وأوضح الكعبي، في مؤتمر صحافي، أن قرار الانسحاب من أوبك، جاء بعد مراجعة بلاده سبل تحسين دورها العالمي والتخطيط لاستراتيجية طويلة الأجل. وفي حين أشار الكعبي إلى أن قرار قطر بالانسحاب من أوبك يعود لأسباب فنية واستراتيجية لا سياسية، لفت إلى أن اجتماع أوبك المقبل سيكون الأخير الذي تحضره الدوحة، مؤكداً أن القرار بالانسحاب من أوبك لا يتصل بالحصار.
في الوقت ذاته، أكد أن قطر ستواصل الالتزام بجميع التعهدات مثل أي دولة خارج "أوبك"، مشدداً على أن قرار بلاده لم يكن سهلاً، بعد أن استمرت عضواً في أوبك لمدة 57 عاماً.
وشرح الكعبي أن قطر ستعلن عن شراكات دولية كبيرة في الأشهر المقبلة. وفي إشارة إلى الغاز الطبيعي، قال الكعبي إن قطر ترى أن من المهم التركيز على السلعة الأولية التي تبيعها.
وقال، وفق وكالة الأنباء القطرية (قنا)، إنه في ظل سعي دولة قطر لترسيخ مكانتها كمزود موثوق فيه ومعتمد للطاقة إلى جميع أنحاء العالم، كان لزاما عليها مراجعة دور قطر ومساهمتها على الصعيد العالمي في مجال الطاقة، وكيفية تعزيز ذلك الدور وتلك المساهمات بشكل يخدم أهداف واستراتيجية قطر على المدى البعيد.
وأشار إلى أن تلك المراجعة بيّنت أن تحقيق تلك الأهداف يتطلب المزيد من التركيز والالتزام، لتطوير وتعزيز مكانة دولة قطر الرائدة في إنتاج الغاز الطبيعي.
وأفاد بأن تلك المعطيات، مقرونة بحجم إنتاج قطر من النفط، كانت وراء قرار الانسحاب من المنظمة، مؤكدا في الوقت نفسه أن دولة قطر ستظل معتزة بمكانتها العالمية في طليعة الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وكأكبر مصدر للطاقة النظيفة من الغاز الطبيعي المسال وهو ما أتاح لها أن تحقق اقتصادا قويا ومنيعا.
استراتيجية جديدة
وأضاف الكعبي أن قطر عكفت خلال السنوات الماضية على وضع استراتيجية مستقبلية لقطاع
النفط والغاز ترتكز على النمو والتوسع داخل الدولة وخارجها، موضحا أن هذه الاستراتيجية قد أثمرت عن وجودها الدولي بشكل أكبر خاصة في مجال الاستكشاف والإنتاج في كثير من الدول مثل البرازيل والمكسيك والأرجنتين وقبرص والكونغو وجنوب أفريقيا وسلطنة عمان وغيرها.
وتوقع أن يتم الإعلان عن عدة مشاريع ومشاركات عملاقة أخرى قيد الدراسة حاليا خلال الأشهر القليلة المقبلة. وأوضح أن أحد أهم ملامح هذه الاستراتيجية هو التركيز على الأنشطة والأعمال الأساسية في دولة قطر، وعلى تعزيز مكانتها كأكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم.
وحول تداعيات قرار قطر بالخروج من منظمة أوبك، أوضح وزير الدولة لشؤون الطاقة، أن إنتاج دولة قطر من النفط ليس ضخما، وبالتالي فإن سوق النفط لن يتأثر بهذا القرار، مؤكدا أن قطر ستكون ملتزمة بما تتخذه أوبك من قرارات حتى نهاية عضويتها. ولفت إلى أن السعر العادل لبرميل النفط يتراوح ما بين 70 و80 دولاراً.
التوسع بالغاز
وفي شأن خطط قطر للتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال الحالي من نحو 77 مليون طن إلى 110 ملايين طن خلال السنوات المقبلة، أفاد الكعبي بأن قطر للبترول عملت على تطوير وزيادة إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال، حيث أعلنت عن استراتيجيتها لرفع طاقتها الإنتاجية من 4.8 ملايين برميل مكافئ يوميا إلى 6.5 ملايين برميل مكافئ يوميا خلال العقد المقبل.
وفي هذا الشأن أيضا، أوضح أن قطر للبترول ستقوم بالمشاريع الخاصة بزيادة الإنتاج دون الحاجة للاقتراض، نظرا لتوافر السيولة لديها اللازمة لإقامة مشاريع التوسعة، مبينا أنه بحلول منتصف العام المقبل ستعلن قطر للبترول أسماء الشركاء الأجانب لها في هذه التوسعة.
كما كشف الكعبي أنه سيتم إنشاء مجمع للبتروكيماويات لتكسير الإيثلين في منطقة رأس لفان، متوقعا أن يتم الكشف عن تفاصيل المشروع وشركاء قطر للبترول فيه خلال الربع الأول من العام المقبل.
وفي مجال الاستثمارات أيضا، أوضح أن قطر للبترول تدرس الدخول في شراكات لإنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن قطر للبترول قد تصبح من مصدري الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة عبر مشروعها محطة غولدن باس للغاز الطبيعي المسال.
وفي ما يتعلق بأسعار الغاز الطبيعي وتأثير الغاز الصخري عليها، أفاد الكعبي بأن أحد الخيارات المطروحة حاليا هو دخول قطر للبترول في استثمارات تتعلق بالغاز الصخري، موضحا أنها ستتخذ قرارا بهذا الشأن خلال الفترة المقبلة.
