اشتعلت حرب البيانات الصحافية بين ائتلاف الأغلبية النيابية، "دعم مصر"، وأعضاء تكتل (25 – 30)، المعارض من داخل النظام، على خلفية حشد الأخير لما أسماها "قائمة شرف" للنواب الرافضين لاتفاقية التنازل عن جزيرتي "تيران صنافير" للسعودية.
واتهمت قيادات في الائتلاف الموالي لدائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي الاستخبارية، رافضي الاتفاقية، بمحاولة "بث الفتنة بين النواب".
وأحال مجلس الوزراء المصري اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، الموقعة في 18 إبريل/نيسان الماضي، إلى مجلس النواب، بعدما قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، وكل ما ترتب عليها من آثار، والذي طعنت الحكومة عليه، وتفصل المحكمة الإدارية العليا في الطعن، بجلستها المقررة الإثنين المقبل.
واستنكر رئيس لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، والقيادي بالائتلاف أحمد السجيني، تداول قائمة بالنواب الرافضين للاتفاقية على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفها بـ"الخبيثة وغير المسؤولة"، في إطار "محاولات شيطانية صبيانية، الغرض منها بث الفتنة والانقسام بين النواب، وأبناء دوائرهم بمختلف أطيافهم".
ورفض السجيني في بيان، اليوم الثلاثاء، تناول وإصدار مثل هذه القوائم بأسماء النواب، سواء للمعترضين على الاتفاقية تحت عنوان "قائمة الشرف" أو المؤيدين لها تحت عنوان "قائمة العار"، على اعتبار أنّ ملف الاتفاقية لم يُناقش فنياً بعد في اللجان النوعية، وأن استباق القرار أو فرضه عنوة من خلال تلك الشعارات يعد من باب "الممارسة السياسية غير الرشيدة".
وحذر السجيني من سرعة إصدار النواب لأحكامهم بشأن الاتفاقية "التي يجب أن تخضع إلى أكبر قدر من الشفافية العلمية والتاريخية والسياسية"، معتبراً أنّ التصويت النهائي عليها "لن يستند إلى الالتزامات الحزبية أو الائتلافية، بل سيكون بناءً على قناعة ويقين وفهم كل نائب، وفق ما تم عرضه من مستندات على البرلمان".
كما دعا قيادي الائتلاف، إلى عقد جلسات استماع عدة، بشرط علانيتها، حتى يستوعب الشعب مفردات القرار النهائي سواء كان إيجابياً أو سلبياً، نافياً اتخاذ النواب قراراً مُسبقاً بالموافقة أو الرفض، بل الاستناد إلى دراسة متأنية شاملة مجتمعة للتقارير النهائية عن اللجان المختصة، وهيئة مفوضي مجلس الدولة، وحكم المحكمة الإدارية.
وكان رئيس ائتلاف الأغلبية محمد السويدي، قد هاجم في بيان، أمس الإثنين، ما تردد عن وجود "قائمة للنواب الشرفاء" الذين يقولون إنّ الجزيرتين مصريتان، وأخرى لمن يقولون بسعوديتها، مُتهماً مجموعة من النواب "بمحاولة فرض رأيها "بالعافية"، "دون أن تترك أي مجال للآخرين للفهم والتقييم، واتخاذ القرار السليم، مستغلين في ذلك عاطفة المواطنين"، بحسب البيان.
وأشار السويدي في بيانه إلى أنّ "ائتلاف دعم مصر يؤكد استحالة اتخاذ موقف نهائي، إلا بعد مطالعة الأوراق والمستندات، واتباع أصول الاختلاف، وأدب الحوار، والاستماع إلى جميع الآراء"، رافضاً "محاولات اختطاف النواب بمثل هذه الأفعال، وفرض الرأي الآخر بالاستباق، وعدم رهبة الائتلاف من دكتاتورية الأقلية".
وتابع أن "وضع مضيق تيران طرأت عليه العديد من الأحداث التاريخية، التي يجب أن يُدركها النواب، وإذا كان هناك مناشدة من قبل البعض لإعلان مواقف النواب عبر بيانات وتصريحات رسمية، فإنّ ائتلاف الأغلبية يدعو أعضاء المجلس إلى عمل ذلك فعلاً، بعد الاستماع والفحص، وليس قبل ذلك".
وشدد رئيس الائتلاف على "ضرورة عدم التدخّل في أحكام القضاء، واحترام الفصل بين السلطات، واحترام اختصاص مجلس النواب"، مشيراً إلى أنّ "المختص برقابة مدى سلامة الاتفاقية من الناحية الدستورية هي المحكمة الدستورية، دون غيرها، وأن حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية استند إلى وجهة نظر واحدة، إذ لم تقدم الحكومة أي مستندات في الدعوى"، على حد قوله.
واختتم بيانه بالقول إنّ "المجلس النيابي إذا ما اقتنع بمستندات الحكومة بشأن سعودية الجزيرتين، وسلامة موقفها من الناحيتين القانونية والسياسية، فسيكون لدى النواب الشجاعة لقول الحقيقة، والتصويت بإقرارها، وإذا لم يقتنع المجلس، فسوف نرفضها".
في المقابل، قال عضو تكتل (25 – 30)، أحمد الطنطاوي، إنّ 120 نائباً، على الأقل، من مختلف الاتجاهات تحت قبة البرلمان وقعوا على حملة الأعضاء الرافضين للاتفاقية، ليقينهم من مصرية الجزيرتين، بناءً على المستندات المُقدمة من هيئة الدفاع إلى المحكمة، وتقرير هيئة المفوضين بمجلس الدولة، مؤكداً أنّ القائمة لا تخوّن بقية أعضاء المجلس، بل تدعوهم إلى قراءة المستندات المتعلقة بالقضية.
وتقدم النائب إبراهيم حجازي، بنسخة من الملفات الرسمية لمحضر اجتماع مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، الذي يثبت مصرية تيران وصنافير، مطالباً رئيس البرلمان علي عبد العال، بإدراج هذه النسخة ضمن المستندات المقدمة إلى اللجان المختصة بمناقشة الاتفاقية بالمجلس، لدراستها وتحليل محتواها.
وتضمنت أجندة الاجتماع شكوى إسرائيل ضد مصر، من فرضها قيوداً على مرور السفن، التي تتبادل التعامل التجاري مع الكيان الصهيوني من خلال قناة السويس، وتدخلها في إجراءات تفتيش السفن المتجهة إلى ميناء إيلات من خليج العقبة، والتي تقدم بها في وقت سابق، عضو هيئة الدفاع عن الجزيرتين، محمد كامل، بشكل رسمي، إلى هيئة المحكمة.
وأشارت السجلات الرسمية للحرب العالمية الثانية إلى وجود القوات المصرية على الجزيرتين كجزء من النظام الدفاعي المصري خلال تلك الحرب، وتعاون الوحدات المصرية مع القوات الجوية، والوحدات البحرية بمهمة حماية النقل البحري في البحر الأحمر ضد هجمات الغواصات، إذ تقع السيادة المصرية على الجزيرتين منذ عام 1906.
وناشدت الحملة الشعبية "مش من حقكم"، الرافضة للتنازل عن الأرض المصرية، بقية نواب البرلمان لإعلان مواقفهم من الاتفاقية عبر بيانات أو تصريحات رسمية، داعية المواطنين لاستمرار الضغط على نواب دوائرهم الانتخابية في كافة المحافظات لإعلان موقفهم من القضية.