويلهم إلى لجنة عليا تنظر في مدى صلاحيتهم للاستمرار بعملهم) لمجرّد إبداء رأيهم في شؤون بلادهم، ومطالبتهم باحترام إرادة الأمة، والقانون والدستور؛ في إشارة إلى مجموعة القضاة التي رفضت الانقلاب على الرئيس المعزول، محمد مرسي.

وأوضح سليمان، أن "المادة 65 من الدستور نصت على أن حرية الرأي والفكر مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بأي وسيلة من وسائل التعبير"، إلا أن السلطة تحاكم قضاة على آرائهم السياسية؛ بينما لم تحاكم قضاة آخرين اتهموا بالاستيلاء على أراضي الدولة، وتزوير الانتخابات السابقة.

وبحسب المحامي الحقوقي مؤمن رميح، فإن "السلطة دأبت على مخالفة الدستور؛ بالمصادرة العامة لأموال الشخصيات المعارضة لها، دون وجود أحكام قضائية، والاستيلاء على أموال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والموالين لها، يمثل اعتداءً صريحاً على المادة 40 من الدستور، والتي تنص على أن: المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم قضائي".

وأشار رميح إلى "ممارسة التعذيب الممنهج الموثق بحق الكثير من المعتقلين السياسيين، سواء مادياً أو معنوياً، بما يمثل اعتداءً على المادة 52 من الدستور، التي تنص على أن التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم".

المساهمون