تتواصل محنة المعتقلين في سجن حماة المركزي، حيث تحشد قوات النظام السوري قوات كبيرة استعدادا لاقتحام جديد للسجن الذي يضم مئات المعتقلين، فيما قدم كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية إلى جنيف، محمد علوش، مبادرة لفك أسر المعتقلين المحاصرين ومبادلتهم بأسرى قوات النظام لدى جيش الإسلام، مشيرا إلى أنه تلقى الضوء الأخضر من قيادة جيش الإسلام لهذه المبادرة.
وقال علوش، القيادي في "جيش الإسلام" الذي ينتشر أساسا في الغوطة الشرقية بريف دمشق، في تغريدة له على موقع توتير: "نتقدم للعالم بمبادرة لفك أسر المعتقلين المحاصرين في سجن حماة، لمبادلتهم بأسرى النظام لدى جيش الإسلام. تلقيت وعدا من قيادة الجيش بفعل ذلك".
من جانبه، رحب رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى فهد الموسى بهذه المبادرة، وطالب جميع الفصائل بالعمل على تشكيل غرفة خاصة لحل موضوع الأسرى والمعتقلين في سورية، ليكون هذا الأمر مفتاحاً لإيجاد حل إنساني لهذه القضية الهامة وفق مقررات مؤتمر جنيف.
وحول الأوضاع في سجن حماة، قال الموسى إن النظام ما زال يقطع كل مقومات الحياة من مياه وكهرباء وطعام عن المعتقلين، بغية إنهاكهم وإضعاف قدرتهم على صد أي اقتحام جديد، أو دفعهم إلى الرضوخ لشروطه.
وأوضح الموسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن النظام قام، الجمعة، بأربع محاولات لاقتحام السجن، وتم في الثالثة إلقاء قنابل مسيلة للدموع داخل السجن، إضافة إلى إطلاق عيارات مطاطية وذخيرة حية بشكل مباشر أو غير مباشر. وقد تصدى المعتقلون للاقتحام بالتكبير والهتافات، موضحا وقوع 150 إصابة بين حالات اختناق وإغماء، إضافة إلى جرح خمسة بالرصاص.
وأضاف أن السلطات اعتقلت بعض أهالي المعتقلين الذين حضروا للاطمئنان إلى أبنائهم، ومنهم والدة المعتقل المهندس مصطفى شعيرة، المفاوض باسم المعتقلين، للضغط عليه وتهديد المعتقلين بأهاليهم، لكن هذه الأساليب زادت من غضب المعتقلين وزادت إصرارهم على مواصلة الاعتصام.
وأوضح أن محاولة رابعة لاقتحام السجن جرت حوالي التاسعة مساءً انطلاقا من الطابق الأرضي عبر الباب الرئيسي القريب من جناح الإسلاميين، إلا أنه تم التصدي للاقتحام وإفشاله. ثم عاد النظام وطلب التفاوض من جديد، لكن المعتقلين رفضوا التفاوض تحت هذه الظروف.
ورغم توقف محاولات اقتحام السجن يوم السبت، إلا أن المئات من قوات النظام ما زالت تحتشد في محيط السجن وباحاته وعلى أسطحه ويمنعون إدخال المواد الغذائية والطبية مع قطع الكهرباء والماء في ظل أوضاع إنسانية صعبة.
وفي تقرير لها حول التطورات في سجن حماة، شبّهت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما يجري في السجن بما جرى في سجن صيدنايا عام 2008، حيث تمت تصفية عشرات المعتقلين آنذاك خلال فض قوات النظام عصياناً مماثلاً للمعتقلين.
ووثّق التقرير احتجاز القوات الحكومية لقرابة 762 معتقلاً في سجن حماه المركزي، وأوضح أن المحتجزين قاموا بعصيانهم بعد دخول ما يسمى "قوات حفظ النظام" إلى جناح "الشغب والإرهاب" في السجن، لاقتياد عدد من المعتقلين نحو سجون أخرى.
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إن القطع المتواصل للماء والكهرباء عن المعتقلين، يهدد بشكل خاص حياة عشرات المرضى داخل السجن الذين يحتاجون أن تصلهم أدويتهم، وخاصة مرضى القلب والسكري، و"في حال إصرار السلطات السورية على إنهاء العصيان عبر الاقتحام بالقوة، فنحن بلا أدنى شك أمام مذبحة شبيهة بما حصل في سجن صيدنايا يوليو/تموز 2008، حيث تسبب اقتحام السجن بمقتل العشرات، وفي ذلك الوقت ادعى المجتمع الدولي أنه لا يعلم شيئاً مسبقاً، وهو الآن يعلم".
من جهته، جدد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تحذيره من مجزرة وشيكة ينفذها النظام السوري بحق المئات في سجن حماه المركزي، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات للحيلولة دون وقوعها قبل فوات الأوان.
وقال عضو الهيئة السياسية للائتلاف تيسير علوش، إن "المئات في سجن حماة يواجهون الآن خطر مجزرة حقيقية، ونحن نعتقد أن هناك قوى في المجتمع الدولي قادرة على الحيلولة دون وقوع هذه المجزرة، ونناشدها بالتحرك العاجل لإنقاذ هؤلاء المعتقلين".