قاسم تاج الدين أبرز ممولي "حزب الله" يعود إلى لبنان

08 يوليو 2020
تاج الدين أدرج على لائحة الإرهابيين الدوليين (تويتر)
+ الخط -

عاد رجل الأعمال اللبناني، قاسم تاج الدين، اليوم الأربعاء، إلى بيروت بعد ثلاثِ سنواتٍ من الاعتقال لدى السلطات الأميركية بتهمة الالتفاف على العقوبات التي فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية عبر استمراره في القيام بتعاملاتٍ مع شركات أميركية رغم وضعه على لائحة "الإرهابيين الدوليين"، بوصفه أبرز مموّلي "حزب الله" اللبناني وقد ثبُتَ تزويده الحزب الذي تصنّفه الولايات المتحدة "منظمة إرهابية" بملايين الدولارات.

ورحّلت وكالة أمن الهجرة والجمارك الأميركية تاج الدين، وهو في العقد السادس من العمر، بعدما اعتقل، في مارس/ آذار 2017، لدى وصوله إلى مطار الدار البيضاء في المغرب، حيث كان يعتزم المغادرة إلى لبنان، وتم تسليمه حينها إلى الولايات المتحدة، تنفيذاً لقرار إلقاء القبض الصادر بحقه من جانب السلطات القضائية الأميركية.

ويأتي قرار الترحيل من قبل الوكالة نتيجة رفض القاضي المكلَّف بالقضية طلب وزارة العدل الأميركية الإبقاء عليه في السجن إلى حين انتهاء فترة العقوبة، أي عام 2023.

 

 

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد" إنّ الحكومة الأميركية عارضت إطلاق سراح تاج الدين قبل انقضاء مدة محكوميته، لكن المحكمة أصدرت حكمها لصالحه، وبناءً على قرار المحكمة، تم نقل تاج الدين لغايات الإبعاد والترحيل من الولايات المتحدة.

وشدد المسؤول على أنّ إطلاق سراح قاسم تاج الدين لأسباب صحية قبل انقضاء محكوميته، وترحيله من الولايات المتحدة لا يعني إطلاقاً التقليل من خطورة الجرائم التي ارتكبها، لافتاً إلى أن "حزب الله" منظمة إرهابية تستمرّ في تشكيل تهديد للولايات المتحدة الأميركية وشركائها الدوليين، كما تهدد أنشطة "حزب الله" أمن لبنان واستقراره وسيادته، في وقت يضع مصلحته الخاصة أولوية له ومصالح شريكه الإيراني على حساب الشعب اللبناني، وقد أوضحت الإدارة الأميركية مراراً وتكراراً عزمها على التصدي لأنشطة "حزب الله" الإرهابية وغير الشرعية.

 

أثار قرار إطلاق سراح تاج الدين قبل انقضاء فترة محكوميته جملة تساؤلات

ولفت المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد" إلى أن تاج الدين مصنّف على لائحة الإرهابيين الدوليين المحددين بشكل خاص من وزارة الخزانة الأميركية عام 2009، ولا تزال أصوله المالية مجمّدة ويحظّر عليه التعامل مع أي مواطن أو شركة أميركية.

من جانبه، نفى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في مؤتمر صحافي اليوم، أن يكون الإفراج عن تاج الدين دلالة على الانفتاح الأميركي تجاه هذا الأخير.

وقال بومبيو في هذا الصدد إن الإدارة تواصل "حث الدول الأخرى لوضع الحزب في قائمة الإرهاب"، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة حريصة على "مساعدة شعب لبنان" المُطالب بحكومة تعمل للإصلاح ومحاربة الفساد.

وأثار قرار إطلاق سراح تاج الدين قبل انقضاء فترة محكوميته جملة تساؤلات لم تسقطها الأسباب الصحية المرتبطة بفيروس كورونا، ودقة وضعه نسبةً إلى عمره، والتي يتذرّع بها فريق تاج الدين القانوني، إذ رُبِطَت كلّها بالمباحثات السرية التي تجريها الولايات المتحدة مع إيران، وهذا ما يلفت إليه العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، مذكّراً بما حصل أولاً في ملف العميل عامر الفاخوري (كان قائداً عسكرياً لسجن الخيام في جنوب لبنان الذي تديره مليشيات "جيش لبنان الجنوبي" المتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي) الذي تدخل به شخصياً الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتابع مع عائلته عودته إلى الأراضي الأميركية من لبنان.

 

 

وغادر الفاخوري لبنان، منتصف مارس/ آذار الماضي، على متن طوافة أميركية من السفارة الأميركية في بيروت بعد ضغوطات مارسها الجانب الأميركي، الأمر الذي رُبِطَ بتسوية يجري الإعداد لها مع "حزب الله" ستظهر ملامحها قريباً، خصوصاً أنّ رئيس المحكمة العسكرية، حسين العبد الله، الذي أصدر حكم كف التعقبات عن الفاخوري هو ابن الخيام الجنوبية ومحسوب على الحزب.

كذلك يلفت عبد القادر ثانياً إلى "صفقات تبادل الأسرى بين الأميركيين والإيرانيين التي تأتي كتكملة لمسار الصفقات وشملت أخيراً العالمَيْن الإيرانيَيْن سايروس عسكري، ومجيد طاهري، والجندي الأميركي السابق مايكل وايت".

 

 

ويمكن، بحسب عبد القادر، ربط هذه التطورات كلها والمفاوضات بما سبقها أيضاً من إطلاق سراح اللبناني نزار زكا من السجون الإيرانية في يونيو/ حزيران 2019 (وهو اليوم مدير البرامج لدى "المؤسسة الأميركية لتكنولوجيا السلام" والعضو في فريق "قيصر" ويركز عمله على معرفة مصير 630 مخطوفاً لبنانياً في السجون السورية).

وقال مساعد المدعي العام لقسم الجرائم في وزارة العدل الأميركية، الجنرال بريان أ. بينزكوسكي، إنّ "المدعى عليه أي تاج الدين خالف عن علمٍ العقوبات وعرَّض أمن بلادنا للخطر"، مشيراً إلى أنّ الحكم الذي صدر بحبسه خمس سنوات ودفع غرامة مالية قدرها 50 مليون دولار "ليس سوى مثال على جهود وزارة العدل المستمرة في تعطيل عمليات حزب الله وتفكيك الشبكات الداعمة له"، وفق تقرير صادر عن وزارة العدل الأميركية في 8 أغسطس/ آب 2019.

 

 

ووفقاً للتقرير، فإنّ "تاج الدين (الذي أقرّ بما نُسِبَ إليه) تآمر مع خمسة أشخاص على الأقل، للقيام بتعاملات مع شركات أميركية تصل قيمتها إلى أكثر من 50 مليون دولار في انتهاك للمحظورات، كما شارك مع هؤلاء بتعاملات خارج الولايات المتحدة وتضمّنت تحويلات مالية تصل إلى مليار دولار عبر النظام المالي الأميركي".

ويتزامن وصول قاسم تاج الدين مع زيارة يقوم بها، اليوم الأربعاء، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي كينيث فرانكلين ماكنزي إلى لبنان، حيث سيلتقي رؤساء الجمهورية ميشال عون، ومجلس النواب نبيه بري والحكومة حسان دياب وقائد الجيش جوزيف عون.

ونفذ عدد من مناصري "حزب الله" وقفة احتجاجية على طريق مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، اعتراضاً على زيارة ماكنزي إلى لبنان واستمرار الولايات المتحدة الأميركية عبر سفيرتها في بيروت دوروثي شيا، بالتدخل في الشؤون اللبنانية، بحسب رأيهم.