أرسل 5 قضاة في مجلس الدولة المصري، رسائل إلى البرلمان، عبروا فيها عن غضبهم واعتراضهم على موافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب على مشروع تعديل قانون السلطة القضائية، رغم رفض جموع الهيئات والجهات القضائية لمشروع القانون، وإرسال خطابات اعتراض رسمية إلى البرلمان.
ورصد "العربي الجديد" الرسائل الخمس للقضاة، والتي وجّهوها عبر صفحاتهم الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وجاءت الرسالة الأولى من عضو مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة المستشار إسلام توفيق الشحات، الذي اعتبر أنّ "مشروع قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية، ليس اعتداء على استقلال القضاء فحسب، بل ينطوي على انحراف تشريعي صارخ".
وأضاف "من المقرر أن مبدأ استقلال القضاء، بات من أعز حقوق الإنسان وأعلاها ولا يجوز التضحية بها في غير ضرورة تمليها مصلحة اجتماعية لها اعتبارها، ومن ثم كان أمراً مقضياً أن تصاغ النصوص التشريعية المنظمة للسلطة القضائية بما يحول دون المساس بها أو تباين الآراء حول الانتقاص منها".
وأوضح أن "المشرّع الدستوري ألزم مجلس النواب بأخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها، واستخدام المشرع للفظ (رأيها) لا يعني إهداره والعمل على نقيضه، وإلا يكون النص عليه من قبيل العبث. كما أنه قد غاب عن مجلس النواب، أن النصوص التي يضعها المشرع الدستوري تفترق عن النصوص يضعها المشرع العادي، وأخْذ رأي تلك الجهات والهيئات له قيمة دستورية تعلو على ما أهدره المشرع العادي، إذ جرّدها من كل قيمة".
وأكد الشحات أنه "في ظل النظام القضائي، لا يجوز أن يكون المرؤوس رئيساً لرئيسه، وفي حالة تقديم مشروع قانون تتضمن النصوص فيه على ما يخالف ذلك، إنما يشكل انهداماً لعراقة القضاء وتجريده من أقدميته، وهي عزته وشرفه وسمعته التي عاش بها جيلاً بعد جيل تحاكي بهم مصر من بين الأمم".
وأضاف "ولئن جاز القول،ـ إن تحديد مضمون تلك الإرادة وقوفاً على ماهيتها، ما زال أمراً عسيراً، إلا أن معناها - وبوصفها الركن الركين لشرعية نظام الحكم - يجب أن تنبع من إرادتهم المستقلة التي حرص الدستور على حمايتها والتصون لها. ويكون مشروع القانون في هذا الصدد، إذ يسلب القضاة إرادتهم في الاختيار، جريمة قوامها التدخل في شؤون العدالة للانتقاص من إرادتهم يدور رحاها وفقاً لتلك النصوص حول النوازع المدبرة أو تلك التي يكون الخداع قوامها أو التي تتمحض عن علم بالتأثيم في صيغة التنظيم - بالنظر إلى أن التدخل في شؤون العدالة جريمة - مقترناً بقصد اقتحام حدود إرادة القضاة، لتدل جميعها على إرادة إتيان فعل بغياً ولا يتصور بالتالي وفقاً لأحكام الدستور انتزاع استقلالهم عدواناً".
أما الرسالة الثانية، فهي من عضو مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة، المستشار وائل فرحات، رأى فيها أنه "طالما أن اختيار رئيس الجهة القضائية من قبل رئيس الجمهورية لا ينال من استقلالها كما يذهب مجلس النواب، فأنا أقترح أن يكون الأمر ذاته بالنسبة للسلطة التشريعية".
وفي هذا الشأن، اقترح فرحات أن "يقوم مجلس النواب بترشيح ثلاثة أعضاء يختار منهم رئيس الجمهورية من يصلح كرئيس لمجلس النواب، وبذات المعيار فإن من بلغ السبعين كما أنه لا يصلح أن يكون قاضياٍ فالأولى أنه لا يصلح أن يكون مشرعاً، أين ذهب العقل والمنطق السليم؟".
وجاءت الرسالة الثالثة من نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار أمير يعقوب، والذي أصيب في الهجوم المسلح الذي استهدف مقر إقامة القضاة في مدينة العريش في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أثناء إشرافه على انتخابات مجلس النواب، والذي أسفر أيضاً عن اغتيال نائب رئيس مجلس الدولة المستشار عمر حماد.
وقال يعقوب في رسالته: "منذ إصابتي على يد الإرهاب في نوفمبر، بثلاث طلقات نارية، في مدينة العريش، أثناء إشرافي على انتخابات مجلس النواب، وأنا أعاني من آلام نفسية وجسدية غير محتملة، فقد فقدت بعض وظائف ساقي اليسرى".
وأضاف "إلا أن ما شعرت به، أخيراً، من ألم جراء مناقشة مجلس النواب للتعديلات الخاصة بقانون السلطة القضائية، فاق ألم طلقات الإرهاب، وما سببه لي من عجز دائم بنسبة 45 في المائة، خاصة أنا الآن خارج مصر أستكمل علاجي في ألمانيا، إذ لم أشعر بالعجز يوماً ما أكثر من الآن".
وتابع "هناك من غضب من القضاة فقرر السيطرة عليه، بعد أن شاهد مئات المواطنين أمام مقر مجلس الدولة، احتفالاً بحكم مصرية جزيرتي تيران وصنافير".
وأخيراً، الرسالة الخامسة وجهها القاضي في مجلس الدولة، وعضو هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا، صفوان حمزة، وتضمنت تعقيباً على صورة وضعها مع رسالته تخص رئيس محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة، يحيى الدكروري، والمقرر أن يتولى رئاسة مجلس الدولة بالأقدمية في 1 يوليو/تموز المقبل.
وقال حمزة في رسالته: "اختصار العبارة، هذا العملاق - المستشار يحيى دكروري - القيمة والقامة هو النائب الأول لرئيس مجلس الدولة والذي يتولى وفقاً لقانون مجلس الدولة ولمبدأ الأقدمية المطلقة الذي تربينا عليه والثابت بين أوساط القضاة، رئاسة مجلس الدولة في 1 يوليو/ تموز 2017، وهو نفسه من نطق الحكم بمصرية تيران وصنافير، فقامت دنيا مجلس النواب لتغيير ثوابت القانون الدستوري لمجلس الدولة وباقي الهيئات القضائية، للحيلولة دونه وتولي رئاسة مجلس الدولة".
وتساءل عضو هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا، قائلاً "هل قام مجلس النواب بدوره المنوط في معالجة القصور التشريعي ورقابة الحكومة بالشكل الذي أنهى كل مشكلات المجتمع حتى يشرع لخلخلة النظام الدستوري القانوني لسلطة القضاء؟".