وكان رفعت الأسد عرضة للملاحقة القانونية منذ عام 2013 أمام المحاكم السويسرية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ولكن "Trial international"، والتي كانت قد قدمت الدعوى للمدعي العام، تخشى أن يكون الوضع حالياً غير قابل للتجاوز، رغم الأدلة المقدمة للمدعي العام. وقام المحامون، صباح اليوم، بتحدي الادعاء العام علناً، وطالبوا بالعدالة لموكليهم الذين هم ضحايا النظام السوري.
وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، قال إبراهيم العلبي، وهو أحد مؤسسي البرنامج السوري للتطوير القانوني، إن المنظمة تتبع في ذلك الإجراءات المعتادة؛ فبعد أن يجمع المحامون الأدلة القانونية، يقومون بتقديم القضية للمدعي العام، الذي ينظر في إمكانية نقلها إلى المحاكم، وفقاً للقوانين في تلك الدولة، وهي سويسرا في هذه الحالة.
ويضيف العلبي أن إحدى الخطوات التالية في مرحلة لاحقة، إن قبِل المدعي العام القضية، هي إصدار المحاكم مذكرة اعتقال بحق رفعت الأسد إن دخل الحدود السويسرية أو أي دولة وقعت اتفاقية تسمح باعتقاله وإرساله إلى سويسرا.
ولكنّ العلبي يرى أن سبب رفض المدعي العام، حتى اللحظة، تقديم القضية للمحاكم السويسرية قد يأتي من خلفية صورة سويسرا كدولة محايدة، يتم فيها التوصل إلى حل النزاعات عوضاً عن اعتقال أي من أطرافها.
يضاف إلى ذلك التزام سويسرا، حالياً، بتنظيم مفاوضات جنيف بين المعارضة والنظام السوريين، وهو ما قد يهدد مسار هذه المحادثات، حيث إن رفعت الأسد هو عم رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
إلا أن العلبي يرى في الإعلان حالياً عن هذه الخطوة من قبل المنظمة رسالة موجهة إلى أهالي الضحايا بأن المجرمين ستتم ملاحقتهم قانونياً في المحاكم الأوروبية.
وينتمي رفعت الأسد للعائلة التي تحكم سورية منذ نحو خمسين عاماً. كما كان قائداً لـ"سرايا الدفاع الوطني" في الثمانينيات، وهي الكتائب المتهمة بارتكاب مجازر حماة وتدمر، وقتل الآلاف من المدنيين.
ففي عام 1980، قامت "سرايا الدفاع" باقتحام سجن تدمر، وإعدام نحو ألف سجين معتقل بشكل منهجي.
كما قام النظام السوري، حينها، بمهاجمة مدينة حماة عام 1982، بعد تمردها على حكم حافظ الأسد، والد رئيس النظام الحالي، بشار الأسد، وشقيق رفعت الأسد. وتؤكد معظم الروايات الدور الرئيسي لقوات "سرايا الدفاع"، التي كان يقودها الأخير، في المجزرة.
وأسفر اقتحام القوات السورية للمدينة حينها عن سقوط الآلاف من الضحايا المدنيين العالقين في المدينة من دون ماء أو كهرباء لمدة شهر. وتتراوح تقديرات أعداد الضحايا في مجازر حماة بين 10 و40 ألف شخص.
وترى منظمة "Trial international" أنه ورغم هذه الاتهامات، لا يزال رفعت الأسد يتمتع بحرية التنقل والسفر، منذ أن نفاه شقيقه خارج البلاد عام 1984.
وكان تقديم الدعوى للمدعي العام السويسري عام 2013 قد أحيا آمال أهالي الضحايا في محاكمة الأسد ومعاقبته. ومنذ تلك الحين تعمل المنظمة على التحقيق وجمع الأدلة في ثماني دول وتقديمها للمدعي العام السويسري، بما فيها العشرات من شهادات العيان. وقد تمكنت المنظمة من جمع العديد من الوثائق من المخابرات العامة السورية، ومن السفارات في العديد من الدول. كما أنها تابعت بعضاً من المقاتلين السابقين للحصول على شهاداتهم.
ويمكن للأفراد والمنظمات رفع الدعاوى أمام المحاكم السويسرية وفقاً لمبدأ الولاية القضائية العالمية، إذ يمكن ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الموجودين على أراضيها بغض النظر عن مكان تنفيذ الجريمة وجنسية منفذيها.