قنابل دخانية ودعم مفضوح

13 يونيو 2020
يتماهى كلام العتيبة مع الفكر الصهيوني (فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي يلجأ فيه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى تغيير لهجته في الحديث عن الضم، والانتقال للحديث عن فرض السيادة الإسرائيلية، نشر أمس مقال لسفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أقر عملياً بالخروج عن الإجماع العربي، والقبول بسقف "سلطة حكم ذاتي واسع الصلاحيات"، كثمرة أو محطة أخيرة للتصالح مع دولة الاحتلال من دون إنهاء الاحتلال.

ويشكّل المقال عملياً مساعدة وتماهياً إماراتياً عربياً غير مسبوق مع مواقف الفكر الصهيوني والسياسات الإسرائيلية المتعاقبة، منذ النكبة عملياً، بإنكار حق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة، ولو على جزء يقل حتى عن نصف مساحة الوطن السليب.
وعلى الرغم من أخبار إسرائيلية نقلتها قنوات مختلفة أمس من أن العتيبة استشار رجل الأعمال الإسرائيلي حاييم سبان، الذي يملك مركز أبحاث استراتيجية في الولايات المتحدة، يبدو من لغة المقال، ومفرداته، وكأن المقال كان طُلب مِمَن مهره بتوقيعه، ليعطي نتنياهو سُلماً للنزول عن مخطط الضم، وتصوير فرض سيادة إسرائيلية على كافة المستوطنات، وكأنه تنازل كبير من دولة الاحتلال.

والواقع أن نتنياهو ومنذ ثلاثة أسابيع يواصل إلقاء قنابل دخانية لإخفاء مخططاته وقراراته بشأن مخطط الضم، لدرجة اعتراف شريكه في الحكم الجنرال بني غانتس، أنه لم يطّلع بعد على الخريطة المقترحة من إدارة دونالد ترامب. وفي هذا السياق، "اضطر" نتنياهو نفسه للإقرار الأسبوع الماضي أن الأميركيين "لم يعودوا في المكان الذي كانوا فيه".

وفي أوج التحذيرات الأوروبية وما يبدو أنه تراجع أميركي عن دعم مطلق، يتحوّل مقال العتيبة عملياً إلى قنبلة صوتية تساهم في خلق ضجيج يلفت الأنظار عن حقيقة ما يحدث، ويشوه الوعي العربي، وكأن المسألة المطروحة هي الضم وليس مجرد الاحتلال وخضوع فلسطين التاريخية كلها لقبضة دولة الاحتلال، أولاً، وأن التطبيع سيكون ضحية سياسة الضم، علماً أن التطبيع يكون ثمرة تطوير علاقات عادية بين دول توجد بينها اتفاقيات رسمية، وليس كحال العلاقة "الرسمية" المعلنة بين الإمارات وبين دولة الاحتلال.

تغييب الاحتلال من مقالة العتيبة بشكل كلي والتركيز على المنافع مقابل الخيبة والخوف من الاكتشاف بأن إسرائيل ليست فرصة بل عدو، وبهذا يحشر المقالة ويدرجها كمساهمة في جدل إسرائيلي داخلي، وليس في خانة رد عربي على دولة تحتل أرضاً عربية.
المساهمون