قائم بالأعمال روسي لدى ليبيا: تفصيل تقني

16 يوليو 2020
أعلن لافروف استئناف عمل السفارة الروسية لكن من تونس (Getty)
+ الخط -

مع تعيينه قائماً بالأعمال لدى ليبيا، يستعدّ الدبلوماسي الروسي، جامشيد بولتايف، للتوجه إلى تونس التي سيتخذ منها مقراً مؤقتاً له، وسط تزايد التكهنات بإدراك موسكو لضرورة تعزيز الجهود الدبلوماسية على الساحة الليبية، وتكثيف الاتصالات مع طرفي النزاع المتمثلين بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً بقيادة فائز السراج واللواء المتقاعد خليفة حفتر. وعلى الرغم من عدم تحديد موعد توجه بولتايف إلى تونس بعد، في ظلّ تعليق الرحلات الجوية بسبب جائحة كورونا، إلا أنه استهلّ مهامه من موسكو بالتأكيد على استعداده للتنقل بين مختلف أنحاء البلاد والتواصل مع الأطراف الليبية كافة بما في ذلك "أولئك الذين يعتمد عليهم مصير مواطنينا المسجونين في ليبيا"، في إشارة إلى المواطنيْن الروسيين المعتقلين في طرابلس منذ مايو/ أيار من العام الماضي، وهما الموظفان بـ"صندوق حماية القيم الوطنية" مكسيم شوغاليه وسامر سويفان.

أكد بولتايف استعداده للتنقل بين مختلف أنحاء البلاد والتواصل مع الأطراف الليبية كافة

في السياق، اعتبر الأستاذ في قسم العلوم السياسية بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، غريغوري لوكيانوف، أنّ "تعيين قائم بالأعمال لا يعني تغيّراً جوهرياً في موقف روسيا من الأزمة الليبية، بل هو ضرورة فنية في ظلّ تراكم الأسئلة المتعلقة بمصير مواطنيْن يحتاجان إلى العون لإعادتهما إلى وطنهما، فضلاً عن الطيف الواسع من قضايا المصالح التجارية والاقتصادية التي تتطلب وجود سفارة دائمة". ولفت لوكيانوف في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "في ظلّ الظروف الحالية، لا يمكن إعادة السفارة الروسية إلى الأراضي الليبية، لا إلى موقعها السابق في طرابلس ولا إلى أي مدينة أخرى، وهي ستعمل من تونس بقيادة القائم بالأعمال الجديد، والذي ستكون مهامه الرئيسية هي حماية المواطنين والشركات الروسية، وإقامة قناة طويلة الأجل للتواصل مع جميع المراكز السياسية الرئيسية للنزاع الليبي".

وحول الأسباب الأمنية والسياسية التي تحول دون إعادة السفارة الروسية إلى داخل ليبيا، قال لوكيانوف: "لا طرف ليبياً قادر على ضمان الأمان الكامل للدبلوماسيين الروس، كما أنّ هذه قضية سياسية، إذ إنّ إعادة السفارة الروسية إلى طرابلس ستثير ردود فعل سلبية لدى شركاء روسيا في شرق البلاد في مجلس النواب في طبرق وقيادة الجيش الوطني الليبي". وأضاف أن "روسيا لا تسعى للوقوف إلى جانب طرف معين في إطار التسوية، لذلك، فإنّ بقاء السفارة الروسية خارج البلاد يبدو الخيار الأنسب الذي يلبي احتياجات السياسة الروسية في المرحلة الحالية وسعي موسكو لإظهار استعدادها لأداء دور وسيط مستقل".

ومع ذلك، يقلل لوكيانوف من الآمال في تحقيق اختراق في المحادثات الليبية بعد تعيين القائم بالأعمال الروسي الجديد، لافتاً إلى أنّ "مهمته الرئيسية هي تسيير عمل البعثة الدبلوماسية، لا تكثيف المشاركة الروسية في المفاوضات". وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أعلن أثناء استقباله رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، في موسكو، مطلع يوليو/ تموز الحالي، عن استئناف عمل السفارة الروسية لدى ليبيا على مستوى القائم بالأعمال من تونس، على أن تشمل مهامه "تمثيل روسيا على كامل الأراضي الليبية".


باكلانوف: هناك دوافع أخرى لمواصلة الحوار وعلاقات العمل مع حكومة الوفاق، بما فيها صفقات تجارية واقتصادية كبرى

من جهته، أكد نائب رئيس "اتحاد الدبلوماسيين الروس"، أندريه باكلانوف، على ضرورة مواصلة روسيا اتصالاتها مع كافة جهات السلطة والمنظمات ذات الثقل السياسي في ليبيا، مرجحاً ألا تغيّر روسيا "موقفها المنفتح على الحوار مع جميع الجهات السياسية في ليبيا". ودعا إلى عدم قراءة حفاوة استقبال صالح في موسكو على أنّ روسيا حددت شريكها الرئيسي في ليبيا.

وفي مقال بعنوان "المصالح أهم من الرهانات، لماذا تنتهج روسيا سياسة متنوعة تجاه ليبيا؟"، نشر بموقع مجلة "روسيا في السياسة العالمية" الإثنين الماضي، لفت باكلانوف إلى أنّ "موسكو لديها علامات استفهام على حكومة الوفاق ورئيسها في ما يتعلق بالاستعانة بالدعم العسكري التركي ونقل المقاتلين من إدلب السورية، واتفاقية ترسيم الحدود مع أنقرة شرق المتوسط، وهذه تشكل عوامل إزعاج لروسيا وتقلل من ثقتها في السراج". ومع ذلك، أشار باكلانوف الذي سبق له أن عمل دبلوماسياً سوفييتياً وروسياً في عدد من الدول العربية، إلى أنّ "هناك دوافع أخرى لمواصلة الحوار وعلاقات العمل مع حكومة الوفاق، بما فيها صفقات تجارية واقتصادية كبرى".

وذكّر الدبلوماسي السابق بأنّ قيمة الصادرات الروسية من الحبوب والأسمدة والمعادن إلى ليبيا بواسطة حكومة الوفاق، بلغت قيمتها في العام الماضي نحو 150 مليون دولار، كما تجري محادثات بشأن تحقيق مشاريع استثمارية مشتركة واستكشاف النفط وبناء منشآت الطاقة في ليبيا، وغيرها من مجالات التعاون الواعدة. وخلص كاتب المقال إلى أنّه يتعيّن على روسيا في المرحلة الحالية "مواصلة الاتصالات مع كافة جهات السلطة والمنظمات ذات الثقل السياسي لتثبيت، قدر الإمكان، مواقعها المستقبلية في هذا البلد، وهيكل علاقاتها التجارية والاقتصادية والاستثمارية".

المساهمون