قرار مؤلم ومستقبل غامض

19 نوفمبر 2015
غموض يلف مستقبل أسعار النفط (Getty)
+ الخط -
أمس، وصف وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي قرار منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" الصادر نهاية العام الماضي 2014 والقاضي بعدم خفض سقف الإنتاج في مواجهة هبوط أسعار النفط بـ"المؤلم"، ويبدو أن هذا ليس موقف الإمارات فقط بل هو موقف دول الخليج أيضاً، حيث قال الوزير "لسنا نادمين على القرار الذي أخذناه، لم يكن لدينا أي خيار، نعم هو مؤلم لكثير من المنتجين في مختلف أنحاء العالم ونحن نتقاسم هذا الألم، لكن هذا لا يعني أننا مضطرون لعمل شيء ليس مستداماً".

بالطبع، كان الوزير الإماراتي يعلق على ما وصلت اليه أسعار النفط بعد أن قادت السعودية دول الخليج ومنظمة أوبك نحو اتخاذ موقف بتثبيت الأسعار في أخر اجتماعين للمنظمة في نوفمبر 2014 ومايو 2015، وهو ما أدى إلى استمرار تراجع الأسعار.

هذا عن الأمس فماذا عن الغد، وأقصد بالغد الاجتماع المرتقب لوزراء منظمة أوبك في العاصمة فيينا يوم 4 ديسمبر/ كانون الأول القادم، والذي يبحث موضوعاً واحداً مدرجاً على جدول الأعمال هو تحديد سياسة إنتاج النفط خلال الفترة المقبلة، وإذا ما كان سيتم اعتماد سياسة آخر اجتماعين لأوبك وهي الإبقاء على سقف الإنتاج رغم تهاوي الأسعار، أم سيتم ادخال تعديلات جوهرية على السياسة القائمة والتي ألحقت خسائر فادحة بدول الخليج وكبار منتجي النفط.

الغد تمكن قراءته عبر الرسائل والمواقف الأخيرة الصادرة عن الدول الكبرى المنتجة للنفط، ولنبدأ بالموقف الأحدث حيث أعلنت طهران أمس على لسان وزير النفط الإيراني، بيغن زنغنه، أن بلاده لن تطلب الإذن لزيادة إنتاجها النفطي، بعد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، وأنها ستضاعف صادراتها النفطية وإن انقسمت الأسعار عالمياً، أي انخفضت إلى النصف، وفي لهجة تحدٍ لمنظمة أوبك والدول الأعضاء بها قال زنغنه "لن نتفاوض مع أوبك لزيادة إنتاجنا، سنبلغهم بالأمر فقط لكي يتكيفوا مع الوضع".

يحدث ذلك رغم أن إيران عضو بمنظمة الأوبك وعليها الالتزام بالقرارات الصادرة عن المؤسسة الدولية.

تصريحات بيغن زنغنه تعني ببساطة أن إيران ستدخل بثقلها سوق الإنتاج النفطي، وأنها قد لا تلتزم بقرارات أوبك سواء السابقة أو اللاحقة، وهو ما يعني في النهاية مزيداً من المعروض والفائض النفطي في الأسواق العالمية وبالتالي استمرار تهاوي الأسعار وعدم تحسنها.

ولنأتي إلى موقف روسيا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، والذي عبر عنه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك قبل أيام حينما أشار إلى عدم وجود موقف مشترك داخل أوبك تجاه خفض إنتاج النفط، وأن متوسط أسعار النفط سيستقر عند مستوى 50 إلى 60 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط، أي أن روسيا تتوقع استمرار الخلافات داخل أوبك وبقاء الأسعار دون تغيّر في الاجتماع المرتقب.

أما عن موقف السعودية، أكبر منتجي النفط في العالم، والتي تساندها دول الخليج فيبدو أنه لن يتغير في اجتماع أوبك القادم عن موقفها السابق القاضي بتثبيت الإنتاج للحفاظ على الحصة السوقية حتى ولو أدى ذلك لخسارة الأسعار بعض الوقت.

في مواجهة الموقف السعودي الرافض خفض الإنتاج النفطي لوقف تهاوي الأسعار تبرز مواقف أخرى مغايرة منها فنزويلا وإيران والجزائر الداعية إلى خفض الإنتاج لتحسين الأسعار، وتسعى هذه الدول لتكوين لوبي مناهض لموقف دول الخليج بهدف خفض الإنتاج وبالتالي رفع الأسعار، الا أن هذه التحركات لم يكتب لها النجاح بعد.

إذن، يبدو أنه لا جديد في الاجتماع المقبل لأوبك في ظل هذا الخلاف العميق بين كبار المنتجين، وربما تواصل الأسعار تذبذبها حتى الاجتماع بعد المقبل للمنظمة المقرر له منتصف العام القادم 2016، وقد يستمر الحال طوال عام 2016، إلا إذا حدث تطور جوهري يؤثر على العرض ويقلل الفائض في الأسواق والبالغ نحو مليوني برميل نفط يومياً.

اقرأ أيضا: 338 مليار دولار خسائر منتجي النفط في 2014

المساهمون