أثار قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، أمس الثلاثاء، والقاضي بإلغاء قانون الخدمة العسكرية بصيغته الحالية، والذي تم إقراره قبل عامين، بهدف بدء دمج أعداد محددة من الحريديم في الخدمة العسكرية، غضبا عارما في صفوف أحزاب الحريديم (اليهود الأورثوذكس الأصوليين)، التي اعتبرت القرار بمثابة حرب تشنها المحكمة العليا على "التوراة" وأنصارها الحريديم، باعتبار أن القرار يلغي القانون، لأنه لا يعكس "حقيقة المساواة المطلوبة في تحمّل عبء الخدمة العسكرية" بين جميع المواطنين.
ودعت المحكمة، بعد قرارها، إلى قبول الالتماسات التي قدمتها جمعيات علمانية تطالب بفرض الخدمة العسكرية الإلزامية، أو استبدالها بخدمة وطنية لثلاث سنوات على كافة المواطنين في إسرائيل، خاصة الحريديم، ومنع تهرّبهم من الجيش، كما دعت الحكومة إلى تعديل القانون وسن قانون جديد بهذا الخصوص خلال عام.
ومع أن الأحزاب الحريدية، التي تملك 14 مقعدا في ائتلاف الحكومة الحالية، كانت اشترطت سن القانون المذكور كشرط لدخولها الائتلاف، بدلا عن حزب "ييش عتيد" العلماني، اعتبرت أن القرار القضائي هو حرب على التوراة، إلا أنها مع ذلك وجّهت تحذيرات لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأن من شأن هذه القضية أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تفكيك الحكومة الحالية، وخروج الأحزاب الحريدية منها.
وقد أعرب وزير الصحة عن حزب "يهدوت هتوراة" الحريدي، يعقوف ليتسمان، بشكل صريح، عن أن "القرار الحالي يعكس رغبة المحكمة الإسرائيلية العليا في تفكيك حكومة نتنياهو الحالية، من خلال مواصلتها اتخاذ قرارات قضائية تستهدف الحريديم".
من جهته، قال زعيم "حركة شاس"، وزير الداخلية أريه درعي، إن "القرار يبين مدى القطيعة القائمة بين المحكمة الإسرائيلية العليا وبين الشعب اليهودي".
وأضاف درعي، في إشارة إلى أن الأحزاب الحريدية لن تتجه في المرحلة الحالية إلى تفجير أزمة ائتلافية مع حكومة نتنياهو: "سنعمل بكل قوتنا لتعديل القانون بما يضمن استمرار الوضع الراهن"، في إشارة إلى استمرار الإعفاء العام تقريبا لأبناء الحريديم من أداء الخدمة العسكرية، مقابل إعلانهم وتصريحهم رسميا بأن التوراة هي مصدر إيمانهم، وأنهم منخرطون في المعاهد الدينية لتعليم التوراة "اليشيفوت".
ويرجح ألا تسارع أحزاب الحريديم إلى التهديد بالخروج من الائتلاف الحالي، بل استغلال قوتها الحالية لتشريع قانون جديد يخدم مصالحها، خاصة أن المهلة التي منحتها المحكمة للحكومة تنتهي العام المقبل، حيث تكون إسرائيل (في حال لم تقدم لوائح اتهام ضد نتنياهو، أو أصرّ الأخير على البقاء في منصبه وخوض الانتخابات القادمة، حسبما صرح أمس من الأرجنتين) على أبواب الانتخابات التي من المقرر أن تجري رسميا في عام 2019.
كما أن أحزاب الحريديم لن تسارع بفعل الامتيازات التي تحظى بها في الحكومة الحالية إلى المغامرة بانتخابات قد تقلب نتائجها موازين القوى وتبعدها عن التشكيل الحكومي المقبل، مما يعني خسارة فادحة لها واضطرارها إلى البقاء في المعارضة.