دعا مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي صناع القرار في تل أبيب إلى التصدي للتداعيات المحتملة لتوجه الصين نحو مضاعفة عدد الرؤوس النووية التي تملكها.
وفي تقرير صدر عنه أعده الباحث إيال بروبر، حذر المركز من أنه في حال تحقق ما جاء في التقرير الأخير الصادر عن وزارة الدفاع الأميركية، والذي قدم مطلع الشهر الجاري إلى الكونغرس، حول أن الصين تتجه إلى مضاعفة عدد الرؤوس النووية التي تملكها، فإنّ هذا التطور سيفضي إلى تهاوي منظومة القواعد التي تضبط حالياً سباق التسلح النووي في العالم وفي الشرق الأوسط؛ وهو ما يمثل تهديداً إستراتيجياً على تل أبيب، ويهدد بفقدانها تفوقها النوعي.
ولفت التقرير إلى أنّ دول جنوب شرق آسيا ستكون أول الدول تأثراً بالتوجه الصيني، سيما اليابان وكوريا الجنوبية، التي قد تتجه إلى تطوير سلاح نووي، محذراً من أن هذه التطورات ستؤثر لاحقاً على سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط، وستعزز من دافعية إيران لتطوير برنامجها النووي.
ويرى المركز أنّ الأزمة المتفاقمة بين الولايات المتحدة والصين قد تفضي إلى المس بنظام مراقبة انتشار السلاح، وضمن ذلك السلاح النووي، والتأثير سلباً على التعاون القائم بين القوى العظمى، والذي حافظ على الوضع القائم لمدة عقدين من الزمان.
وبحسب المركز، فإنه على الرغم من أنّ إسرائيل ليست طرفاً في "معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية" (NPT)؛ إلا أنها أيدت الحفاظ على المعاهدة كمنظومة قواعد دولية ملزمة، علاوة على أنها شاركت، إلى جانب الصين والولايات المتحدة، في صياغة قواعد الميثاق الذي يمنع إجراء التجارب النووية.
وأضاف المركز: "في حال قررت الصين تجاوز السياسة التي عكفت عليها لسنين طويلة وعملت بشكل عملي على زيادة عدد الرؤوس النووية التي بحوزتها، فإنها بذلك ستلمح لدول عديدة بأن القواعد اللعبة تتغير، مما يؤدي إلى تصدع التفاهمات والقواعد التي أرسيت خلال العقدين الماضيين بين القوى العظمى".
وشدد معد التقرير على أنّ الخطوة الصينية في حال تحققت ستدفع دولاً في الشرق الأوسط، وتحديداً إيران، "إلى تطوير قدراتها الإستراتيجية بحيث تقترب من مرحلة دولة على حافة قدرات نووية وهو ما سيزيد من التوتر في الشرق الأوسط".
ونصح المركز صناع القرار في تل أبيب "بمواصلة تعزيز الحوارات مع الدول العظمى في كل ما يتعلق بمراقبة السلاح ومنع انتشاره، بحيث تكون الصين إحدى هذه القوى وأن توضح لهذه القوى مخاوفها من التطورات السلبية في الشرق الأوسط".
وحث معد التقرير إسرائيل على مراقبة تأثيرات التحولات في السياسة الصينية على دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، وضمن ذلك أنماط التعاون التي يمكن أن تتطور بين هذه الدول والصين.
حث معد التقرير إسرائيل على مراقبة تأثيرات التحولات في السياسة الصينية على دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط
ولم يتردد المركز في الدعوة إلى مواءمة السياسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بسباق التسلح في الشرق الأوسط "بهدف الحيلولة دون حدوث تآكل في مكانتها الخاصة وتفوقها الإستراتيجي".
وعلى الرغم من أن المركز لم يوضح ما يقصده بـ"مواءمة السياسة" التي تضمن حفاظ إسرائيل على تفوقها الإستراتيجي، فمن المرجح أنه يقصد القيام بعمليات عسكرية واستخبارية للحيلولة دون استغلال دول المنطقة من تطوير سلاح نووي مستغلة التحولات التي يمكن أن تفضي إليها الإستراتيجية الصينية الجديدة.
ولفت المركز إلى ما جاء في التقرير السنوي الجديد الذي صدر، أخيراً، عن وزارة الدفاع الأميركية، وقدم إلى الكونغرس، مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري، وجاء فيه أن الصين تنوي مضاعفة عدد الرؤوس النووية التي بحوزتها، والتي يقدر عددها حالياً بـ 200 رأس، إلى جانب تحديث أسلحتها الذرية.
وأشار التقرير إلى أن عدد الرؤوس النووية التي تملكها الصين متدن جداً مقارنة بعدد تلك التي تملكها الولايات المتحدة، والتي تحوز 5800 رأس نووي؛ مشيراً إلى أن التوتر مع واشنطن أدى إلى تعاظم الدعوات في بكين لزيادة عدد الرؤوس النووية التي تملكها لتصل في أقرب وقت إلى 1000 رأس نووي.
ويعد التوجه الجديد للصين، كما يرى المركز، تجاوزاً لإستراتيجية "الردع الضروري الأدنى"، التي ظلت تتشبث بها الصين ودفعها لعدم الاستثمار في تكثيف إنتاج الأسلحة النووية.
ولفت المركز إلى أن تهاوي الأحلاف العسكرية التي تنخرط فيها كل من الصين والولايات المتحدة، زاد من دافعية بكين للتوجه لمضاعفة ترسانتها من السلاح النووي.