قطر توسع علاقاتها الاقتصادية وتوقعات بشركاء جدد

07 يونيو 2017
استثمارات قطر تتنوع في مختلف القطاعات (Getty)
+ الخط -
اتخذت قطر في السنوات الأخيرة خطوات كبيرة نحو خلق شراكات اقتصادية مع العديد من الدول الكبرى، في أوروبا وآسيا، فضلا عن تركيا والولايات المتحدة، لتبدو هذه الشراكات مرشحة للتوسع خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى إمكانية ضم فاعلين جدد، بعد الإجراءات التي اتخذتها دول خليجية بشكل أساسي، وترمي من ورائها إلى فرض حصار اقتصادي شامل على قطر.
وتواجه قطر حرباً اقتصادية بلغت ذروتها صباح الإثنين الماضي، في اتخاذ كل من السعودية، والإمارات، والبحرين، قراراً بقطع العلاقات التجارية مع قطر، وإغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية.
ويعتبر صناع القرار، في دول الخليج الثلاث، أن فرض الحصار سيؤدي إلى خنق قطر اقتصادياً وإحداث نقص شديد في السلع الأساسية، إلا أن محللين اقتصاديين رجحوا فشل هذا السيناريو في ظل الشركات الاقتصادية القوية، التي بنتها قطر الفترة الماضية.
وقطر على الأرجح قادرة على تجنب أزمة اقتصادية خانقة، وفق بيانات رسمية، تقدر حجم الأصول في صندوق الثروة السيادي بنحو 335 مليار دولار ولديها فائض تجاري بلغ 2.7 مليار دولار في أبريل/ نيسان وحده.

وتتجه الأنظار إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية مع تركيا وبريطانيا والدول الآسيوية بجانب الولايات المتحدة، في وقت بدأت تقدم فيه إيران وروسيا نفسيهما على أن يكونا من الشركاء الجدد.
ووصلت استثمارات الشركات التركية في قطر إلى نحو 11.6 مليار دولار، وفق البيانات الرسمية التركية، فيما تحتل الاستثمارات القطرية في تركيا المرتبة الثانية من حيث الحجم لتبلغ نحو 20 مليار دولار، وتتركز في قطاعات الزراعة والسياحة والعقارات والبنوك.
وقال الخبير الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، لـ"العربي الجديد"، إن تركيا تعتبر قطر حليفا وشريكاً اقتصادياً مهماً، وهناك الكثير من الاتفاقات بين البلدين في مجالي الطاقة والتجارة، مشيراً إلى أن تركيا تعد دولة داعمة ومساندة لقطر خاصة في تصدير المنتجات الزراعية والصناعية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر نحو 1.3 مليار دولار في العام الماضي 2016، في ظل توقعات بتصاعد هذا الحجم، في ظل التعاون المتنامي بين البلدين.
وبحسب المحللين الأتراك، تبدو تركيا حريصة في الوقت نفسه على لعب دور الوساطة لإنهاء الأزمة الحالية في دول الخليج، التي تعد سوقاً تجارية مهمة بالنسبة لها، لافتين إلى أن تركيا لها علاقة جيدة مع جميع الأطراف.

وتعتبر قطر من أكثر الدول نشاطاً في مجال الاستثمار الداخلي والخارجي، وفي توظيف العوائد المالية الضخمة التي حققتها خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط والغاز، في استثمارات مدرّة للدخل.
وتتنوع استثمارات قطر في مختلف القطاعات والمجالات، لتشمل المصارف والعقارات والزراعة، والمناجم والنفط وشركات السيارات، والنوادي الرياضية العالمية وغيرها. كما تمتد هذه الاستثمارات من ماليزيا والهند شرقاً، إلى أوروبا شمالاً وأفريقيا جنوباً، وتنتهي في الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية غرباً.
وتنفذ قطر معظم استثماراتها الخارجية عبر جهاز قطر للاستثمار، لكن شركات تابعة للجهاز، وأخرى تابعة للقطاعين العام والخاص، تنفذ أيضاً استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات والدول.

