قانون جديد لمعاقبة المتحرّشين في السعودية

04 اغسطس 2016
نسبة التحرّش في بيئة العمل مرتفعة جداً (Getty)
+ الخط -
في ظل ارتفاع نسبة التحرّش في السعودية، يُؤمل إقرار مشروع القانون الجديد الذي يفترض أن يحد من هذه الجريمة، بعد مناقشته في مجلس الشورى 

بعد تعطيل استمرّ أكثر من ثماني سنوات، يناقش مجلس الشورى السعودي، في أولى جلساته التي تعقد بعد إجازة الصيف، والمقرّرة في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، مشروعي مكافحة التحرّش والابتزاز. وتقول مصادر في المجلس لـ "العربي الجديد" إن القانون الجديد سيشدد العقوبة بحقّ كل من يتلفّظ بعبارات ذي مدلول جنسي تخدش الحياء، على أن تصل العقوبة إلى السجن لمدة خمس سنوات، مع غرامة مالية تصل إلى 500 ألف ريال (نحو 133 ألف دولار).

وتنصّ مسودة المشروع -التي يتوقّع أن يشهد جدلاً واسعاً بين الأعضاء- على ألّا تقل مدة السجن عن ستة أشهر، والغرامة المالية عن خمسين ألف ريال (نحو 13 ألف دولار)، في حال كانت جريمة التحرّش أو الابتزاز ضد طفل، حتى لو لم يكن الفاعل يعرف أن المجني عليه طفلاً أو معوّقاً، أو وقع الأمر في مكان عبادة أو عمل أو مؤسسة تربوية، أو إذا ارتكب أكثر من شخص الجريمة، أو ارتكبت بحق أكثر من شخص، أو إذا كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد، أو إذا كان المجني عليه نائماً أو فاقداً للوعي، أو إذا وقعت الجريمة في حال وجود أزمات أو كوارث أو حوادث، أو في حال عاود الجاني ارتكاب جريمته.

ويدور جدل كبير حول تعريف التحرّش في السعودية، خصوصاً في ظلّ معارضته من قبل رجال دين، الأمر الذي عطّل صدوره سنوات كثيرة على الرغم من وقوع حوادث تحرّش هزت الشارع السعودي أكثر من مرة. ويهدف قانون التحرّش الجديد إلى حماية خصوصيّة الإنسان وكرامته وحريته الشخصية، ومعاقبة مرتكبي التحرّش والابتزاز، وحماية المجني عليهم.

ويسعى المجلس إلى تحديد معنى التحرّش، وهو "كلّ سلوك ذي مدلول جنسي يصدر من شخص حيال آخر، ويمسّ جسده أو عرضه أو شرفه أو يخدش حياءه في أي مكان وبأي وسيلة". أما الابتزاز، فهو "كل من استغل شخصاً أو هدّده بفضح أمر ما، أو الإخبار عنه، وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو أحد أقاربه، وذلك لغرض جنسي أو فعل يخلّ بالشرف والعرض، أو يخدش حياءه".

ويلزم القانون الجديد الذي يتوقّع أن يدخل حيز التنفيذ خلال ستة أشهر من إقراره، كل فرد في المجتمع بالإبلاغ عن الجريمة. وبحسب المادة الرابعة، "يجب على كل من اطّلع على حالة تحرّش أو ابتزاز الإبلاغ عنها فوراً، مع ضمان عدم كشف هويته أو هوية المجني عليه إلا إذا وافقا، أو إذا كان التحقيق يتطلّب ذلك".

القانون المقترح يدعو الجهات الحكومية وغير الحكومية بوضع تدابير للوقاية من التحرّش والابتزاز ومكافحتهما، وتوفير بيئة عمل مناسبة وفق الضوابط الشرعية، وتحديد إجراءات لتلقي البلاغات والشكاوى، والتحقيق الإداري في البلاغات والشكاوى بجدية وسرعة وسرية تامة، وتوقيع الجزاء الإداري المناسب لمن يثبت ارتكابه التحرّش، مع احتفاظ المتحرّش بحقه في اللجوء إلى المحاكم، على أن تتولّى هيئة التحقيق والادعاء العام التحقيق والادعاء في الجرائم المنصوص عليها ضمن القانون.

منذ سنوات، يطالب حقوقيّون وقانونيون بسنّ قوانين لمكافحة التحرّش الجنسي، وتحديد عقوبات واضحة تضع حداً لاجتهادات القضاة في هذا الإطار. وفي العام 2008، بدأ مجلس الشورى السعودي بدراسة القانون. لكن بعد نحو عام من دراسته، سُحب من جدول الأعمال نتيجة ضغوط التيار الديني الذي يعتقد أن وجود قانون للتحرّش سيؤدي إلى السماح بالاختلاط، الأمر الذي يعد أخطر من التحرّش بالنسبة إليه. وقادت الداعية رقية المحارب، والداعي عبد الله الداود التيار المعارض للقانون. إلّا أنّه في كل مرة تنتشر مقاطع فيديو لشباب يتحرّشون بفتيات، تتعالى الأصوات التي تطالب بسرعة إقرار القانون.

إلى ذلك، تؤكّد جمعية حقوق الإنسان السعودية، في تقريرها السنوي، على أن التحرّش داخل الأسر يعد "أكثر أنواع التحرّش انتشاراً"، لافتة إلى أن نسبة التحرّش في بيئة العمل مرتفعة جداً، في ظل غياب أي رادع. تضيف أن المتحرّشين بالأطفال الصغار قد يعمدون إلى خطفهم أو قتلهم في بعض الأحيان.

من جهته، يقول المستشار القانوني أحمد الراشد إن حالات التحرّش في السعودية تقدّر بأكثر من مليون حالة سنوياً، "إذا ما اعتبر التحرّش اللفظي جرماً". يوضح لـ "العربي الجديد" أنه "حتى الكلام الجارح يجب أن يعدّ تحرّشاً"، لافتاً إلى أنه فعل مجرم في معظم القوانين الغربية "وإذا لم يفعل القانون، سنكون أمام أكثر من مليون حالة تحرّش سنوياً، إذ نادراً ما تمرّ إمرأة جميلة أمام مجموعة من الشبان من دون أن يتحرّشوا بها لفظياً على الأقل". يضيف: "عندما تصل القضية إلى القضاء وذلك في حالات نادرة، تكون العقوبة خاضعة لتقدير القاضي، الذي قد يراها جريمة كبيرة، ويعاقب بالسجن لمدة تصل إلى 12 عاماً، أو يكتفي بسجن الجاني لمدة شهر. من هنا، فإن سنّ القانون يعدّ أمراً ملحّاً". يتابع: "من الضروري أن يكون هناك نظام واضح ومحدّد لمعاقبة المتحرِّشين، فالحوادث باتت كثيرة وأكبر من السكوت عنها".

المساهمون