أثارت الاتهامات التي وجهها المصرف المركزي السوري للقطاع الصناعي والتجاري، الأسبوع الماضي، بشأن التلاعب بسعر صرف الليرة، حفيظة اتحاد غرف الصناعة السورية، ما دفع جهات عليا للتدخل بهدف تسوية الخلاف، بعد أن وضع المصرف المركزي أسماء صناعيين وتجار على "القائمة السوداء" ومنعهم من السفر.
وكان حاكم مصرف سورية المركزي، أديب ميالة، قد اتهم، الأسبوع الماضي، رجال أعمال من القطاع الصناعي والتجاري باستغلال السعر المنخفض الذي يشترون به العملة الصعبة من المصارف بغرض الاستيراد، وتحويل تلك الأموال لحساباتهم في الخارج أو بيعها بالسوق السورية، مستغلين فارق الأسعار بين السوق الرسمية والسوداء.
وقال مصدر خاص في غرفة صناعة دمشق، لـ "العربي الجديد"، إن اتحاد غرف الصناعة طالب مصرف سورية المركزي رسمياً، بعد سلسلة الاتهامات، بتزويد الاتحاد بنسخة من قوائم التعميم الخاصة بالمخالفين لأنظمة النقد الأجنبي قبل اتخاذه الإجراءات ضدهم، وذلك لإتاحة الوقت الكافي للصناعيين لمراجعة المصرف المركزي ومعالجة أوضاعهم ومخالفاتهم وتجنيبهم إجراءات منع السفر.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، أن حاكم المصرف المركزي يحاول تبرير فشل إدارة السياسة النقدية وتهاوي سعر صرف الليرة، فوجد ضالته في التجار والصناعيين، ليعلق عليهم تبعات تراجع سعر الصرف، بعد أن "اتهم المواطنين وصفحات فيسبوك" في وقت سابق.
وكثيراً ما يُلقي المصرف المركزي اللوم على صفحات التواصل الاجتماعي المخصصة لتداول العملة السورية، أنها سبب رئيس في ترويج شائعات من شأنها تهاوي أسعار صرف الليرة، لأغراض تجارية وسياسية.
وذكر المصدر، أن "صفقات الاستيراد الكبرى تُعطى لأشخاص محددين ومقربين من النظام، وهؤلاء لا يسألهم المصرف المركزي ولا يتهمهم بالتلاعب، في حين يبيعنا سعر الدولار وفق آخر نشرة بنحو 316.53 ليرة للدولار الواحد، وهو السعر القريب من السعر التدخلي الذي يبيعه المصرف لشركات الصرافة التي تبيعه للمواطنين".
اقرأ أيضاً: المركزي السوري يحمّل المهاجرين مسؤولية تهاوي الليرة
وسجل سعر صرف الدولار في سورية، أمس، نحو 330 ليرة في السوق الرسمية، مقابل نحو 340 إلى 350 ليرة في السوق السوداء.
وعن نتائج تسوية الخلافات وتدخل مسؤولين حكوميين، وتهديد الصناعيين والتجار بالتوقف عن شراء القطع والاستيراد، يقول الصناعي السوري: "شرحنا لرئاسة الوزراء ما يعانيه الصناعيون والتجار من أعباء وخسائر نتيجة الجمود في الأسواق وارتفاع تكاليف الإنتاج بعد رفع أسعار المازوت والفيول والكهرباء".
وأكد المصدر، أن مسؤولين كباراً في الدولة نجحوا في الضغط على المصرف المركزي لتهدئة الأوضاع مع الصناعيين والتجاريين، مشيراً إلى أن المصرف المركزي أبدى، أمس الثلاثاء، استعداده التنسيق مع الاتحاد لتسوية وضع أي صناعي أو تاجر مخالف لأنظمة النقد للعمليات التجارية في التصدير والاستيراد.
وأرسل المصرف المركزي، أول من أمس الأول، إلى اتحاد الغرف، كتاب رد ادعى خلاله، أنه يقوم تباعاً بدراسة طلبات التسوية المقدمة من التجار والصناعيين المخالفين فور ورودها والتحقق من صحتها وقانونية الوثائق المرفقة بها، بحيث يتم رفع إجراءات الحظر المتخذة فور تسوية المخالفات، وفق المصدر.
وكان مصرف سورية المركزي قد أصدر عشرات قوائم عقابية تضم أكثر من 800 شخصية لمخالفي أنظمة شراء القطع الأجنبية، خلال العام الماضي، ألحقها، هذا العام، بقوائم تتضمن صناعيين وتجاراً، اتهمهم خلالها بجرم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتهريب القطع الأجنبية، مع فرض غرامة مالية بنسبة 100% من حجم المبلغ المشترى من العملة الصعبة، ما لم يقدموا على مراجعة المصرف أو أحد فروعه، خلال مدة 30 يوماً، لتسوية أوضاعهم.
اقرأ أيضاً: تداول الليرة التركية في المناطق المحررة يهبط بالعملة السورية