مع رحيل العالِم الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكينغ، صباح 14 مارس/آذار 2018، تُستعاد عناوين سينمائية مختلفة خاصّة بسيرته الحياتية، الموسومة بإصابته بـ "التصلّب الجانبي الضموري" الذي يُسبِّب شللاً تدريجيًا على مدى أعوامٍ مديدة؛ وبنظرياته العلمية المتعلّقة بالكون وامتداداته وأسئلته الجمّة، والعلاقة بين الثقوب السوداء، والديناميكية الحرارية، والتسلسل الزمني، وغيرها.
وإذْ يُعتبر "نظرية كلّ شيء" (The Theory Of Everything) الذي حقّقه الإنكليزي جيمس مارش عام 2014، آخر فيلم عنه؛ فإن أفلامًا وثائقية مختلفة تناولت فصولاً من حكايته، الشخصية والعلمية، كـ "تاريخ قصير للزمن" (1991) للأميركي إيرول مورّيس، و"هوكينغ" (2013) للأميركي ستيفن فينّيغان.
الروائي الطويل ("نظرية كلّ شيء"، أو ـ بحسب العنوان الفرنسي ـ "حكاية رائعة للزمن") يتناول سيرة حياة شابٍ يجد في العلم ضالته، وفي الحبّ بداية عيشٍ يُصاب (العيش) بمرضٍ نادر، لن يحول دون انخراط المُصاب به في أحوال العالم والكواكب والأزمنة، كما في الانفعالات التي تُعتَبر حقًّا إنسانيًا. كما يروي حكاية رجلٍ مهووسٍ بالزمن وتفاصيله، وعاشقٍ للبحث والتنقيب، وزوجٍ محبٍّ وواعٍ، ووالد مهتمّ وراعٍ، وهذا كلّه أقوى من أي إعاقة جسدية، لم تتمكّن لحظة واحدة من استمراره في صناعة أفكار، وعيش حياة.
مع البريطاني إدي رادماين (1982)، يظهر ستيفن هوكينغ بكامل حضوره الإنساني والمعرفي والانفعالي والثقافي (اهتمامه بالموسيقى، مثلاً، دافعٌ إلى اجتياز مسافات بعيدة لحضور حفلة، أو للمشاركة في أمسية).
المشترك بينهما في الشكل ليس ميزة وحيدة (وإنْ تبقى الأقلّ أهمية، بالنسبة إلى معنى الاحترافية الأدائية)، إذْ يتمكّن رادماين ـ الحائز على جائزة "أوسكار" في فئة أفضل ممثل، عن دوره هذا، في دورة عام 2015 ـ من تحويل اختباراته التمثيلية (التي بدأها عام 2006) إلى مهنيّة احترافية، متمكّنة من تحرير الأداء من ضغطِ المشترك هذا، كي يصنع الممثل صُورًا متتالية عن جمالية التمثيل، وحِرفيته.
والروائيّ هذا يبقى أكثر الأفلام حضورًا في الوعي الجماعي لمحبّي السينما، ربما لكونه "أحدث" الإنتاجات السينمائية وآخرها، أو ربما لجماليات الأداء التمثيلي، مع رادماين، كما مع البريطانية فيليسيتي جونز (1983)، بتأديتها دور جاين وايلد، أول فتاة تُغرم به، وتُعانِد من أجل حقّها في الحبّ والارتباط بمن تحبّ، رغم عوائق المرض.
دورٌ يضعها في مرتبة متقدّمة في المشهد العام للفيلم، خصوصًا في عيشها تحوّلات القلب والروح والجسد والانفعال، كأنها تعكس شيئًا من حقائق الذات وتمزّقاتها، إزاء رجلٍ يُدرك طبيعة النفس البشرية، ويتعامل بواقعية شديدة مع المنعطفات والرغبات.
أما وثائقيا مورّيس وفينّيغان، فمختلفان، رغم تشابههما في سرد فصولٍ من السيرتين الحياتية والمهنيّة/ العلمية لهوكينغ: الأول (تاريخ قصير للزمن) ملتزمٌ مفردات السيرة الحياتية للشخصية الرئيسية الوحيدة فيه، على مدى 80 دقيقة.
والثاني ("هوكينغ"، 94 دقيقة)، وإن يلتزم مفردات كهذه أيضًا، يمنح معارف الشخصية الرئيسية حيزًا لأقوال واعترافات وشهادات، عن مرحلة خصبة في حياته، منذ طفولته المتواضعة (ابن باحث بيولوجي ومناضلة سياسية، وشقيق أختين، وله أخ بالتبنّي)، إلى بلوغه مرتبة "الأيقونة" العلمية التي يمتلكها، مرورا ـ طبعًا ـ بالحالة المرضية المُصاب بها منذ أن كان في الـ21 من عمره.
كما يظهر هوكينغ، إلى جانب 54 عالمًا ومثقفًا وسياسيًا، في الوثائقي "الساعة 11" (2007) للثنائي ناديا كونرز وليلى كونرز بيترسن (إنتاج ليوناردو دي كابريو)، لتقديم آراء حول البيئة، والحلول الممكنة للأزمات العديدة في هذا المجال.