وقال مصدر في منظمة أوبك لرويترز إن قرار قطر رمزي. وقال " هم ليسوا منتجا كبيرا، لكنهم لعبوا دورا كبيرا في تاريخ أوبك".
ولا يزيد إنتاج قطر النفطي على 600 ألف برميل يوميا، بينما يبلغ إنتاج السعودية 11 مليون برميل يوميا، والمملكة أكبر منتج في المنظمة وأكبر مُصدر للخام في العالم.
لكن الدوحة طرف مؤثر في سوق الغاز المسال العالمية بطاقة قدرها 77 مليون طن سنويا، اعتمادا على احتياطاتها الكبيرة من الغاز في الخليج.
وقالت أمريتا سين رئيسة تحليلات النفط لدى مؤسسة إنرجي أسبكتس للاستشارات إن انسحاب قطر "لا ينال من قدرة أوبك على التأثير إذ أن قطر لاعب صغير جدا".
ومن المتوقع أن يشهد اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، قرارات متعلقة بتقليص إمدادات النفط بعد أشهر من زيادتها، خشية تعرض الأسواق لتخمة المعروض، وتجنب حدوث صدمة بالأسعار.
اجتماع أوبك
ويجتمع أعضاء "أوبك" في السادس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، في العاصمة النمساوية
(فيينا)، لاتخاذ قرار نهائي بتنفيذ خفض في إنتاج النفط من عدمه في 2019.
يأتي الاجتماع، في أعقاب قمة مجموعة العشرين التي اختتمت في العاصمة الأرجنتينية (بوينس آيرس)، وتضمن جدول أعمالها الحرب التجارية بين واشنطن وبكين وكذلك السياسة النفطية.
وتوقع خبراء نفط في تصريحات متفرقة لـ"الأناضول"، أن يتمخض الاجتماع الساخن لـ "أوبك" عن خفض في الإنتاج، بالشكل الذي يدعم تعافي أسعار النفط واتجاهها صوب مستوى 70 دولاراً للبرميل.
وقال هؤلاء، إن المعنويات في أسواق النفط لا تزال سلبية، لا سيما بعد التراجع الكبير بالأسعار بأكثر من 30 بالمائة في الأسابيع القليلة الماضية.
وفقد خام برنت نحو 26 دولارا من قيمة البرميل الواحد في أقل من شهر ونصف الشهر، نزولاً من 86 دولاراً للبرميل إلى متوسط 60 دولاراً في الوقت الحالي.
وتعادل وتيرة تراجع أسعار النفط خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هبوط الأسعار في 2008، وبوتيرة أعلى من التراجعات خلال عامي 2014 و2015.
وصعد إنتاج النفط في بلدان عدة، مثل السعودية والعراق والإمارات وروسيا والولايات المتحدة، خلال الشهور الماضية، إلا أن الطلب شهد تذبذبا مؤخرا بسبب شكوك حول تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وفي تصريحات رسمية متفرقة خلال الشهر الجاري، أبدت السعودية وروسيا -أكبر منتجين للنفط الخام في العالم- ومن خلفهما "أوبك"، تخوفات من وجود شكوك ستؤثر على نمو الطلب على الخام، ما يعني ارتفاعا أكبر في معروض النفط الخام.
وبدأ أعضاء "أوبك" ومنتجون مستقلون مطلع 2017، اتفاقا لخفض الإنتاج بـ 1.8 مليون برميل يوميا، تم تقليصه إلى 1.2 مليون برميل اعتبارا من يوليو/ تموز الماضي، على أن ينتهي الاتفاق في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وقال المحلل الكويتي لأسواق النفط العالمية، أحمد حسن كرم، إن التوقعات تشير إلى أن اجتماع "أوبك" سيكون ساخنا، ويقر خفضاً في الإنتاج لرفع أسعار النفط بعد التراجعات الحادة في الأسعار مؤخراً.
وأضاف كرم لـ"الأناضول"، أنه بعد إقرار الخفض المتوقع سترتفع أسعار النفط بشكل تدريجي، ولكن هذا سيعتمد على كميات الخفض في الإنتاج ونسبة استيعابها في الأسواق مقارنة بكميات الطلب.
وتوقع ارتفاع أسعار النفط صوب مستوى 70 دولاراً للبرميل، حال إقرار الخفض المتوقع والذي يمكن أن يصل إلى نحو مليون برميل.
وأوضح أن الخفض قد يتراوح بين مليون و1.5 مليون برميل يوميا من "أوبك" والمنتجين المستقلين بقيادة روسيا.
توقعات خفض الإنتاج
وتوقع الخبير النفطي محمد زيدان، أن يتم الاتفاق خلال الاجتماع على خفض الإنتاج بأكثر من 500 ألف برميل يومياً لمواجهة تخمة إمدادات بدأت تلوح في الأفق القريب.
وأضاف أن المعنويات العامة في أسواق النفط لا تزال سلبية تتسم بحالة من الحذر، لا سيما بعد التراجع الكبير بالأسعار بأكثر من 30 بالمائة في الأسابيع الماضية.
وتابع زيدان: "لا نريد الرهان على تأثير نتائج الاجتماع على الأسعار، ولكن هناك لهجة إيجابية لدعم الأسعار فوق 50 دولاراً للبرميل والذي يُعتبر مستوى قويا.
بدوره، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن "أوبك" ستتخذ قرارا جماعيا لتحقيق الاستقرار لأسواق النفط العالمية"، بعد ظهور بوادر على عودة تخمة المعروض إلى الأسواق العالمية.
وأوضح الفالح في مؤتمر صحافي من العاصمة النيجيرية أبوجا، الأربعاء الماضي، أن المملكة لن تقوم بخفض إنتاج النفط بمفردها، وبمعزل عن المنتجين الآخرين حول العالم.