قانون الضمان الفلسطيني ينحاز لأصحاب العمل ويهضم حقوق الموظفين

04 ابريل 2016
في تحرك ضد السياسات الاقتصادية (عباس مومني/ فرانس برس)
+ الخط -
بعد ثلاث سنوات من الانتظار، وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في نهاية آذار/مارس الماضي على النسخة النهائية من قانون الضمان الاجتماعي. لم تمض ساعات على نشر نص القانون حتى تعالت الأصوات المنتقدة للقانون الذي وصف بأنه لا يحوي أي ضمانات للمستفيدين منه، ويتناقض مع العدالة الاجتماعية في توزيع الاشتراكات بين العامل وصاحب العمل، ولا يعطي الموظف بعد تخطيه سن العمل المعاش التقاعدي اللائق.
يقول الباحث والمؤسس في مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية إياد الرياحي: "تم إقرار قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني في الجريدة الرسمية، وسط استياء من قبل المواطنين، فقد قام ممثلو المؤسسات والشركات والجهات الخاصة بتحميل العمال والموظفين أعباء كثيرة، وسط صمت ممثلي العمال".
يسأل الرياحي في حديثه مع الـ "لعربي الجديد": "في الحادي عشر من نيسان/أبريل الحالي سيُنفذ القانون. كيف يتم إقرار قانون كهذا ونشره في الجريدة الرسمية من دون عرضه على المجلس التشريعي، وهو واحد من القوانين التي تحتاج الى توافق مجتمعي واسع عليه لأنه يتعلق شريحة واسعة من الناس؟".
ويضيف: "القانون إجباري من ناحية التطبيق ومن ناحية المساهمات. ومن ناحية صناديق التوفير فهي واحدة من القضايا الخلافية، إذ أين القوانين التكميلية، وهل يجوز خصخصة صناديق الادخار بهذا الشكل؟".
ويتابع: "أزيل بند واضح من القانون يتعلق بضمان الدولة تطبيقه، إضافة إلى إزالة مادة تنص على دور فاعل لوزارة العمل في تطبيق أحكام القانون". وفي موضوع الاشتراكات يقول الرياحي: "أن يدفع العامل ما نسبته 7.5% شهرياً من راتبه وصاحب العمل 8.5%، فهو أمر غير منصف ولا يراعي الفروقات في المداخيل بين الفئتين".

ترابط السياسة والمال

ومن المآخذ التي يسجلها الرياحي على القانون، أنه "لم يضع سقفًا زمنيا لتطبيق باقي التأمينات كالصحة والبطالة. ومن شروط حصول العائلة على أتعاب موظف قد توفي، أن يكون الأخير قد أنهى وهو على رأس عمله 24 قسطاً لصندوق الضمان، بينما في التقاعد العام تدفع أموال التقاعد للعائلة مباشرة فور وفاة الموظف".
أما الخبير في الإعلام وحقوق الانسان ماجد العاروري، فيقول لـ "العربي الجديد": "الإشكالية الحقيقية في قانون الضمان الاجتماعي أنه عبر عن درجة الترابط بين السياسة والمال. فكيف تقوم السلطة بإقرار تشريعات قانونية تهدف إلى خدمة مصالح الفئات الرأسمالية المتنفذة التي سيطرت على كل المفاصل الاقتصادية في البلاد؟". ويضيف: "أصبحت فئة قليلة هي المستفيدة من فاتورة الرواتب في فلسطين مقابل الخدمات التي تقدمها، وتريد أن تستكمل السيطرة على مدخرات وحقوق نهاية الخدمة لموظفي القطاع الخاص من خلال استثمار موارد صناديق الضمان الاجتماعي".
ويضيف: "في ظل غياب انتخابات سياسية عامة، وفي ظل غياب قوى اجتماعية تعبر عن مصالح الفئات المهمشة وازدياد نسبة الفقر في المجتمع الفلسطيني، يتم تعزيز سيطرة رأس المال في أيدي فئة قليلة". ويتابع: "أعتقد أن حراكاً سريعاً سيجري للدفاع عن مصالح العمال والموظفين الاقتصادية والاجتماعية ولإسقاط قانون الضمان الاجتماعي لما تضمنه من مفاهيم مجحفة وظالمة لمصالح هذه الفئة الاجتماعية".
بدوره، يقول أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين حسين الفقها لـ "العربي الجديد": "بعد التدقيق في القانون تبين أنه تم حذف وشطب مواد كانت أقرتها اللجنة المختصة والممثلة من كافة الأطراف، وإضافة مواد في القانون دون علم اللجنة المختصة. ما أدى الى فقدان القانون من الهدف الأساسي الذي نسعى من أجله وهو توفير العيش الكريم للعمال وعائلاتهم".
ويدعو لإعادة القانون الى اللجنة المختصة (اللجنة الوطنية التي تضم كافة مكونات المجتمع المدني)، لتصويب المواد التي تمت إضافتها والمواد التي تم حذفها من القانون، بعدما أدى ذلك إلى تشوهات أفقدت القانون مبرر وجوده".
وفي سياق رده على الانتقادات الموجهة للقانون، يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الفريق الوطني لإعداد قانون الضمان الاجتماعي أحمد مجدلاني لـ "العربي الجديد": "إن قانون الضمان الاجتماعي جاء استكمالاً لمجموعة من القوانين التي أقرت خلال الفترة الماضية ومنها قانون الحد الأدنى للأجور". ويرد مجدلاني الانتقادات التي طاولت قانون الضمان الاجتماعي إلى تعطل المجلس التشريعي بسبب الانقسام الفلسطيني القائم منذ عام 2007.

تحفيزات نسائية

ومن الجوانب الإيجابية التي يراها مجدلاني في بنود القانون تشجيع تشغيل المرأة، خاصة في ما يتعلق بإجازة الأمومة التي ارتفعت حسب قانون العمل إلى 12 أسبوعاً. وحول غياب الضامن لتطبيق القانون، يقول مجدلاني: "الدولة هي الضامنة لكل القوانين التي تسن. وقانون الضمان الاجتماعي تضمن خمس مواد توضح مسؤولية الحكومة عن القانون.
ومنذ أن نشر قانون الضمان الاجتماعي حصل استياء واسع لموظفي القطاع الخاص. محمد سامح، وهو موظف في شركة محلية لخص رد فعل الشارع الفلسطيني على القانون بقوله لـ "العربي الجديد": "هناك عدة جهات تلاعبت بالقانون وأفرغته من حقوقنا، ستكون مدخراتنا رأس مال لمستثمرين لا نعرفهم ولا نعرف ماذا سيفعلون بها؟ لا أفترض سوء النية لأقول إن أموالنا قد تسرق، لكننا نقول: افترضوا أن الاستثمار خسر من يضمن حقنا؟ من سيعوضنا؟ لا أحد حسب قانون الضمان الموقع".


المساهمون