ولم يكن يحلم المسؤولون في إسرائيل باتخاذ مثل هذه الخطوة في العلاقات مع دول المنطقة بيد أن هذه الدعوة بتوسيع عملية السلام خرجت من النظام المصري على لسان السيسي. والتنسيق المصري ـ الإسرائيلي في سيناء (شرق مصر) بات على أشدّه ووصل مرحلة غير مسبوقة، في إطار ما يعتبره النظام المصري حرباً على الإرهاب، وتحقيق مصالح مشتركة بين الجانبين. وتحدثت الصحف الإسرائيلية عن لقاءات سرية بين عسكريين مصريين ونظرائهم في الجيش اﻹسرائيلي سرّاً في تل أبيب، في فترات سابقة، وهو أمر لم ينفه أو يؤكده الجانب المصري.
محاولات النظام المصري الحالي في تطبيع العلاقات مع إسرائيل وقيادة مشروع لفرض الكيان الصهيوني على دول المنطقة، باعتباره أمراً واقعاً يجب التعامل معه، يأتي مقابل دعم إسرائيل للسيسي لدى أميركا والمجتمع الدولي، اللذين يتحفّظان على اﻷوضاع في مصر منذ الانقلاب.
وأمام التوغل اﻹسرائيلي العلني في أفريقيا، أخيراً، عبر زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وطلب تل أبيب الحصول على عضوية مراقب في الاتحاد الأفريقي، لم تحرّك مصر ساكناً حيال اﻷمر، بل بدا وكأن ذلك جاء في إطار ما أُثير حول وساطة إسرائيلية بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة. وبحسب مصادر مصرية خاصة، فإن إسرائيل ما كانت لتتمكن من التحرك بهذه الصورة العلنية في أفريقيا لولا ترحيب وموافقة مصرية، في إطار العلاقات القوية بين النظام المصري والكيان الصهيوني.
موقف النظام المصري الحالي برئاسة السيسي من التعامل مع إسرائيل، بما يشكل نقلة في العقيدة المصرية وتحديداً العسكرية بأن إسرائيل هي العدو اﻷول لتصبح دولة صديقة، يثير قلق قيادات وسطى في الجيش المصري. وتكشف مصادر خاصة عن وجود حالة من القلق والرفض لتطبيع العلاقات المصرية واﻹسرائيلية.
وتقول هذه المصادر لـ"العربي الجديد"، إن هناك حالة من الارتباك داخل الجيش حول الموقف المصري وتحديداً العسكري من إسرائيل، خصوصاً في ظل التعاون والتنسيق الكبير مع كيان الاحتلال. وتضيف أن تساؤلات بدأت تخرج من قيادات ضباط لقياداتها العليا حول تفسير التقارب المصري مع إسرائيل، لكن جاءت الردود في إطار أن هذه علاقات سياسية ليس للجيش أي علاقة بها.
وتشير المصادر ذاتها إلى أنّه "بالتأكيد تصل التساؤلات وحالة الرفض لهذا التقارب داخل الجيش إلى المجلس العسكري والسيسي، إذ إن المخابرات الحربية والقيادات العليا يصلها كل شيء، وتضع تقارير حول الاتجاهات العامة في المؤسسة العسكرية". وتلفت إلى أن الجيش لا يمكنه فعل شيء حيال الأمر، لكن يوجد صدى سلبي وسيء، خصوصاً أن الأمر يعتبر في إطار التقارب السياسي، لكن ما يحصل له انعكاسات على معنويات الجنود والضباط الصغار، على حد تعبير المصادر.
وتشدد على أن وجود تقارب بين النظام الحالي وإسرائيل لا ينسحب على ما سُمي "فتح البلد على مصراعيه ﻹسرائيل"، وهو ما تؤكده قيادات كبرى في الجيش، أن المؤسسة العسكرية لا تنظر إلى العلاقة بين النظم السياسية، لكن اﻷساس أن إسرائيل عدو ولا يمكن أن تحمل الخير لمصر، وهو أمر ثابت.
ويؤكد ضباط لـ"العربي الجديد" وجود حالة من القلق حيال هذا التقارب غير المفهوم والمبرر، في ظل رغبة من النظام تحقيق مصالح ما على حساب العقيدة القتالية للجيش المصري. ويقول أحد الضباط المشاركين في العمليات بسيناء، إن الطائرات اﻹسرائيلية تجتاح الحدود المصرية وتنفذ عمليات في قلب سيناء، وكل هذا يأتي بالتنسيق مع القيادة المصرية. ويضيف الضابط أنه "أحياناً يتم الطلب من الطائرات المصرية المشارِكة في المواجهات والقصف لمعاقل المسلحين بسيناء بالانسحاب، ليعلم الجميع أن طائرات من دون طيار إسرائيلية وصلت لتنفيذ عمليات، حتى أن جميع الطيارين باتوا يدركون أنه في حالة طلب الانسحاب، فهذا يعني وجود طائرات من دون طيار إسرائيلية ستدخل المجال الجوي المصري.
ويؤكد هذا الضابط ما نشرته "العربي الجديد"، في وقت سابق، عن عدم امتلاك مصر طائرات من دون طيار حربية قادرة على حمل صواريخ، وجميعها استطلاعية فقط. ويلفت إلى "وجود جواسيس ﻹسرائيل في سيناء، ولا أحد يقترب منهم، وإذا كانوا غير معروفين فهناك تقصير، أما إذا كانوا معروفين ولا أحد يبالي، فهذه أزمة أكبر بكثير".