قتل الابن

23 اغسطس 2016
(غرافيتي في تونس العاصمة لـ جماعة "أهل الكهف")
+ الخط -

منذ أن ظهر التحليل النفسي في بدايات القرن العشرين، جرى تطبيقه على الأدب والفن. هكذا تسرّبت في حليب القراءة النفسية للنصوص مقولة "قتل الأب" والتي ستتحوّل بسرعة إلى مفتاح سحري في تفسير العلاقة بين الأجيال.

مضى زمن طويل كي تبدو المقولة مستهلكة وينفر منها النقّاد أو ينظروا إليها بعين نقدية. زمن تكرّس فيه "قتل الأب"، والتباهي بذلك، حتى أنه يكاد يشبه طبيعة ثانية للمبدعين، أو هكذا خيّل لهم ولقرّائهم.

لقد أصبح "قتل الأب" مشروع أجيال، وأصبح الاشتغال على تطوير شيء ما يعني بالضرورة اقتراف فعل القتل، بما للكلمة من حمولة (لا)أخلاقية قد تفسّر كيف أفضى هذا المسار إلى قتل أبناء أكثر مما قتل آباء.

في البلاد العربية، كان "قتل الأب" بضاعة ثقافية استهلكت بقوة. أجيال من الشعراء والروائيين والفنانين حملوا الفكرة كشعار. غالباً ما جرى النظر إلى الأب الداخلي والمعاصر وتوجيه كل السهام ضدّه، وبالتالي جرى نسيان الأب الخارجي أو ذلك الدفين إذ لا تصل لهما سهام الأصوات المرتفعة.

المعركة التي امتدّت لعقود، وعلى أجيال متلاحقة، تُظهر قدراً كبيراً من التشابه بتكرار المعركة نفسها. لم يقف كثيرون في منطقة القسوة فيُقدموا على القتل بدم بارد، ولم يقف كثيرون أيضاً في منطقة الهدوء والمرونة فيَقبلوا بالأب ويفكّروا في بدائل أخرى غير قتله في كل مرة، وهو الذي يعرف كيف يعود إلى الحياة بعد أن يُقتل.


المساهمون