قمة لإحياء مشروع خط النفط العراقي الأردني وضم مصر

25 مارس 2019
القاهرة تساهم في ترميم منشآت نفطية بالعراق(فرانس برس)
+ الخط -
استضافت القاهرة أمس قمة ثلاثية بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله بن الحسين ورئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في أول لقاء قمة ثلاثي بين قادة الدول الثلاث منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
وسبق لقاء القمة الثلاثية لقاء مطول بين السيسي وعبد المهدي أمس الأول بالقاهرة، بالإضافة لعقد اجتماع سداسي بين وزراء خارجية الدول الثلاث ورؤساء المخابرات العامة بها، حيث تمت مناقشة العديد من الموضوعات التي لم تخرج تفاصيلها إلى الإعلام في أي بيان رسمي من الدول الثلاث.

وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد" أن الملف الأبرز والأساسي الذي استدعى انعقاد هذه القمة واللقاء الوزاري السداسي هو بحث الخطوات العملية لمشاركة مصر في مشروع الخط النفطي العراقي الأردني الذي توقف لسنوات طويلة، قبل أن تبدأ الحكومتان دراسته مرة أخرى منذ أشهر معدودة.
أضافت المصادر أن السيسي قرر بشكل نهائي مشاركة مصر في هذا المشروع، على قاعدة "تحقيق المكاسب لجميع الأطراف" حيث سيمثل دخول مصر كطرف نهائي للخط النفطي دفعة مالية وسياسية ستحسن بشكل كبير النتائج المنتظرة للمشروع الذي كان من المقرر أن يكون مملوكاً للحكومة العراقية بشكل كامل، وكان معطلاً بسبب ضعف المردود المنتظر من الاستهلاك الأردني بالمقارنة بالمصروفات التي ستتكبدها الحكومة العراقية في إنشاء الخط وحمايته وصيانته لمدة 20 عاماً، كانت هي المدة المتفق عليها مبدئياً بين البلدين.

ومن المخطط للمشروع أن يمتد الأنبوب من غرب بحيرة الثرثار شمال غربي العاصمة بغداد ويمتد عبر محافظة الأنبار إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر، وستبدأ مصر في تخطيط مسار الأنبوب الممتد من العقبة إلى سيناء عبر البحر أو عبر أراضي فلسطين المحتلة، أو استحداث طريقة أخرى لنقل كميات النفط الخام بانتظام، وفي كل الأحوال فسوف يتم هذا الأمر بتنسيق مع إسرائيل والسعودية، باعتبارهما شريكتي مصر والأردن في خليج العقبة.
وأوضحت المصادر المصرية أن هناك "أفكاراً" لمساهمة مصر في إنشاء الخط وترميم بعض المنشآت النفطية العراقية التي ستوصل النفط الخام من البصرة إلى المأخذ الرئيسي للمشروع، مقابل تخفيض سعر الخام الذي ستستورده مصر، كما أن هناك "مقترحات" بإنشاء شركة إقليمية بين مصر والعراق تساهم فيها الحكومتان بنسب محددة لضمان تسريع إجراءات إنشاء المشروع وكفالة مصدر مالي دائم لتمويل مشاكل الصيانة والحماية.

وذكرت المصادر أن هناك شركات استثمارية كبرى في مجال النفط سبق وعرضت تمويل المشروع في نسخته الأولى الواصلة بين العراق والأردن، لكن خلافات حول الجدوى والأرباح منعت اتخاذ خطوات تنفيذية، مشيرة إلى أن مصر لا تعارض دخول استثمارات أجنبية في المشروع أو بعض عملياته.
ووفقاً لبيانات عراقية سابقة عن المشروع في نسخته الأولى، فإن مد خط الأنابيب إلى العقبة فقط بطول 1700 كيلومتر منها 1000 كيلومتر داخل العراق و700 كيلومتر تقريباً في الأردن، كان سيتكلف حوالي 17 مليار دولار، وكانت عمّان ستقدم لبغداد في المقابل إعفاءات جمركية تفضيلية للسلع العراقية المصدرة والمستوردة عبر ميناء العقبة.

ووسط محاولات حكومية مصرية لإخفاء التفاصيل؛ لمّح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إلى المشروع في تصريحات تليفزيونية له صباح أمس، حيث قال "هناك نشاط تجاري بين الأردن والعراق يمكن البناء عليه وسيتخذ بعدًا جديدًا بمشاركة مصر". 
وكانت مصر قد بدأت التواصل مع العراق لدراسة جدوى استيراد النفط منه في نهاية عام 2016 عندما عطلت السعودية في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 توريد بعض دفعات النفط إلى مصر وفق التعاقد بين البلدين، قبل أن تستأنف توريده بعد اتخاذ خطوات عملية لتطبيق اتفاقية ترسيم الحدود البحرية والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، وتحديداً في مارس/ آذار 2017.

وكانت مصر قد أعلنت في يناير/ كانون الثاني 2018 أنها جددت عقد شراء النفط الخام من العراق لمدة عام، وبدأ التوريد آنذاك بواقع 12 مليون برميل سنوياً، وذلك في امتداد لعقد أول وقعه البلدان في إبريل/ نيسان 2017 بنفس القيمة، كما أعلن البلدان أن شركات مصرية ستساهم في إعادة تأهيل منشآت النفط العراقية.
وقبل ذلك وتحديداً في عام 2015 وقعت مصر اتفاقاً مع شركة "كويت إينرجي" الكويتية للحصول على 10% من حصتها في منطقة الامتياز رقم 9 بالبصرة مقابل سداد الأموال المستحقة على الشركة الكويتية، وذلك في إطار مشروع مصري طموح لإيجاد مصادر خارجية دائمة للبترول والغاز بدلاً من الوقوع تحت طائلة الحاجة لدول خليجية بعقود قصيرة الأجل ومتزايدة القيمة وعرضة للتأثر بالظروف السياسية.

وبعيداً عن هذا الملف الأساسي الذي تناولته اجتماعات القاهرة في اليومين الماضيين، اجتمع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع عبد المهدي وحضرا اجتماعا للملتقى الاقتصادي التجاري بين البلدين، أمس في فندق الماسة التابع للجيش، تحدثا فيه عن ضرورة إحداث طفرة في التبادل التجاري بين البلدين، وأهمية إعطاء الفرصة للمستثمرين من كلا البلدين لإقامة مشروعات مشتركة ولتوسيع أعمالهم في الدولة الأخرى، وبصفة خاصة المستثمرين المصريين الذين تناقص عددهم في العراق في السنوات الأخيرة رغم تحسن الأوضاع الأمنية والبنية التحتية.


المساهمون