قلوب نازفة تتأمّل

01 يناير 2015
تغلّب صوت السلاح على جميع الأصوات الأخرى (Getty)
+ الخط -

قلوب نازفة بدماء أبناء الوطن وقلقة وخائفة من مستقبل مجهول المعالم، وما يزال الليبيون يحاولون توقّع الأفضل للعام الجديد. حرب ضروس أهلكت الوطن وأهله، جعلت البعض يظن أنه لا مجال للتغيير، وأن الثورة كانت أوهاماً، فأصبح سقف طموح الأغلبيّة لا يتعدّى استتباب الأمن وتوفّر الغاز والإضاءة.

ومع ذلك، هناك بصيص أمل في نهاية هذا النفق المظلم وإمكانية للنهوض بعد هذا الكابوس المزعج.

ومع قرب بداية العام الجديد، يتطلع الليبيون لإنهاء الحرب الدائرة بين أبناء الوطن الواحد، ووحدة الصف من جديد لتعود للوطن حكومة واحدة تتحدث باسم الجميع وبرلمان واحد يمثل الكل ليعبر بالبلاد إلى برّ الأمان، علّ ذلك يمكّن من استقرار الأمن في البلاد لتعود المياه إلى مجاريها.

والدّستور هو ما يعلّق عليه المواطن الليبي الآمال، ومنذ بداية عمل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور والوضع لم يسمح بإنهاء المهمة، وينتظر العقول النظيفة والناس المخلصة للوطن التي ظنّها الليبي أهلاً لصوته يتأمل منها القدرة على النهوض والإسراع في العمل ليبدأ عهد الدولة.

وإن كان الليبي ينتظر أمراً بفارغ الصبر فهو انتظاره للحقائق أن لا تزيّف ولتفتح ملفات تحقيقات في كل عمليات الاغتيال التي ما زالت مستمرة، ليعرف المتهم ولتأخذ العدالة مجراها، وهذا فقط يتحقق بعودة القانون والهيبة لدولة تكون لكل مواطنيها، وهو أيضاً ما يتأمله المواطن الليبي، ويمكن القول بأن هذه تعطى لها الأولوية قبل الأمور الأخرى.

وهذه مجموعة الأمور التي ستحدد مصير الكثير ممّن هُجّر من مدينته ومَن اضطر للنزوح خوفاً على حياته إن كان بإمكانه العودة إلى مدينته ومنزله وهو مطمئن أن هناك مَن يحرس حقوقه أم لا، وللأطفال وأهاليهم إلى استتباب الأمن إن كانت ستفتح المدارس من جديد بعد فرض حياة السجن عليهم لمدة ليست بالقصيرة أم لا، وللشباب بعودة الدراسة وتوفر فرص العمل من جديد أما لا.

ويتأمل كل ليبي وبشدّة، تمكّن مَن ملأ الحقد قلوبهم بعد طول المعاناة من التغلب على الأحقاد، وللمختلفين في الرأي من البحث عن النقاط المشتركة بدل التركيز على الاختلاف.

هي ليست بالمهمة السهلة والعمل لأجل هذه التطلعات للعام الجديد تتطلب من الجميع التكاتف ومحاربة دعاة الحرب، فليس الهادم مَن سيبني.

ومع تغلّب صوت السلاح على جميع الأصوات الأخرى، ما زالت هناك أصوات تصدح بمحاولات للمّ الشمل والإصلاح، وهي ما تعطي الأمل والرغبة في الاستمرار. ولو أن التساؤل عن الطريقة التي ستنتهي بها هذه الحرب ما زال قائماً.


*ليبيا

المساهمون