تجاهر إسرائيل بمخاوفها من تداعيات نهاية حرب الموصل التي تلوح في الأفق، وتنطلق من افتراض مفاده بأن هذا التطور سيؤثر بشكل كبير على أمنها "القومي" بما يستدعي التحسّب لمواجهة هذه التداعيات. وترى إسرائيل أن حرب الموصل التي ستنتهي بهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ستفضي إلى نتيجتين سلبيتين؛ الأولى تتمثل في تعزيز الوجود الإيراني في الفضاء الممتد من إيران وحتى حوض البحر الأبيض المتوسط، وتتمثل النتيجة الثانية في إمكانية أن يتوجه مقاتلو "داعش" الذين سيخسرون موطئ قدمهم في الموصل، إلى مناطق عدة بسورية وصحراء سيناء ليعززوا مصادر "التهديد الجهادي" للعمق الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد، يشير درور إلى أن الإيرانيين يسعون بجدية لتدشين ميناء مستقل وخاص بهم على ساحل سورية الشمالي. ويرى أن دوائر صنع القرار في تل أبيب باتت مطالبة بالتحرك بكثافة لدى روسيا وإقناعها بعدم السماح بإضفاء شرعية على وجود إيران وحزب الله العسكري في سورية بعد التوصل للتسوية الشاملة. ويعتبر أن الروس هم الوحيدون القادرون على إحباط هذا السيناريو. ويضيف أن الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لموسكو هدفت بشكل أساس إلى استباق انتهاء معركة الموصل والتوصل لتسوية شاملة بشأن سورية من خلال محاولة إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بمراعاة "الخطوط الحمراء" لإسرائيل في أية تسوية للصراع في سورية. لكن درور في المقابل، لا يستبعد أن تلجأ إسرائيل إلى الخيار العسكري لمواجهة تبعات أي تسوية في سورية تفضي إلى "تشريع" الوجود الإيراني في سورية. وفي ما يتعلق بخطر "داعش" بعد الموصل، فيرى الجنرال الإسرائيلي أن هذا العامل سيتحول إلى تحد أكثر تعقيداً بالنسبة لإسرائيل بما يوجب تكثيف التعاون الدولي لمواجهته، وفق تعبيره. ويرى المدير العام لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية، حجاي تشورئيل، أن معركة الموصل ستعزز ما سماه "الهلال الشيعي" وستضمن وصول الإيرانيين إلى حوض البحر الأبيض المتوسط. وبيّن أن إيران في الوقت نفسه تريد السيطرة على مضيق باب المندب من خلال الحوثيين في اليمن.
وهناك في تل أبيب من يبدي تفاؤلاً إزاء فرص تمكن حكومة نتنياهو من احتواء التداعيات "السلبية" لمعركة الموصل. ويشير المعلق العسكري الإسرائيلي، ألون بن دافيد، إلى أن هناك ما يشير إلى أن الجهود الإسرائيلية الهادفة لإقناع بوتين بتقليص دور إيران في سورية قد تسفر عن نتائج إيجابية في ظل اتساع دائرة الخلافات بين الروس والإيرانيين في هذا البلد. وفي تحليل نشرته "معاريف"، يوم الخميس، أشار بن دافيد إلى أن أوضح مظاهر الخلاف الروسي الإيراني تتمثل في إطاحة موسكو بمكانة قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري"، قاسم سليماني، الذي كان يقوم بدور رئيس في تحديد وجهة الأمور في سورية، مشيراً إلى أن الجنرال الروسي، ألكسندر زورابلوف، قد حل محله من ناحية عملية.