هكذا تصنع السينما حكاياتها، وبعض الحكايات مأخوذٌ من عيشٍ يمنح الصورة شيئًا من جمالها. كأن السينما متوافقة وستيفن هوكينغ، بنصيحته إلى أولاده: "انظروا إلى النجوم، لا إلى أسفل قدميك". ألا تخترق السينما، هي أيضًا، تلك النجوم، وما وراءها؟
وإذْ يُعتبر "نظرية كلّ شيء" (The Theory Of Everything) الذي حقّقه الإنكليزي جيمس مارش عام 2014، آخر فيلم عنه؛ فإن أفلامًا وثائقية مختلفة تناولت فصولاً من حكايته، الشخصية والعلمية، كـ "تاريخ قصير للزمن" (1991) للأميركي إيرول مورّيس، و"هوكينغ" (2013) للأميركي ستيفن فينّيغان.
الروائي الطويل ("نظرية كلّ شيء"، أو ـ بحسب العنوان الفرنسي ـ "حكاية رائعة للزمن") يتناول سيرة حياة شابٍ يجد في العلم ضالته، وفي الحبّ بداية عيشٍ يُصاب (العيش) بمرضٍ نادر، لن يحول دون انخراط المُصاب به في أحوال العالم والكواكب والأزمنة، كما في الانفعالات التي تُعتَبر حقًّا إنسانيًا. كما يروي حكاية رجلٍ مهووسٍ بالزمن وتفاصيله، وعاشقٍ للبحث والتنقيب، وزوجٍ محبٍّ وواعٍ، ووالد مهتمّ وراعٍ، وهذا كلّه أقوى من أي إعاقة جسدية، لم تتمكّن لحظة واحدة من استمراره في صناعة أفكار، وعيش حياة.
مع البريطاني إدي رادماين (1982)، يظهر ستيفن هوكينغ بكامل حضوره الإنساني والمعرفي والانفعالي والثقافي (اهتمامه بالموسيقى، مثلاً، دافعٌ إلى اجتياز مسافات بعيدة لحضور حفلة، أو للمشاركة في أمسية).
المشترك بينهما في الشكل ليس ميزة وحيدة (وإنْ تبقى الأقلّ أهمية، بالنسبة إلى معنى الاحترافية الأدائية)، إذْ يتمكّن رادماين ـ الحائز على جائزة "أوسكار" في فئة أفضل ممثل، عن دوره هذا، في دورة عام 2015 ـ من تحويل اختباراته التمثيلية (التي بدأها عام 2006) إلى مهنيّة احترافية، متمكّنة من تحرير الأداء من ضغطِ المشترك هذا، كي يصنع الممثل صُورًا متتالية عن جمالية التمثيل، وحِرفيته.
والروائيّ هذا يبقى أكثر الأفلام حضورًا في الوعي الجماعي لمحبّي السينما، ربما لكونه "أحدث" الإنتاجات السينمائية وآخرها، أو ربما لجماليات الأداء التمثيلي، مع رادماين، كما مع البريطانية فيليسيتي جونز (1983)، بتأديتها دور جاين وايلد، أول فتاة تُغرم به، وتُعانِد من أجل حقّها في الحبّ والارتباط بمن تحبّ، رغم عوائق المرض.
دورٌ يضعها في مرتبة متقدّمة في المشهد العام للفيلم، خصوصًا في عيشها تحوّلات القلب والروح والجسد والانفعال، كأنها تعكس شيئًا من حقائق الذات وتمزّقاتها، إزاء رجلٍ يُدرك طبيعة النفس البشرية، ويتعامل بواقعية شديدة مع المنعطفات والرغبات.
أما وثائقيا مورّيس وفينّيغان، فمختلفان، رغم تشابههما في سرد فصولٍ من السيرتين الحياتية والمهنيّة/ العلمية لهوكينغ: الأول (تاريخ قصير للزمن) ملتزمٌ مفردات السيرة الحياتية للشخصية الرئيسية الوحيدة فيه، على مدى 80 دقيقة.
والثاني ("هوكينغ"، 94 دقيقة)، وإن يلتزم مفردات كهذه أيضًا، يمنح معارف الشخصية الرئيسية حيزًا لأقوال واعترافات وشهادات، عن مرحلة خصبة في حياته، منذ طفولته المتواضعة (ابن باحث بيولوجي ومناضلة سياسية، وشقيق أختين، وله أخ بالتبنّي)، إلى بلوغه مرتبة "الأيقونة" العلمية التي يمتلكها، مرورا ـ طبعًا ـ بالحالة المرضية المُصاب بها منذ أن كان في الـ21 من عمره.
كما يظهر هوكينغ، إلى جانب 54 عالمًا ومثقفًا وسياسيًا، في الوثائقي "الساعة 11" (2007) للثنائي ناديا كونرز وليلى كونرز بيترسن (إنتاج ليوناردو دي كابريو)، لتقديم آراء حول البيئة، والحلول الممكنة للأزمات العديدة في هذا المجال.
هكذا تصنع السينما حكاياتها، وبعض الحكايات مأخوذٌ من عيشٍ يمنح الصورة شيئًا من جمالها. كأن السينما متوافقة وستيفن هوكينغ، بنصيحته إلى أولاده: "انظروا إلى النجوم، لا إلى أسفل قدميك". ألا تخترق السينما، هي أيضًا، تلك النجوم، وما وراءها؟