وتعد بريطانيا من أبرز المحطات الاستثمارية لقطر، وتعتبر الدوحة ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية في المنطقة العربية، حيث تشير أرقام وزارة التجارة البريطانية إلى أن حجم الصادرات البريطانية يقدر بحوالى 5 مليارات جنيه إسترليني سنوياً (6.15 مليارات دولار). كما لدى قطر استثمارات ضخمة في بريطانيا تقدر بحوالي 30 مليار إسترليني (حوالي 36.9 مليار دولار)، حسب أرقام وزارة التجارة البريطانية.
وشهدت المملكة المتحدة في مارس/آذار الماضي فعاليات منتدى الاستثمار القطري البريطاني الذي أعلنت خلاله الحكومة القطرية عن ضخ استثمارات تصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني، وتعزيز التجارة بين البلدين.
ولا يختلف الحال كثيراً مع الولايات المتحدة، التي تشير البيانات الرسمية إلى أن قطر تعد أحد أكبر المزودين لسوق الطاقة الأميركية في قطاع الغاز الطبيعي المسال. كما تحتل قطر المركز الخامس عالميا من حيث حجم الاستثمار في السندات الأميركية، فضلا عن استثمارات مباشرة بعشرات مليارات الدولارات في العقارات والبنوك والأسهم.

وبينما تتزايد التوقعات بتعاظم الشراكات الاقتصادية مع الدول الكبرى، أبدت العديد من الدول خلال اليومين الماضيين رغبتها في أن تدخل ضمن قائمة الشركاء الاقتصاديين الجدد، ومنها إيران.
واعتبر رئيس اتحاد الصادرات الإيرانية، محمد لاهوتي، في حديث لوكالة مهر للأنباء الإيرانية، أمس، أن قطع علاقات دول الخليج مع دولة قطر يشكل فرصة استثنائية للاقتصاد الإيراني، مؤكداً أن حجم السوق المتوقعة أمام إيران يقدر بما يتراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار.
كما صرح مسؤول في شركة المطارات الإيرانية للوكالة ذاتها، أن جميع رحلات الخطوط الجوية القطرية ستعبر من الأجواء الإيرانية نحو أوروبا وأفريقيا.
ورغم التزام القيادة السياسية الروسية بالحياد في تصريحاتها بشأن أزمة قطع العلاقات الدبلوماسية بين قطر والدول الخليجية الثلاث، تساءلت الصحف الروسية في أعدادها الصادرة، أمس، عن تأثير الأزمة الراهنة على العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين موسكو والدوحة، والتي شهدت تطوراً ملحوظا في الآونة الأخيرة.

وذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" أن قطع العلاقات الدبلوماسية قد يدفع بقطر نحو البحث عن شركاء اقتصاديين جدد، من بينهم روسيا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بوزارة الخارجية القطرية قوله إن "الدوحة وموسكو تتعاونان في مختلف المجالات، وهناك استثمارات متبادلة، ولا أرى عوائق أمام تعزيز العلاقات".
وتمكنت روسيا وقطر من إتمام بضع صفقات كبرى توجت في نهاية العام الماضي ببيع 19.5% من أسهم "روس نفط"، أكبر شركة نفط في روسيا والخاضعة لعقوبات غربية، لتحالف جهاز قطر للاستثمار وشركة "غلينكور" السويسرية مقابل 10.5 مليارات يورو، فيما يعتبر أكبر صفقة خصخصة في تاريخ روسيا ساعدت في دعم الميزانية وكسر حصار العقوبات.

وتوقع رئيس معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فيتالي ناؤمكين، في تصريح لقناة "روسيا 24" أن تزيد الأزمة الراهنة من اهتمام قطر بالاستثمار في روسيا، وعلى موسكو الاستفادة من ذلك.
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة "فيدوموستي" المتخصصة في الشأن الاقتصادي، أن جهاز قطر للاستثمار يتفاوض حالياً على شراء 25% من أسهم "شركة النفط والغاز المستقلة" الروسية.


(العربي الجديد)