قتلى ومفقودون وفيضانات مستمرة في تكساس...وإدارة ترامب تحاول احتواء الكارثة وسط الانتقادات
30 وفاة على الأقل ومفقودون يصعب إحصاء أعدادهم خلفتهم الفيضانات المستمرة لليوم السادس على التوالي في مناطق عدة في ولاية تكساس. ويترقب الأميركيون بقلق شديد انتقال العاصفة الاستوائية التي خلّفها إعصار هارفي إلى غرب ولاية لويزيانا تزامناً مع الانتقادات التي خيمت على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للولاية أمس، خصوصاً أنه اكتفى بلقاء المسؤولين دون زيارة الناس المنكوبين والقابعين بمراكز الإيواء.
الأنباء التي نقلتها الصحف الأميركية عن مسؤولين محليين وفدراليين تحدثت عن 30 حالة وفاة على الأقل بسبب الفيضانات حتى اليوم. وأكدت الأرصاد الجوية استمرار هطول الأمطار بغزارة حتى يوم غدٍ الخميس. وتستمر عمليات الإنقاذ وإجلاء السكان، مع العلم أن أكثر من 300 ألف شخص باتوا يعيشون في الملاجئ، وأجهزة الإنقاذ تعجز عن تلبية نداءات الإغاثة من العالقين في منازلهم.
ويمتد خطر الإعصار والفيضانات المستمرة إلى غرب ولاية لويزيانا، التي أعلنت الطوارئ وسط مخاوف من فيضانات واسعة، تلك الولاية وتحديدا مدينة نيو أورلينز كانت شهدت مآسي إعصار كاترينا الذي ضربها عام 2005 وخلف قتلى وخسائر، وعمليات إعمار عسيرة لم يكتمل بعضها حتى اليوم.
الفقراء أشدّ المتضررين
وإذا كانت الإحصاءات تشير إلى أكثر من 300 ألف شخص في الملاجئ، إلا أنها لا تلحظ الذين انتقلوا للعيش عند أصدقاء أو أقارب. ويتوقع الخبراء أن تؤدي تبعات الإعصار إلى تشرد الآلاف، خصوصا الفقراء الذين لا يملكون في الغالب أي تأمين على بيوتهم التي دمرت، ولن يتمكنوا من إعادة إعمارها.
وتُظهر تجارب سابقة، ومنها إعصار كاترينا أو ساندي الذي ضرب الساحل الشرقي ومناطق عديدة في ولايات نيويورك ونيوجرزي، أن المساعدات الفدرالية للناجين تبقى محدودة وترتبط في الغالب ببيروقراطية بطيئة تؤدي إلى يأس الناس من الحصول على المساعدات وتوقفهم عن طلبها، هذا في حال خصصت الحكومة الفدرالية صناديق مساعدة للمتضررين.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خضم إعداده لميزانية الحكومة قبل أشهر طلب سحب أموال من دائرة إدارة الطوارئ الفدرالية وتخصيصها لصندوق متعلق بالأمن وبناء الجدار، الذي وعد ببنائه على حدود المكسيك.
ويعد الكونغرس حاليا خطة طوارئ لتقديم المساعدات الأولية ووافق بداية على 10 مليارات منها ومن المتوقع أن يضيف 50 ملياراً إليها. ومن غير الواضح ما هو حجم المساعدات التي قد تقدمها الحكومة الفدرالية للأفراد في عمليات إعادة الإعمار.
— خالد الجهوري (@k_k_jahwari) ٣٠ أغسطس، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
منكوبون في تكساس بينهم عرب
ويقدر عدد العرب والعرب الأميركيين في تكساس بأكثر من 200 ألف نسمة، وعدد لا بأس به منهم يعيشون في المدن الكبرى خصوصا مدينة هيوستن المنكوبة.
التقينا الفلسطينية سائدة روحانا، التي تعيش في هيوستن، التي أوضحت لـ"العربي الجديد" في اتصال معها أنه "حتى يوم السبت لم تكن الأمطار والفيضانات قد دخلت إلى بيتي المكون من طابقين، ونقلنا بعض الأثاث إلى الطابق الثاني، ووضعنا البطانيات بجانب فتحة الباب. شعرنا بأمان بعد مرور الإعصار لأنه لم يسبب أذى للبيت. لكننا لم نتوقع أن يستمر ارتفاع المياه والفيضانات التي أغرقت المخازن والطابق الأول في البيت، وأدركنا حينها أن الأمر خطر".
وتابعت روحانا "خرجنا في اللحظات الأخيرة إلى مناطق أخرى عند أصدقاء. كنا محظوظين ولا أدري الآن ما هو مستوى المياه في بيتي ولكن أتوقع أن يكون قد وصل إلى الطابق الثاني. أفكر بالصور وأشيائي الصغيرة وأشعر بحزن شديد. أحضرتها معي قبل مغادرة فلسطين مع أهلي بعد النكسة. لكنني أعود لأقول لنفسي إن الأمور المادية تعوّض والمهم أنني أنا وابني ناجي بخير".
