في عيد ميلاده: محمد شهيداً برصاص الاحتلال

جنين

سامي الشامي

avata
سامي الشامي
29 يناير 2017
58C65264-9DCB-4893-A8D6-1950CC8BCB51
+ الخط -
على طريقته الخاصة، وليس كما تحتفل الغالبية الساحقة بمناسباتها السعيدة، قرر محمد أن يحتفل بعيد ميلاده التاسع عشر، فانطلق من بيته في ساعات الفجر الأولى من هذا اليوم الأحد، ليتصدى لآليات الاحتلال العسكرية التي اقتحمت مخيم جنين غربي مدينة جنين شمال الضفة الغربية، فكان رصاص الجنود على موعد معه، وهو أيضاً كان على موعد مع الشهادة.


محمد أبو خليفة، في ريعان شبابه، تعرفه شوارع مخيم جنين جيداً، وكذلك الساكنون فيه، فهو صاحب الجميع، ودائم الحضور، وأول المنتفضين في كل اقتحام ينفذه الاحتلال الإسرائيلي للمخيم.



كان محمد برفقة العشرات فجر اليوم، وفي مواجهات أشبه بساحة حرب، حجارة وزجاجات حارقة و"أكواع" محلية الصنع، يحملها الشبان ويلقونها على جنود الاحتلال ومركباتهم العسكرية، بينما جنود الاحتلال الذين اعتلوا أسطح المنازل، ونصبوا بنادقهم القناصة نحو صدور الشبان، يترصدونهم ويطلقون بشكل مباشر نحوهم، وهو ما أدى إلى استشهاد محمد، وإصابة شبان آخرين بأعيرة نارية.


يقول سمعة أبو خليفة، عم الشهيد محمد لـ"العربي الجديد": "ولد الشهيد في التاسع والعشرين من يناير/ كانون الثاني عام 1998، تربى وترعرع بين عائلة مكافحة مناضلة، تسعى وتجتهد من أجل توفير لقمة العيش، ومحمد هو ثاني أفراد العائلة، بحسب ترتيبه بين إخوته وأخواته السبعة، وهو أيضاً بالإضافة لشقيقه الأكبر من يعيل العائلة مساندين لوالدهم الذي يعمل في إصلاح المركبات".


يضيف: "ترك محمد المدرسة والتعليم، وقرر أن يقف بجانب والده في تصليح المركبات، يأتي إليه أصحابه دوما، ويظلون عنده، وبعد العمل يخرجون مع بعضهم إلى شوارع المخيم، وقبل سنوات قليلة ترك والده وانتقل للعمل موظفا في الأشغال العامة، وكان فرحا جدا بعمله الجديد".


فجر اليوم الأحد، ومع الساعات الأولى للفجر، رصاص الاحتلال أوقف حياة محمد كاملة، وهو أيضا التاسع والعشرين من يناير/كانون الثاني أي بعد 19 عاماً كاملة، رحل محمد شهيداً، دون أن يبدأ عامه العشرين، سوى بساعات قليلة.


يعلق عمه: "في مثل الساعات التي ولد فيها محمد قبل 19 عاما، أصر أن يرحل مدافعا عن مخيمه الذي يحبه، وأن يرحل شهيدا راويا بدمائه تراب الوطن". ويضيف: "كان محبا للانتفاضة، وكل ما سمع عن خبر اقتحام للجيش هب مع رفاقه للتصدي لهم، وهو أيضا كان عينا ساهرة على المخيم، لا ينام إلا بعد الاطمئنان بأن الاحتلال لن ينفذ اقتحاما للمخيم هذه الليلة".


حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يُظهر لأصدقائه الذين دخلوا إليه ليروا صوره، عبارة تذكير تحت صورته من الموقع "يصادف اليوم عيد ميلاده"، وهم بدورهم هنأوه بنيله الشهادة التي طلبها وتمناها كما عمه عصام أبو خليفة الذي استشهد في الانتفاضة الأولى.


ما كان ينشره محمد على صفحته في "فيسبوك" يدل أيضا على حبه لوطنه، وكان يثبت ذلك في الميدان أمام الجيبات العسكرية التي تقتحم المخيم، فأغلب منشوارته تحكي عن الوطن وحبه، والدفاع عنه، وصوره للشهداء وتشييعهم، وللأسرى القابعين خلف قضبان المحتل.


قبل يومين، اقتحم الاحتلال مخيم جنين، واندلعت اشتباكات ما بين مقاومين فلسطينيين، وجنود الاحتلال، ونشرت مصادر عبرية أن جنديا إسرائيليا أصيب بجراح خطيرة، وهو ما جعل جنود الاحتلال يقتحمون المخيم بشكل همجي ويطلقون النار بشكل مباشر تجاه الشبان، ما أدى لاستشهاد محمد وإصابة آخرين، إصابة أحدهم خطرة.


يلفت عم الشهيد أبو خليفة إلى أن الجماهير التي خرجت من المخيم والمدينة والقرى والبلدات المجاورة كانت إشارة على محبة الشهيد، وعلى الالتفاف الشعبي حول الشهداء والمقاومة والدفاع عن الوطن الذي ينتهكه الاحتلال بشكل يومي.




ذات صلة

الصورة
فعاليات اليوم الوطني لنصرة غزة والأسرى في الضفة الغربية، 3 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

سياسة

أحيا الفلسطينيون، اليوم السبت، فعاليات اليوم الوطني والعالمي لنصرة غزة والأسرى في معظم محافظات الضفة الغربية، وذلك على وقع تواصل الاغتيالات
الصورة
قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم جنين في الضفة الغربية، 22 مايو 2024(عصام ريماوي/الأناضول)

سياسة

أطلق مستوطنون إسرائيليون الرصاص الحي باتجاه منازل الفلسطينيين وهاجموا خيامهم في بلدة دورا وقرية بيرين في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
الصورة
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)

مجتمع

بالإضافة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن التنكيل بالضفة الغربية، فيعتقل الأطفال والكبار في محاولة لردع أي مقاومة
الصورة
مسيرة في رام الله تنديداً بمجزرة مخيم النصيرات، 8 يونيو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

خرج العشرات من الفلسطينيين في شوارع مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، مساء السبت، منددين بمجزرة النصيرات التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
المساهمون