قصص خمس ممرضات قضين في انفجار مرفأ بيروت

07 اغسطس 2020
استشهدت أربع ممرضات داخل المستشفى(العربي الجديد)
+ الخط -

 

إنها لعبة القدر. ليس صدفة كان مجيء ميراي جرمانوس، كي تحلّ مكان زميلتها بديلة، ولم يكن ركض جيسيكا بازدجيان لتلتحق بدوامها صدفة. كان كل شيء يسير كالمعتاد في مستشفى "القديس جاورجيوس" في منطقة الأشرفية في بيروت، إلى أن دوى الانفجار الضخم في مرفأ بيروت، وفي لحظات لم يعد أي شيء كما كان. تغيّرت معالم المستشفى وصار مبنى منكوباً، وقضت بداخله أربع ممرضات في مكان عملهن.
تقول وفاء معلوف، مديرة قسم التمريض في المستشفى، لـ "العربي الجديد": "يوم الانفجار استشهدت أربع ممرضات داخل المستشفى. جيسيكا بازدجيان ممرضة تعمل في المستشفى منذ عامين وهي مندفعة وتلبي النداء في أي وقت يُطلب منها الحضور. هي جريئة وقوية، وصلت إلى المستشفى للالتحاق بعملها وبعد دخولها من الباب الرئيسي بلحظات دوى الانفجار الذي وصل عصفه إلى المدخل، حيث دفع بها بقوة نحو أحد الأعمدة ليرتطم رأسها به وتستشهد فوراً".
تضيف: "في الطابق التاسع كانت جيسيكا قهوجي تتابع عملها عندما سمعت دوي الانفجار الأول، وشاهدت الدخان المتصاعد من منطقة المرفأ. حملت هاتفها الخلوي والتقطت صورة من النافذة وقالت لزملائها إن هناك حريقاً. لكن عصف الانفجار الثاني، والذي كان مهولاً، وصل إلى النافذة حيث كانت تقف، ما أدى إلى وفاتها على الفور".

ممرضات (فيسبوك)

تتابع معلوف: "كانت الممرضة ميراي جرمانوس في إجازة إلا أن زميلتها في العمل اتصلت بها كي تحلّ مكانها لأنها لم تستطع الحضور إلى المستشفى. وخلال دوام عملها بينما كانت في غرفة أحد المرضى تهتم به في الطابق السادس من المبنى، تطايرت النوافذ الزجاجية بفعل الانفجار وأصابتها بقوة ما أدى إلى وفاتها فوراً وسط حالة من الفوضى والدمار.
أما لينا أبوحمدان، وهي تعمل مساعدة ممرضة في الطابق الخامس، فكانت تهتم بعدد من المرضى في الطابق، ولم تكن تعلم أنها لحظاتها الأخيرة، قبل أن يتطاير زجاج النوافذ ليودي بحياتها. كما أصيبت 17 ممرضة بجروح مختلفة، منهن سبع ممرضات يتلقين العلاج في مستشفيات أخرى".
تشرح معلوف أنه حتى بعد وقوع الانفجار كان فريق التمريض ينقل المرضى إلى الطوابق السفلية "لم يتركوا أي مريض في مكانه حيث تم نقل المرضى إلى مستشفيات أخرى، وكان الأطباء يجرون العمليات الجراحية ويسعفون الجرحى باستخدام إضاءة الهواتف الخلوية بسبب انقطاع التيار الكهربائي".

 

 

لم تعد المستشفى قادرة على متابعة العمل وتقديم الخدمات الطبية وذلك بفعل الأضرار الجسيمة في الطوابق والأقسام كافة، إلا أن الحركة داخل حرم المستشفى أشبه بخلية نحل حيث يعج المبنى والباحة الخارجية بالمتطوعين من الشباب لإزالة آثار الدمار والمباشرة في عملية ترميم المبنى وإصلاح الأعطال. وسيتم إنشاء مستشفى ميداني في باحة المدرسة المقابلة للمستشفى، بحسب ما ذكر أحد القيمين على المستشفى.
وأقيمت الصلوات لراحة نفس الممرضات في المستشفى الذي خسر أربعاً من طاقمه التمريضي، يوم الخميس، بحضور أهاليهن وزملائهن وسط جو من الحداد والتأثر والحزن.

مستشفى الوردية
المشهد في مستشفى الوردية في منطقة الجميزة القريبة من المرفأ لا يختلف كثيراً عن المشهد الأول. 18 طابقاً مجهزاً بأحدث المعدات الطبية تضررت بالكامل. فقد تهاوت الأسقف المستعارة، وتطايرت النوافذ، وتحطم الزجاج، ولم يعد شيء على حاله الأول.
في المستشفى قضت الممرضة جاكلين جبرين بينما كانت تقوم بعملها في قسم سرطان وترميم الثدي في الطابق السابع. تقول مديرة المستشفى الراهبة نيكولا عقيقي: "افتتح المستشفى عام 2012 ليقدم الخدمات الطبية، لكن بلحظة لم يعد هناك مستشفى لأننا نبعد عن مكان الانفجار حوالي 300 متر. تحطمت النوافذ والواجهات وتطايرت المعدات الطبية. كنت أنا ومجموعة من الراهبات في الطابق التاسع. أصيب الجميع بجروح، وأنا أصبت في قدمي".
تضيف: "منذ عام افتتحنا قسم سرطان وترميم الثدي في الطابق السابع وكانت الممرضة جاكلين جبرين تقوم بعملها في الطابق حين وقع الانفجار. سقط جدار الغرفة عليها ما أدى إلى وفاتها، وأصيب عدد من الممرضات بجروح مختلفة. إحداهن أصيبت في عينها ونقلت إلى مستشفى آخر لإجراء عملية جراحية، كذلك أصيبت ممرضة أخرى بنزيف في الدماغ وتم إسعافها".
تلفت إلى أنه كان في المستشفى أكتر من 25 مريضاً عندما وقع الانفجار تم إجلاؤهم باستخدام الدرج، منهم من تم نقله إلى مستشفيات أخرى ومنهم من توجه إلى منزله لأن حالته تسمح بذلك. إحدى الممرضات حملت طفلة كانت قد وُلدت قبل ساعة من الانفجار وركضت بها باتجاه الشارع قبل أن يستلمها ذووها. تختم بالقول: "نحن بحاجة إلى المساعدة العاجلة من أجل أن يعود المستشفى إلى العمل ويقدّم خدماته للمواطنين.

المساهمون