روحانا التي تعمل مدرسة رياضيات أمّنت بيتها قبل سنتين، وهي من ضمن "المحظوظين" الذين سيتمكنون من ترميمه بمساعدة شركة التأمين التي تغطي، في الغالب، قسماً لا بأس به من التكاليف، والتي من المتوقع أن تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات.
— ABC News (@ABC) ٣٠ أغسطس، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
الكارثة تحرج ترامب وفريقه
الأعاصير والفيضانات ليست جديدة على الولاية وغيرها في الولايات المتحدة، لكن ارتفاع وتيرتها سنة بعد أخرى يقلق الكثيرين ويزيد من حدة النقاش بشأن مدى ارتباطها بالانحباس الحراري والتلوث البيئي. وتضع الكارثة البيئية الحالية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لا يؤمن هو وعدد كبير من أعضاء حكومته بوجود تغيير مناخي، في مواجهة أسئلة صعبة وتحديات بالدفاع عن مواقفه. ولعل أهم تلك المواقف وآخرها هو انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ برعاية الأمم المتحدة، والتي وقعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وتزيد المخاطر البيئية التي تهدد الولاية في ظل وجود عدد كبير من مصافي البترول فيها. وحذر ناشطون في مجال البيئة بأن المتضررين الفعليين سيكونون من الفقراء والأقليات الذين يسكنون بالقرب من تلك المعامل، خصوصا أن أحد أكبرها والتابع لمجموعة "ايير اليانس هيوستن" أعلن أن وقف تلك المعامل سيؤدي إلى إطلاق مليون طن من الملوثات السامة في الجو. ويشكو سكان تلك المنطقة من روائح كريهة جدا منبعثة من المعامل القريبة من مناطق سكناهم.
— Erika (@valdezerika_) ٣٠ أغسطس، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ترامب لم يزر المتضررين
وأثير الجدل بشأن زيارة الرئيس الأميركي بعد ظهر أمس الثلاثاء إلى تكساس للاطلاع على ما يحدث عن قرب، لما تحتاجه من ترتيبات أمنية وحراسة وموارد كان من الأفضل تخصيصها حالياً لعمليات الإنقاذ الجارية على قدم وساق.
وإذا كانت الترتيبات جعلته يتوجه لبلدة كوربوس كريستي في ولاية تكساس، التي لم تضربها الفيضانات بشدة كما هو الحال في مدينة هيوستون مثلا، إلا أن الزيارة كانت بمثابة المقياس لمدى تعاطف الرئيس وكفاءته في إدارة كارثة بيئية بهذا الحجم، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، التي أظهرت مأخذ الأميركيين الجدي على ترامب الذي لم يزر الناس في مراكز الإيواء، ولم يتجول بين المتضررين في بيوتهم وأعمالهم، بل اكتفى بالاجتماع بالمسؤولين الحكوميين والفدراليين ولجان الطوارئ.
كما شملت الانتقادات مظهر ترامب وزوجته ميلانيا الأنيق والمرتب وغير المتناسب مطلقا مع مهمة النزول إلى أرض الكارثة ومتابعة شؤون المنكوبين والمشردين بمئات الآلاف عن منازلهم.
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده مع رئيس الولاية لم يتحدث ترامب ولو بكلمة عن المنكوبين أو المساعدات الممكنة، ولا عن مأساتهم، بل انشغل بالثناء على فريقه ونفسه بطريقة غير مباشرة. وطبعا لم يغب وصف "العظمة" ومرادفاته عن الكلمة القصيرة التي ألقاها، و"التهنئة" بالنتائج، لكنه تدارك الموقف باللحظة الأخيرة متحدثا إلى رئيس الولاية بالقول: "سنهنئ بعضنا بعضاً عندما تنتهي مهام الإنقاذ".
— ABC13 Houston (@abc13houston) ٣٠ أغسطس، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
أما رئيس دائرة الطوارئ الفدرالية، بروك لونغ، فكان أكثر حذرا وقال: "إعادة الإعمار ستكون عملية محبطة وطويلة وستستمر سنوات". وأكد أن طاقمه يركز حاليا على علميات الإنقاذ وإعادة الكهرباء وتوصيل الغذاء والماء الصالح للشرب والضروريات إلى الملاجئ وغيرها. في حين هناك تخوف من أن تتحول بعض الملاجئ لأماكن تشهد سرقات واعتداءات جسدية وجنسية، وهو ما حدث في ملعب سوبر دوم في مدينة نيو أورلينز بعد إعصار كاترينا، وأصبح رمزا لسوء إدارة بوش لتلك الكارثة.
أحياء كاملة تحولت إلى بحيرات أو أنهار، وسكان لا يمكنهم التعرف على مناطقهم، والطريقة الوحيدة لخروج بعضهم هي الصعود إلى أسطح المباني وانتظار مروحيات الإنقاذ. لم تتضح أعداد المفقودين حتى الآن بشكل واضح، ويُخشى أن تكون أعدادهم أكبر بكثير من المتوقع، ولن تتضح الصورة إلا بعد توقف الإعصار والأمطار وتراجع منسوب المياه. أما حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، فوصف ما يحدث بأنه "واحدة من أكبر الكوارث التي تواجهها أميركا".